حوار: سمر رضوان

أزمة سياسية تعصف ببريطانيا بعد نجاة رئيسة وزراء، تيريزا ماي، من أزمة سحب الثقة في حكومتها، على خلفية رفض نواب البرلمان البريطاني إتفاقها الخاص بخروج البلاد من الإتحاد الأوروبي. ومن الناحية القانونية، لا يزال من المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي، في 29 مارس/آذار 2019، إذ ينبغي على الاتحاد الأوروبي تحديد شروط وأحكام أي تمديد.

عن تداعيات خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وخاصة الملفات الخارجية منها، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ باسم أبو طبيخ، الباحث في العلاقات الدولية، حول هذا الموضوع.

الإستفتاء وأسبابه

قبل الإستفتاء، لم يكن هناك وفاق كامل بين جميع الأحزاب البريطانية، لا سيما الحزبين الأكبر في البلاد أي المحافظين والعمال. من هنا، جاء الإستفتاء مخرجاً لهم من أجل الهروب إلى الأمام.

برأيي، المشكلة لم تحل بالإستفتاء لأن المسألة صعبة إذ لم يتم تثقيف الشعب لجهة منافع وأضرار الخروج من الإتحاد، بل تم تفعيل الجانب العنصري وتهيئة الشارع على أنه سوف تكون هناك فرص عمل أكبر وحل لأزمات متعددة، أهمها أزمة السكن.

إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة في المسار الديمقراطي للأمور تكمن في إعطاء الحل للشعب في مسألة “تقرير مصير” التي تحتاج إلى العديد من المختصين. من خلال ذلك، تحاول الطبقة السياسية الهروب عبر رمي الكرة في ملعب الشعب.

مسار الإنسحاب

إن الخروج سيتم بإتفاق وليس بدونه، وهذا ما فوض به البرلمان الذي طلب تغيير نقاط الإتفاق من خلال تمديد الوقت، لغاية شهر يونيو/حزيران 2019 بدلاً من 29 مارس/آذار 2019، حتى يكون هناك مجال لرئيسة الوزراء، تيريزا ماي، لتغير الإتفاق، إضافة إلى مسألة مهمة جداً تكمن في عدم المشاركة في الإنتخابات الأوربية.

أما مسألة إعادة الإستفتاء مرة أخرى، يبدو أنه لا توجد شجاعة لدى أي من الأحزاب لإعادة طرحه في البرلمان مجدداً كونه مكلف انتخابياً في المستقبل، إذ لا أحد يستطيع التكهن، حتى لو حصل استفتاء جديد وهو مستبعد، ما إذا كان الخروج سيحصل بعد التعديل أم سيستمر التمديد إلى ما لا نهاية.

نكايات سياسية؟

لقد كان الإنقسام الداخلي هو الدافع الحقيقي وراء إجراء الإستفتاء. أما الخطة التي وضعتها ماي فهي تشمل حلولاً للعديد من المسائل الخلافية مع الإتحاد، مثل مسألة شمال آيرلندا وباقي الترتيبات مع إسكتلندا وجبل طارق وحتى التعامل التجاري والبقاء في السوق الأوروبية المشتركة. فالمسألة ليست نكاية لكن الموقف باقٍ كما هو عليه.

أما مسألة طرح الثقة بحكومة ماي، فهذا الأمر يحتاج إلى مرور عام، من تاريخ طرح الثقة الفائت، قبل أن تجدد فيه المعارضة الطلب.

حل بطيء

أعتقد أن كلفة ومشاكل الخروج وخسارة السوق المشتركة والذهاب إلى منظمة التجارة العالمية “WTO” هو علة العلل كون بريطانيا قد شاركت في تلك السياسات الإقتصادية المشتركة مع أوروبا قرابة الـ 50 عاماً. إضافة إلى هذا، هناك توجهات كثيرة تغيرت داخل لندن وذلك انسجاماً مع القانون الأوروبي، حتى على مستوى الجامعات والطرق وغيرها.

لكن وجود حلف الناتو والهيمنة الأمريكية ومحاولة تفكيك أوروبا مع الوقوف بوجه تأسيس جيش أوروبي، إلى جانب الخلاف الداخلي الأوروبي حول العديد من القضايا الدولية، مثل ليبيا مع إيطاليا، ومسألة غاز الشمال مع ألمانيا وفرنسا مع المنافسة الحادة بينهما على زعامة أوروبا، وانتعاش اليمين المتطرف، كلها أمور يجب التوقف عندها. لكن بإعتقادي أن الأمور ذاهبة إلى الحل، ولكن بشكل بطيء.

مصدر الصورة: جريدة الرياض.