حوار: سمر رضوان
تذرع أفيغدور ليبرمان، وزير الحرب الإسرائيلي، أن سبب استقالته جاء على خلفية قبول الهدنة بعد قتال يومين مع الفصائل الفلسطينية في غزة، معتبراً هذا الأمر “استسلام” للإرهاب، معلناً عن انسحاب حزبه من الحكومة، وداعياً إلى إجراء انتخابات مبكرة. يأتي هذا التصعيد إثر خلاف حاد مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وتضعضع في البيت الداخلي الإسرائيلي.
عن الأسباب والدوافع الحقيقية وراء هذه الإستقالة، وتأثيرها على الحكومة الصهيونية، سأل مركز “سيتا”، العميد المتقاعد شارل أبي نادر، الباحث والخبير العسكري اللبناني، عن تداعيات هذا الموضوع سياسياً وعسكرياً.
فشل إستخباراتي
في الظاهر، جاءت استقالة الوزير ليبرمان على خلفية خلاف في الرأي مع رئيس حكومته، نتنياهو، حول “استسلام” الأخير لمعادلة جديدة فرضتها المقاومة الفلسطينية، في جولة المواجهة الأخيرة بين الطرفين، بعد العملية الفاشلة لوحدات خاصة عدوة في خان يونس، وما تبعها من تداعيات، ظهرت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية بمستوى متقدم من القدرة والتماسك والإمكانيات العسكرية.
لكن في الحقيقة، جاءت الإستقالة على خلفية فشل العملية وفشل أجهزة الأمن والمخابرات في ضبط المستوى الذي توصلت إليه فصائل المقاومة الفلسطينية مؤخراً فيما امتلكته من أسلحة وصواريخ نوعية، أولها “الكورنت” المضاد للدروع، وما توصلت إليه من مستوى متقدم في مناورة إطلاق صواريخها حيث عجزت القبة الحديدية عن مواجهتها. أضف إلى ذلك ما نشرته قناة الميادين عن “كمين العلم” والعبوة الناسفة التي أصابت مجموعة جنود صهاينة، ظهروا بمستوى متدني من الحرفية والخبرة العسكرية، لا يليق بمكانة جيش العدو.
إهتزاز “البيت اليهودي”
صحيح أن الصراع العلني الآن يدور حول إمكانية استمرار الحكومة التي تحتاج عدم استقالة “حزب البيت اليهودي”، الذي يشترط تسليم حقيبة وزارة الأمن لرئيسه، نفتالي بينيت، كشرط للبقاء في الإئتلاف الحكومي، لكن من الطبيعي أن دوائر القرار لدى العدو تبحث الآن عن مناورة، تعيد المبادرة إلى جيشه بمواجهة المقاومة الفلسطينية وما أظهرته من قدرات غير متوقعة.
من جهة أخرى، كان التوتر السياسي دائما يطبع علاقات أغلب مكونات السلطة في “إسرائيل”، ولكن هذه الخلافات لم تشكل أبداً، ولا في أية لحظة، عائقاً أمام ما يتطلبه الأمن القومي الإسرائيلي ومصلحة الكيان، حيث كان الجميع يذهب في النهاية نحو تأمين ما تحتاجه معركتهم من عناصر لإنجاحها.
أزمة حكومية
من هنا، يمكننا الإستنتاج أن مناورة العدو ستكون على الشكل التالي:
- المحافظة على الائتلاف الحكومي، أقله في المدى القريب، ريثما تضعف تداعيات المواجهة الأخيرة مع غزة، وذلك إما بإقناع حزب “البيت اليهودي” ورئيسه بتسوية حكومة مع إبقاء وزارة الأمن مع نتنياهو كما يرى الأخير أن ذلك مناسباً الآن لإمتصاص صدمة استقالة ليبرمان، وإما بخضوع نتنياهو لبينيت وتكليفه بوزارة الأمن للمحافظة على الإئتلاف الحكومي.
- الإبتعاد حالياً عن أي عمل عسكري واسع في غزة، وهذا يمكن استنتاجه أولاً من استقالة ليبرمان، والتي كان بالإمكان تفاديها وتفادي الأزمة الحكومية المرتقبة، لو أن هناك قراراً بعملية على غزة. ثانياً، لو وجد قرار بالحرب لكانت انطلقت مباشرة من حالة الإشتباك التي كانت قائمة.
- العمل على تضييق الخناق على غزة، مع إطلاق العنان أكثر للإستهدافات الجوية الموضعية.
- الإبتعاد عن أي عمل عسكري أبعد من حدود الكيان في الوقت الحاضر، لأن ظروفه وعناصره غير مناسبة اليوم لأسباب عدة؛ منها بالأساس قواعد الإشتباك الجديدة التي فرضت على “إسرائيل” مؤخراً في سوريا. ومنها اليوم، حتمية اشتراك أكبر عدد ممكن من أطراف محور المقاومة مجتمعين بمواجهة أي اعتداء إسرائيلي.
مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية.