إعداد: يارا انبيعة

في إشارة إلى العالم بأن روسيا تمضي في تعزيز وتقوية قواتها المسلحة كي لا تفكر أي دولة في العالم في شن العدوان عليها، استعرض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 14 سبتمبر/أيلول 2018، قوات تشارك في مناورات “فوستوك (الشرق) – 2018”.

مناورات “الشرق – 2018″، التي انطلقت في11 سبتمبر/ أيلول 2018 في شرق روسيا، شهدت استخداماً واسع النطاق لمنظومات متطورة مثل منظومة الحرب الإلكترونية الحديثة، كما كانت المرة الأولى التي تدعو فيها روسيا دولاً من خارج دائرة حلفاء الاتحاد السوفياتي السابق للمشاركة في أكبر تدريبات سنوية تجريها، حيث تعتبر هذه المناورات، التي شاركت فيها كل من الصين ومنغوليا، الأضخم منذ عقود بعديد بلغ حوالي 300 ألف عسكري، و36 ألف دبابة ومدرعة، وأكثر من 80 ألف مروحية وطائرة مسيرة.

فيما قال مراقبون أن ما يميزها ليس نطاقها الواسع فقط، بل وأيضاً عدد من التغييرات الجديدة التي أُدخلت في مسار تدريبات الجيش الروسي الأضخم منذ العام 1981.

المهمة أُنجزت

قال الرئيس الروسي “اكتملت المرحلة الأكثر نشاطا في ميدان “تسوغول” التدريبي بإقليم ما وراء البايكال، ونفذت المناورات على مستوى عال، حققت فيها جميع الوحدات وتشكيلاتها المهام الموكلة إليها”، وأضاف “أنها أظهرت قدرة روسيا على مواجهة أي تهديات جدية”، مؤكداً أن روسيا “دولة محبة للسلام ولا تتبنى أي خطط عدوانية وسياستها الخارجية تهدف إلى التعاون البناء مع جميع الدول المهتمة بالتعاون.”

ورأى مراقبون أن كلمة الرئيس بوتين هذه لم تأتِ بالصدفة، بل أتت في وقت تتصاعد فيه حملة عدائية غربية تجاه روسيا، منذرة بإحتمال الاعتداء عليها، مع زيادة احتمال نشوب حرب جديدة على مستوى العالم.

ترسانة ضخمة

دعمت مدافع المنطقة العسكرية الشرقية المشاركة في ميدان “تسوغول” التدريبي وحدات المشاة والدبابات المهاجمة بنيرانها، وشكلت النيران الكثيفة ستارا ناريا على جبهة بلغ طولها 3150 متراً، ونقل الستار إلى الأمام مع تطور هجوم الوحدات الصديقة وتقدمها في الجبهة.

وشاركت في عملية تشكيل الستار الناري 7 كتائب ذاتية الحركة لمدافع هوتزر، أما العدد الإجمالي للمدافع المشاركة في التدريبات فبلغ 150 مدفعاً، من بينها مدافع هوتزر “أكاتسيا” و”غفوزديكا” و”مستا – إس” ومدافع “غياتسينت” و”بيون”. ونفذ رجال المدفعية خلال التدريبات 68 مهمة نارية.

أما ميدان “بيكينسكي” التدريبي، الواقع في إقليم خاباروفسك الروسي، فشهد تنفيذ أحد سيناريوهات المناورات، حيث خاضت وحدات الجيش الخامس للمنطقة العسكرية الشرقية للجيش الروسي عمليات دفاعية رامية إلى ايقاف هجوم العدو الافتراضي، والانتقال إلى الهجوم المضاد لاحقاً. كما شاركت في العملية راجمات صواريخ “غراد” ومدافع “شيلكا” المضادة للجو ومنظومات “إيغلا” المنقولة المضادة للطائرات.

