حوار: سمر رضوان
تشهد جمهورية أرمينيا مظاهرات احتجاجية بدأت في وقت سابق من أبريل/نيسان الفائت، على خلفية تولي الرئيس السابق “سيرج سركسيان” لرئاسة مجلس الوزراء، بعد ان شغل منصب رئيس الجمهورية لسنوات عدة، الأمر الذي أزعج المعارضة واعتبرت أنه امتدادا لسلطة الحزب الحاكم، حيث طالبت بأحقية تولي مهام رئاسة الحكومة. لكن يبقى السؤال عن ابعاد هذه الاحداث ومدى ربطها بأحداث مشابهة حدثت في تلك المنطقة.
لتفاصيل أكثر عن الأزمة الأرمنية وتداعياتها، يشرح الأستاذ جيراير رائيسيان، عضو مجلس الشعب السوري، لـ “سيتا” حول هذه الأزمة.
استثمار للمعاناة
لا تمتاز أرمينيا بالكمال أو رفاهية شعبها، وخاصة أنها جمهورية لها من العمر ربع قرن، واجهت وما تزال تواجه خلال هذه السنوات حصاراً اقتصادياً من قبل تركيا، إضافة إلى ضغوطات ومؤامرات سياسية من تركيا وأذربيجان وحلفائهما، وبالأخص إثر النضال التحرري لسكان إقليم آرساخ الأرمني (ناغورني كاراباخ)، الإقليم الذي وضع أيام الحكم السوفياتي داخل التنظيم الحدودي الإداري لأذربيجان، وإثر انهيار الاتحاد أعلن سكانها الانفصال، انطلاقاً من مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرهم، ولن ننسى أن تركيا مع إسرائيل هما اول من ساند أذربيجان ضد سكانها الأرمن. فأرمينيا دولة فتية وانطلاقتها كانت عبر طريق شائك، ومن الطبيعي أن يكون لها صعوبات عديدة، إلى جانب العديد من الأمور التي تحتاج إلى إصلاحات مقابل تطلعات شعب على مستوياته المختلفة لتحسين أوضاعهم الحياتية والمعيشية لتحقيق غد أفضل، فكان نتيجة ذلك التعديل الذي جرى على الدستور، ليتحول نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني، فهذه الصعوبات من النواحي الاقتصادية وغيرها، أصبحت أرضية خصبة وجاهزة لتحريك الماء وتعكيره، وتدعم من قبل قوى لها أجنداتها ومصالحها تسعى إلى الاستفادة من هذه الفرصة لتحقيقها.
ثورة “مخملية”؟!
لا أريد الدخول في تفاصيل وصف الأحداث في أرمينيا، إن كانت “مخملية” أم غير، لكن ما نعرفه جميعاً أن بدأت بتظاهرات تطالب باستقالة أو تنحي رئيس الوزراء المنتخب وفق معطيات دستور البلاد، والذي كان سابقاً رئيسا للجمهورية على مدى دورتين متتاليتين، وبعد أيام إبان تضخم موجة الاحتجاجات، نجده قدم استقالته لينتخب البرلمان رئيس وزراء جديد، والمرشح الجديد يتقدم زعيم المعارضة الذي لم يتمكن خلال هذه الجلسة تأمين نسبة الأصوات المطلوبة، الآن ننتظر نتائج الجلسة المقبلة خلال أيام من هذا الشهر لنعرف ما هو الجديد.
روسيا والمعارضة الأرمنية
بالنسبة لمسألة عودة “الثورات” الملونة إلى الحدود الروسية، فهل أعلن أحد عن نهايتها لنفكر عن عودتها؟ هذا ليس مستبعداً في مسلسل الألوان هذه، فالألوان كثيرة والتسميات كثيرة، والأطماع في السياسة والآمال لدى الشعب لا حدود لها وصراع المصالح لم يكن بأمر جديد، بل تأتينا منذ أقدم العصور في التاريخ إلى اليوم وما بعدنا ستستمر بالتأكيد.
تاريخ العلاقات الأرمنية – الروسية قديم جداً ولها جذور عميقة عبر التاريخ، وجمهورية أرمينيا تربطها اليوم مع روسيا العديد من الاتفاقات العسكرية الاقتصادية والاستراتيجية السارية المفعول، والتي تمتاز باحترام تام بين الطرفين دون المس بسيادة أحدهما عن الآخر، كما لأرمينيا علاقات صداقة جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام، وقد يكون للبعض في صفوف المعارضة تعاطفاً باتجاه الغرب، والولايات المتحدة تحديداً، إلا أن الحركة التي نراها اليوم في الساحات في هذه الأعداد الكبيرة تبدو دون توجه سياسي خارجي اضح.
الاعتماد على الوعي
في قناعتي لن نصل إلا لإرادة الشعب ولا بد أن ينتصر يوماً الحق آجلاً أم عاجلاً لكن للأحداث ثمنها وتخفيف هذا الثمن يعود لحكمة ووعي الشعب الأرمني والمسؤولين وقراءتهم الواقعية والموضوعية للحاضر والمستقبل، وإجراء لقاءات تقارب وتفاهم بين التيارات السياسية المختلفة، واضعين مصلحة الوطن والشعب فوق كل الاعتبارات، واتخاذ قراراتهم على ضوئها، لتقليل خساراتهم، والقواسم مشتركة مع الأزمة السورية، لا أستبعد ذلك، فحلقات السلاسل دائما تتشابه وتترابط.
مصدر الصورة: روسيا اليوم.