حوار: سمر رضوان

جاء الرد السوري – الروسي القوي على الإعتداءات المتكررة لقطع الطريق على استغلال إصرار الدولة السورية على ممارسة سياسة ضبط النفس والرد على الإعتداءات موضعياً، حيث سعت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) إلى تصعيد اعتداءاتها على نحو بات يهدد بتحولها إلى حرب استنزاف حقيقية ضد الجيش السوري، ليعقب ذلك اجتماع رؤساء الأركان لجيوش كل من سوريا وإيران والعراق، منذراً بأن محور “أعداء” سوريا لن يفهموا إلا لغة “الضرب على الطاولة”.

حول هذه الملفات لا سيما بُعيْد اجتماع رؤساء أركان جيوش إيران وسوريا والعراق، إلى جانب الغارات الروسية، سأل مركز “سيتا”، الدكتور إليان مسعد، أمين عام حزب المؤتمر الوطني من أجل سوريا علمانية ورئيس هيئة العمل الوطني السوري المعارضة، حول هذه التطورات الأخيرة.

المرحلة الأولى

مما لا شك فيه أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، “يراوغ” مدعياً أنه لم يستطع لجم تنظيم “جبهة النصرة”. في الحقيقة، ما حصل هو قيام الرئيس أردوغان بلم السلاح الثقيل من الفصائل التابعة للمخابرات التركية، مما أتاح لجبهة النصرة الإستيلاء على كامل محافظة إدلب، ومن ثم البدء بالتحرش بالجيش السوري، فكان لا بد من رد مقابل بكل الوسائط، من صواريخ ومدفعية وطيران.. إلخ.

إضافة على ذلك، قام الطيران الروسي بقصف أماكن منتقاة للتنظيمات الإرهابية المسلحة، وهذا الأمر بإعتقادي شكل رسالة الى أنقره مفادها ضرورة الوفاء بالإلتزامات المتفق عليها سواء بالرضى او بالقوة. برأيي، أن هذه الضربات ستتوقف ثم تتجدد ثم تتوقف وهكذا دواليك إلى حين الإنتهاء من المرحلة الأولى التي تأخرت أربعة أشهر الآ وهي تسليم الطرقات “حلب – حماة” ، “اللاذقية – جسر الشغور – حلب”.

هامش ضيق

ما سبق، يقودنا إلى السؤال التالي: هل عودة الغارات الروسية تعني إقتناع روسيا بفشل تركيا؟ هنا، اعتقد أن تركيا تتموقع في خندق من اثنين؛ فإما انها تراوغ لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، أو فعلاً يتباطىء الرئيس أردوغان بالتنفيذ بإنتظار الإنتخابات المحلية التركية التي قد يخسرها.

اما بالنسبة الى الوفد العسكري الإيراني الذي جاء إلى سوريا، فلقد وجه رئيس الأركان الإيراني رسالة واضحة اشار فيها الى ضرورة القضاء على الإرهاب، في شرق سوريا والشمال الغربي لمحافظة إدلب، بأي شكل من الأشكال. كما أكد على موضوع إرهاب جبهة النصرة، وعلى موضوع التواجد الأمريكي في الشمال الشرقي، وهو مؤشر آخر، بعد الغارات الروسية والتصعيد المبدئي الإيراني، الذي قد يتبعه تصعيد عسكري أيضاً. إذاً، لا يزال لدى أنقره هامش من الوقت لكنه هامش ضيق كي تنتهي من جبهة النصرة. بأعتقادي، ستخضع تركيا في النهاية.

أردوغان أمام خيارين

إن حجم التبادل الروسي- التركي والإنغماس الإقتصادي بحوالي 30- 40 مليار دولار إضافة إلى السيل الجنوبي، كلها مواضيع حساسة جداً لدى تركيا. اضافة الى تزويد تركيا بمنظومة “إس – 400” الروسية، ناهيك عن انها ايضاً عضو ضامن في محادثات “أستانا” ومنخرطة في منصة “سوتشي”.

من هنا، يمكن القول بأن الغارات الروسية تشكل رسالة للتذكير بالقدرة على الحسم جوياً ومع الجيش السوري برياً، لكنهما يتريثان بسبب مناشدة المجتمع الدولي لجهة الخوف من سقوط ضحايا مدنيين. هذه الرسالة أرادت روسيا إيصالها إلى الرئيس أردوغان بأن الخيار العسكري لا يزال مطروحاً على الطاولة؛ فإذا كان جاداً، يمكنه إقناع المتعاونين معه من المسلحين بالتعامل مع المخابرات التركية وحل أنفسهم والإختفاء بين المدنيين واللاجئين، او ان يذهبوا بالإتجاه الآخر وهو التصعيد العسكري الذي سيؤدي إلى محوهم، على غرار ما حدث لتنظيم “داعش” في المناطق الشرقية، كدير الزور والبوكمال والميادين وغيرها.

اذاً، لا شك بأن الرسائل الروسية الموجهة الى الطرفين، الرئيس أردوغان والتنظيمات الإرهابية المسلحة، سيستشف منها حقيقة ومدى جدية الرئيس التركي في تنفيذ ما تم الإتفاق عليه.

 

مصدر الصورة: موقع العهد الإخباري.