هذا وشاركت مجموعة تكتيكية ضاربة من سفن أسطول المحيط الهادئ الروسي، وأجرت تدريبات بهدف تحقيق التعاون مع مجموعات سفن مقاومة الغواصات العاملة في المنطقة نفسها، وتتألف المجموعة من طراد “فارياغ” وسفينتين كبيرتين لمكافحة الغواصات، وتدرب أطقم السفن على تنفيذ بعض المناورات وعمليات إعادة تشكيل السفن بمشاركة الدفاعات الجوية البحرية.

وبلغ العدد الإجمالي للسفن المشاركة في التدريبات 20 سفينة حربية ومساعدة، فيما أجرت مجموعة من السفن الحربية التابعة للأسطول الشمالي الروسي، في بحر بيرنغ بشمال شرق روسيا، تدريبات على البحث عن السفن المستغيثة وإنقاذ أطقمها، وشاركت في التدريبات سفينة مقاومة الغواصات الكبيرة “الأميرال كولاكوف”، وسفينتا الإنزال الكبيرتان “ألكسندر أوتراكوفسكي” و” كوندوبوغا” وسفينة الإنقاذ “بامير” وكاسحة الجليد “إيليا موروميتس”، واستخدمت سفينة مقاومة الغواصات “الأميرال كولاكوف” مروحية “كا – 27” البحرية المرابطة على متنها بغية تحديد إحداثيات سفينة مستغيثة بدقة.

تشكيك أمريكي

لا يعتقد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بأن روسيا والصين لديهما في الجانب العسكري الكثير ما يجمعهما على المدى الطويل. ماتيس، في معرض إجابته على سؤال عما إذا كان قلقا أم لا من احتمال تشكيل تحالف عسكري بين روسيا والصين على خلفية مشاركة القوات الصينية في المناورات، أشار إلى أن هاتين الدولتين تعملان في إطار مصالحهما الخاصة، لكن على المدى البعيد لا يوجد في حقيقة الأمر ما يوحدهما.

قلق ياباني

عبرت اليابان عن قلقها إزاء التعزيزات العسكرية الروسية في المنطقة، خصوصاً في سلسلة جزر “الكوريل”، التي تطالب طوكيو بأربع منها في نزاع يعود إلى الحرب العالمية الثانية حال دون توقيع الدولتين على معاهدة سلام. وقالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية إن المناورات العسكرية التي أجرتها روسيا في شرق البلاد أثارت مخاوف اليابان، مشيرة إلى أن تلك التدريبات تضمنت محاكاة لغزو بحر اليابان.

رسالة إلى أوروبا

يرى بعض الخبراء العسكريين والسياسيين أن مناورات “فوستوك – 2018” قد تبعث برسائل واضحة المعالم إلى أوروبا، وهو ما قد يمثل تهديداً واضحاً للمنطقة، حيث أشار بعض المحللين إلى أن “المناورات العسكرية الروسية مع الصين، قد تثير مخاوف أمنية بين الدول الأوروبية التي تترقب لترى كيف قد تتحدى بكين وموسكو قوى عالمية أخرى بخلاف تحديها المستمر والواضح للولايات المتحدة الأمريكية”، فيما صرح مسؤولون صينيون بأن تركيز التدريب امتد من المناورات المناهضة للإرهاب في التدريبات السابقة إلى مناورات الهجوم المضاد، وتطوير مهارات الدفاع، فضلاً عن بناء الثقة المتبادلة مع روسيا.

وعلى الرغم من نفي وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن تكون المناورات موجهة ضد حلف الناتو، إلا أنها تثير المخاوف لدى الحلف، بوجه عام، ولدى واشنطن، بشكل خاص، مع الأخذ في الإعتبار مدى تطور العلاقات الإستراتيجية “الصينية – الروسية”. إلا أنه وفي الآونة الأخيرة وعلى الرغم من أن المناورات تجرى على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الغربية لروسيا، وصفت العديد من التقارير الإعلامية الغرببة المناورات بـ “التوجه العدواني” ضد حلف الناتو والإتحاد الأوروبي.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: Business Insider UK – سبوتنيك.