إعداد: يارا انبيعة

بعد مرور أشهر على خفض الدعم المادي، في خطوة لمعاقبة الفلسطينيين بسبب انتقادهم لاعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بشكل كامل.

وذلك ضمن جزء من تصميمها على وضع أموالها في المجالات التي تخدم سياستها، بينما تسعى لإعادة حساب إنفاق المساعدات الخارجية الأمريكية وإعداد خطتها للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

قرار جماعي

مصادر صرحت بأن قرار ترامب اتخذ خلال اجتماع بداية آب/غسطس 2018، بين ترامب ومستشاره وصهره جاريد كوشنر، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وأضافت أن الإدارة الأميركية أبلغت حكومات دول عديدة بهذا القرار، وأوضحت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن وزارة الخارجية الأميركية، رفضت التعليق على هذا الاجتماع لكنها قالت إن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأونروا تخضع لتقييم ومناقشات داخلية بشكل مستمر.

وتقدم الولايات المتحدة نحو 350 مليون دولار سنوياً للمنظمة، بشكل يفوق إسهام أي دولة أخرى، ويمثل هذا المبلغ أكثر من ربع الميزانية السنوية للمنظمة البالغة 1.2 مليار دولار.

فيما قال بيير كرينبول، المفوض العام لوكالة الأونروا في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس الأمريكية: إن قرار الولايات المتحدة الصادر في وقت سابق من العام الجاري بخفض ميزانية الأونروا جاء لمعاقبة الفلسطينيين بسبب انتقادهم لاعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتعاني الوكالة الأممية من أزمة مالية خانقة، جراء تجميد واشنطن 300 مليون دولار من أصل مساعدتها خلال هذا العام.

كارثة إنسانية

من جهتها نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين مطلعين على القرار، أنه في إعلان سوف يتم إصداره في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، تعتزم الإدارة للإعراب عن رفضها للطريقة التي تنفق بها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأموال.

وقال المسؤولون، الذين لم يتم تحديد هويتهم، إن الولايات المتحدة سوف تدعو إلى تخفيض حاد في عدد الفلسطينيين المعترف بهم كلاجئين، حيث خفضت عددهم من أكثر من 5 ملايين شخص بما في ذلك أحفادهم إلى أقل من عُشر هذا العدد، أو أولئك الذين ما زالوا أحياء منذ إنشاء الوكالة قبل 7 عقود.

ومن شأن أي تخفيض من هذا القبيل أن يلغي فعلياً بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، “حق العودة” إلى الأرض المتنازع عليها مع إسرائيل، وكانت الولايات المتحدة قد قلصت إسهاماتها المالية لوكالة أونروا مؤخراً بمعدل النصف، زاعمة أن الوكالة تحتاج إلى إصلاحات.

وقال العديد من خبراء السياسة الخارجية والأمن الإقليميين، بما في ذلك في إسرائيل، إن خفض ميزانية الأونروا وسط دعوة إلى إلغاء تسجيل اللاجئين، سيؤدي إلى تفاقم الحالة الإنسانية الكارثية بالفعل خاصة في غزة، ويزيد بشكل حاد من مستوى العنف.

وبالإضافة إلى المساهمات المالية المقدمة للأونروا، قدمت الولايات المتحدة مساعدات ثنائية مباشرة إلى الضفة الغربية وغزة، وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنه سيتم إعادة توجيه أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات المخصصة لهذا العام بالفعل إلى مكان آخر.

وأضافت أن التخفيضات في التمويل، إلى جانب التحولات في السياسة بما في ذلك الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل، هي جزء من إعادة تشكيل رئيسية لسياسة الأمريكية بشأن الشرق الأوسط في ظل إدارة الرئيس ترامب.

أين الدول العربية؟!

في كلمة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي: أن الإدارة تريد من دول أخرى في المنطقة تحمل راية حقوق الفلسطينيين أن تقدم إسهامات مالية، وتساءلت أين المملكة العربية السعودية؟ أين الإمارات العربية؟ أين الكويت؟ ألا يهتمون بما يكفي بالفلسطينيين ويقدمون الأموال للتأكد من أنه يتم رعابة الأطفال الفلسطينيين؟.

