حوار: سمر رضوان
وسط شكوك من إنعقاد “مؤتمر المنامة” بسبب تعثر تشكيل الحكومة الإسرائيلية، يبقى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ملتزماً بما خططه لإتمام “صفقة القرن”. ولنجاح هذا الأمر، يجب أن يكون هناك مقومات يؤسس عليها تكون مبنية على وقائع سياسية وعسكرية ليس فقط في فلسطين، بل في الشرق الأوسط كاملاً.
حول تفاصيل الصفقة التي ستبحث الإستثمارات في مؤتمر المنامة، سأل مركز “سيتا” الدكتور حسن مرهج، الخبير بالشؤون الشرق أوسطية وعميد كلية الإعلام في فلسطين، عن هذا الموضوع.
مقاربة غير منطقية
في الإطار العام لأي صفقة، لا بد أن يكون هناك مقومات تؤسس لها ويعمل على تفعيلها واقعاً. فيما يتم الترويج له عن “صفقة القرن” أعتقد أنه يجب البناء على الوقائع السياسية والعسكرية ليس في فلسطين فحسب، بل في الشرق الأوسط كاملاً، إن المقاربة يجب أن تكون منطقية لنصل إلى نتيجة نستطيع من خلالها التوصل إلى صيغة مناسبة لهذه الصفقة. فإن استخدام شعار “السلام الإقتصادي”، لكي يكون بداية للسلام السياسي أو العسكري، هو شعار غير واقعي لإفتقاره للمكونات التي يجب أن يبنى عليها.
بالتالي، أعتقد أن أية استثمارات قادمة في فلسطين يجب أن تكون مترافقة مع هدوء عسكري شامل في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، حيث أن المناخ الإقتصادي لا يعطي نتائج إيجابية ما لم يكن هناك مناخ سياسي مستقر، بمعنى أنه لا يمكن الإستثمار في ظل التخبط الحاصل في الداخل الاسرائيلي والمتزامن مع تصعيد سياسي من كلا الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني.
خطوة غير موفقة
من هنا نقول وبكل صراحة، إن هذا المؤتمر لن يشكل سابقة على مستوى الصراع العربي – الاسرائيلي، ولن يشكل أيضاً سابقة على مستوى الحلول السياسية المتعلقة بـ “صفقة القرن” عموماً. وبالتالي، اعتقد أن تسمية المؤتمر على أنه اقتصادي هي فقط اغراءات للفلسطينيين، حيث اتضح اليوم أن الحصار والضغط هدفهما جعل الفلسطيني يحتاج إلى لقمة العيش، وهذه الإغراءات المادية هي مقدمة للحصول على ما يريدون.
سلة مطالب
إن المنطق السياسي يفرض حضور الجانب الفلسطيني مع سلة من المطالب ذات سقف مرتفع، فالمقاطعة لن تشكل فرقاً جوهرياً، إذ أن التوافق ما بين الإدارة الأمريكية ودول الخليج مع إسرائيل هو الأساس. ضمن هذه الرؤية، نعود إلى المناخ العام لهذا المؤتمر، فمع المقاطعة الفلسطينية كيف سيكون مشهد هذا المؤتمر، هل سيشكل غيابهم فارقا، فأصحاب العلاقة بين الفلسطينيين من جهة، والإدارة الأمريكية ودول الخليج وإسرائيل من جهة أخرى، إن صح التعبير غير موافقين وغير متوافقين.
وبغض النظر عن التوافق الفلسطيني أو عدمه وحضوره أو عدم حضوره، فإن المؤتمر سيُعقد. ولكن السؤال يبقى عما بعد المؤتمر، وهنا فقط يمكننا البناء على رؤية سياسية لما بعد المؤتمر. وبالتالي، يمكننا القول بأن هذا القصد من وراء المؤتمر هو تغطية الدول لكي تقبل صفقة التوطين للفلسطينيين، وخاصة الأردن، وكل الإجراءات التي تم أخذها ضدهم، من تجويع وقطع المساعدات إلى خلق أزمات مادية، هي من أجل رضوخ تلك الدول للإغراءات المادية.
التطبيع على قدمٍ وساق
لم يعد يخفى على أحد أن التطبيع بات قائماً في السر والعلن، حيث سبق لي وأن أكدت هذه الوقائع ضمن أكثر من مقال كتبته مفصلاً العديد من الجوانب المتعلقة بهذا الإطار.
أما مطالبات الجهات الفلسطينية بمقاطعة المؤتمر فهي تأتي ضمن إطار سياسي لا أكثر، بمعنى أن دعوات المقاطعة لن تسجل أي فارق كون التطبيع قائم وبكل صوره، السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية والصحية وحتى العسكرية، خصوصاً وأن العديد من أنظمة الحكم في دول الخليج باتت تحمل سياسة واضحة تجاه إسرائيل.
وعليه، فإن كل جوانب التطبيع باتت واقعاً وهو أمر لا ينكره أحد. وهنا، لا بد من الإشارة إلى قنوات التواصل بين العديد من الأنظمة الخليجية وإسرائيل والتي باتت مفتوحة وفي إطار جوانب بعيدة.
سخط شعبي خليجي
صحيح أن هناك سخط شعبي خليجي على التقارب مع إسرائيل، لكن الإعلام يعمل جيداً على تقريب وجهات النظر والعمل على بلورة رؤية جديدة تجاه تل أبيب وهنا تكمن الخطورة في مجال التطبيع. فحين تقوم قناة خليجية ببث تقارير عن مجازر ارتكبها الفلسطينيين بحق الإسرائيليين، فهذا أمر كارثي إنسانياً وأخلاقياً إن لم نقل سياسياً. وبالتالي، لقد أضحت الصورة والهدف واضحين، حتى أن الزيارات الخليجية – الإسرائيلية المتبادلة قائمة، وإن لم تكن على المستوى الرسمي ولكنها حاصلة في أكثر من مجال.
السلام الإقتصادي
إن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن هم أداة أمريكية، يقومون بتنفيذ ما تطلبه الإدارة منهم. لكن الجديد في هذا المؤتمر، وبحسب ما يتم تسريبه هو تسويق فكرة السلام الإقتصادي. ما معنى السلام الإقتصادي؟ وما هي شروطه؟ وكيف يمكن أن ينجح؟
كل تلك الأسئلة تعد محورية وجوهرية ولا بد من الإجابة عنها. وفي ظل التصعيد الأمريكي مع إيران في الخليج والملفات السورية واليمنية واللبنانية، اعتقد بأنها تشكل معوقات لتأمين مناخ مناسب للإستثمار، فهل يمكن أن تقوم ببناء مصنع دون أساسات قوية له؟ الجواب بالطبع لا فهو سينهار بعد فترة وجيزة. مرد ذلك يعود إلى اعتبار الأمان أهم أسس الإستثمار، وهذا حقيقة نفتقدها في الشرق الأوسط في ظل إدارة الرئيس ترامب.
من هنا نقول إن المؤتمر هو خطوة في ظل خطوات متعددة، ولن يشكل أية إضافة لهذه الصفقة، ويجب أن نذكر بأن قمة مكة تأتي في إطار جس النبض لمؤتمر البحرين وما يمكن أن يطرح أو يسوق فيه، وما هي حجم المشاركات، وهل يمكن أن يعقد في تاريخه المحدد أم لا. بالتالي، يتضح الهدف الأساس من عقد تلك القمة وجس النبض وليس مواجهة إيران، إذ أن لا الولايات المتحدة أو دول الخليج قادرين على مواجهة طهران، لأسباب كثيرة يطول شرحها.
مصدر الصور: الجزيرة – العربي الجديد.