حوار: سمر رضوان
تفاجأ العالم بالقرار الأمريكي حول إنسحاب القوات العسكرية من سوريا، والذي جاء بحسب تقاطع المعلومات الإعلامية، قرارا منفردا، ولم يتم إعلام أي دولة حليفة متداخلة في الأزمة السورية، كتركيا أو بريطانيا أو فرنسا. فيما عزت مصادر أنه جاء بالتنسيق معهم، الأمر الذي وضع تركيا أمام وضع جديد لناحية تأجيل عمليتها العسكرية على شرقي الفرات.
عن الأهداف التركية في تلك المنطقة ومدى ارتباطه بالإنسحاب الأمريكي، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ محمود أبو حوش، الكاتب والمحلل السياسي، عن هذا الموضوع
أهداف أنقرة
إن حالة “التذبذب” في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، ما بين التوتر والتهدئة، جعلها بعيدة عن “الدفء” الذي ما كان ليحدث لولا حدوث اتفاق بينهما، وربما تتجلى لنا محاور هذا الاتفاق في شراء تركيا لمنظومة باتريوت الأمريكية، وقرار الانسحاب الامريكي من منطقة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة في شرق الفرات، فبحسب العديد من المراقبين، إن هذا الإنسحاب يمكن اعتباره رداً امريكياً على تحالف أنقرة مع روسيا وكسبها في صالحها، وبالتالي كان ردها على صفقة “إس.400” الروسي بصفقة بطاريات “باتريوت” الأمريكية إلى جانب فتح الطريق لها في الشمال السوري ضد قوات سوريا الديمقراطية – “قسد”.
على هذا الأساس تدرك أنقرة جيداً أن واشنطن “تغازلها” في إطار صد التحالف بينها وبين موسكو؛ لذلك، تريد تركيا استغلال الوضع من أجل فرض سيطرتها على منطقة الشمال، التي تنازلت عنها بموجب معاهدة لوزان العام 1923. وبالتالي، تكمن الأهداف التركية في السيطرة على المنطقة الواقعة من عفرين حتى منبج مستغلة بذلك التقارب مع واشنطن و”المباركة” الروسية والأوروبية لهذه العملية على الكرد في شرق الفرات.
العدول عن القرار
لكن السؤال هنا: هل يمكن الوثوق في هذا القرار الأمريكي؟ في الحقيقة، إن قرار الإنسحاب هذا لا يحمل في طياته أية مصلحة أمريكية في المنطقة على الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يرى أن مصلحة بلاده لا تكمن في وجود قوات لها في المنطقة، وهو ما يخالف رؤية البنتاغون.
ولكن ما لا يعرف حتى الآن هو مدى إمكانية العدول عنه، وهي فرضية قائمة، خصوصاً وأنه يحمل في طياته عدم الجدية. وما يدل على ذلك، وضع خطة انسحاب 2000 عنصر في مهلة تتراوح ما بين 60 إلى 100 يوم، وهي فترة طويلة نسبياً مقارنة بعدد الجنود.
من هنا، ربما يكون هذا القرار بمثابة “بالون اختبار” لما قد تؤول إليه الأوضاع في حال انسحاب واشنطن من المنطقة، أكثر منه حقيقي.
مصدر الصورة: Alabama Today.