ورغم قيام دول عربية وأوروبية بتقديم إسهامات مالية ضخمة لوكالة أونروا، إلا أن الولايات المتحدة تعد أكبر مساهمة بأموال للوكالة حيث قدمت ثلث ميزانية الوكالة البالغة 1.1 مليار دولار في عام2017.

وفيما يقوم بإعداد خطة سلام، يسعى البيت الأبيض إلى استبعاد حق العودة من على طاولة المفاوضات، كما قال ترامب إنه استبعد مستقبل مدينة القدس المتنازع عليها من المفاوضات في أواخر العام الماضي عندما اعترف بها كعاصمة لإسرائيل.

جائزة كبيرة

من جهة ثانية، قال مسؤولان أميركيان إن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون طرفاً في أي تسوية بين إسرائيل وحركة حماس بشأن قطاع غزة، وذكرت صحيفة “هآرتس”، أن السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان حذر من أن التسوية في غزة دون مشاركة السلطة الفلسطينية، التي يترأسها محمود عباس، هي جائزة كبيرة لحركة “حماس.

وأضاف فريدمان الذي كان يتحدث هاتفيا لمشاركين في جلسة مغلقة من أعضاء الكونغرس اليهودي-الأميركي، أن اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لا يمكن أن يتحقق إن لم يكن مع كافة الفلسطينيين، بمن فيهم سكان قطاع غزة، وتابع، من ناحية مثالية يجب أن تكون هناك حكومة واحدة، وتجاوز السلطة الفلسطينية ومحاولة ترتيب اتفاق متعلق بغزة فقط سيكون جائزة كبيرة لصالح حركة حماس”.

وشدد على أنه رغم كل الخلافات مع السلطة الفلسطينية، لكن عند تخيير واشنطن بين السلطة وبين “حماس” فستختار السلطة الفلسطينية.

 بدوره، أكد المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات على ما قاله فريدمان، وأضاف في تصريح صحافي نشرته وزارة الخارجية الأميركية، أنه يجب أن تكون السلطة الفلسطينية جزءاً من الحل في غزة، وإلا فسيملأ الفراغ آخرون.

وانتقد غرينبلات ما وصفه بمحاولات السلطة الفلسطينية وضع عقبات في طريق الجهود المصرية للتوصل لتسوية بين إسرائيل و”حماس” في غزة، وقال إن إدارة ترامب، تدعم جهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإعادة الهدوء في غزة، ولاستعادة السلطة الفلسطينية المسؤولية في القطاع.

وأضاف أن الفلسطينيين في غزة والإسرائيليين قربها عانوا كثيرا، وآن الأوان لأن تعود السلطة إلى قيادة الشعب الفلسطيني كله.

الخَيار العسكري موجود!

وفي السياق، قال وزير السياحة الإسرائيلي ياريف ليفين، إن إسرائيل غير معينة باللجوء الى إجراءات عسكرية ضد قطاع غزة، ما دام يمكن التوصل الى حلول سياسية، لكنه لوّح بإمكانية اللجوء للخيار العسكري، كحل “أخير”. وأضاف في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية، أن الخيار العسكري موجود دائما، ولكنه الأخير.

ومع ذلك، استبعد ليفين إمكانية التوصل الى تسوية مع “حماس”، تصمد فترة زمنية ملموسة، وقلّل من تهديدات رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار.

رفع الحصار

من جهته، قال القيادي في “حماس” خليل الحية، إن مفاوضات وقف إطلاق النار، الجارية منذ أسابيع تبحث إعادة تثبيت تفاهمات وقف إطلاق النار المعمول به منذ عام 2014 مقابل رفع الحصار عن القطاع.

ونفى خلال لقاء صحافي، وجود “اتفاق جديد للتهدئة”، مؤكداً أن ما يتم تداوله هو تثبيت للتفاهمات القديمة المعمول بها منذ عام 2014، وأوضح أن الأمم المتحدة ومصر، عرضتا رزمة شاملة من المساعدات الإنسانية تشمل فتح للمعابر والبحر، وحل مشكلة الكهرباء، وحل مشكلة الموظفين، وجلب مشاريع اقتصادية غزة، وإنشاء مشاريع لتدعيم البنية التحتية، مضيفاً أن بعض تلك المشاريع بدأ العمل بها.

 

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: سبوتنيك.