حوار: سمر رضوان

رغم أنه لم يتم الإعلان عن “صفقة القرن” رسمياً لكن العديد من تفاصيلها ذكرتها وسائل إعلام عربية وأجنبية، الصفقة تتناول كل القضايا الكبرى بما فيها مسألة القدس والحدود واللاجئين. في هذا السياق، تحتضن العاصمة البحرينية، يومي 25 و26 يونيو/حزيران 2019، مؤتمراً اقتصادياً عن خطة السلام الأميركية، تشارك فيه أوساط أعمال إقليمية ودولية، إضافة إلى وزراء خارجية بعض الدول دون تحديد أسمائها.

عن هذا المؤتمر ومآلاته وإن عقد ماذا سينتج عنه، والموقف العربي والفلسطيني من ذلك، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ عامر التل، رئيس تحرير شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن، حول تفاصيل المؤتمر.

أهداف “مشروع نيوم”

ليست “صفقة القرن” اتفاقيات تبرم بين طرفين أو أكثر، وإنما هي إجراءات على الأرض بدأ العمل بها من مدينة “نيوم” التي تمتد على أراضي أربع دول، السعودية والأردن ومصر وفلسطين، حيث أن هذه المدينة لها عدة أهداف أهمها “التهجير الناعم” للفلسطينيين من أراضي الـ 1948 و1967 حيث أنها ستعيد السيناريو الذي تم استخدامه سابقاً بفتح أبواب دول الخليج للفلسطينيين للعمل، حيث أن “نيوم” تحتاج إلى أيدي عاملة. غير أن الفلسطيني لن يترك أرضه وهو متمسك بها، وإمكانية تهجيره هي مجرد أمنيات وأحلام عند أصحاب المشاريع التي يحاول أصحابها ترويجها خدمة لإسرائيل.

تطبيع إقتصادي

يعتبر دمج إسرائيل في المنطقة من خلال التطبيع الإقتصادي من أبرز أهداف الصفقة، وما هذه المؤتمرات التي عقدت وستعقد إلا محاولات لدمج العدو الصهيوني بمنطقتنا والتعامل معه على أساس أنه دولة طبيعية وليس كيان سرطاني تهدف إلى القضاء علينا جمعيا وتحويلنا إلى عمالة رخيصة وعبيد عندهم تطبيقا لنظرية “إسرائيل العظمى” التي تبناها أحد “مؤتمرات هرتيسليا”.

هنا، أود أن أشير إلى الكتاب الأخطر لنتنياهو وهو أمن وسلام الشرق الأوسط والذي تحدث فيه عن صفقة القرن دون أن يسميها، وقال إن على إسرائيل القضاء على الدول الراعية للإرهاب بنظره أي للمقاومة وهي سوريا وإيران، وتحدث أيضا عن ضم الضفة الغربية للأردن لإدارة سكان وليس مواطنين تكون إسرائيل هي الذي يدير كل شيء، وأيضا توسيع مساحة غزة بضم أراضي من سيناء إليها وعزل الضفة الغربية عن غزة.

بيع للأوهام

إن بيع الأوهام على أنه بإمكان تحويل المنطقة إلى مزدهرة اقتصادياً لن تمر، فقد تم بيع الأوهام عند توقيع “اتفاقية أوسلو”، في العام 1993، وجميع ملحقاتها وأيضا معاهدة “وادي عربة”، في العام 1994، بين الأردن وإسرائيل. فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن الإقتصاد الأردني، ومنذ توقيع تلك المعاهدة المشؤومة، بات في وضع اقتصادي حرج جداً واقتصاده يتدهور. أما السلطة الفلسطينية، فهي في حالة إفلاس دائم إذ لا تجد الأموال لدفع رواتب موظفيها، والمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية يعاني من سوء الأوضاع الاقتصادية.

إن كل تلك الأوهام، التي يحاول البعض تسويقها لتمرير “صفقة القرن”، تم ترويجها سابقاً وثبت أنها مجرد سراب ولن تحسن الوضع الراهن بل ستزيده سوءاً من خلال تحويل شعوب المنطقة لعبيد عند إسرائيل.

تماسك فلسطيني

لا يزال الموقف الفلسطيني متماسكاً ونتمنى أن يبقى كذلك؛ وإذا ما استمر هذا الموقف، فإن كل المشاريع لن يكتب لها النجاح لأنه كمن يقيم عرساً بدون عروس وعريس وبدون ولي الأمر، وهذا الموقف في حال استمراره فإنه ينزع ورقة مهمة من البعض المهرولين بإتجاه إسرائيل من أن الفلسطيني موافق ولن نكون ملكيين أكثر من الملك.

دمج إسرائيل

اعتقد أن بعض العرب تجاوزوا مرحلة التطبيع مع إسرائيل وانتقلوا من التطبيع إلى التحالف العلني من خلال محاولاتهم إدماجها ضمن دول المنطقة والتنازل عن القدس وشطب حق العودة والتنسيق السياسي والأمني والعسكري وفي كل المجالات معها بإعتبار انها ليست عدواً، واختراعهم لعدو جديد اسمه إيران، إضافة إلى اعتبار كل من يحارب إسرائيل إرهابي، وما تصنيف حزب الله كتنظيم ارهابي إلا نموذجاً على مدى التحالف مع إسرائيل.

شكوك وعثرات

بالنسبة لمؤتمر البحرين، أصبح هناك شكوكاً عدة حول مسألة عقده. للأسف، ليس بسبب المواقف العربية الرافضة له، إنما بسبب تعثر بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته وانشغاله بتشكيلها، وإمكانية الذهاب إلى انتخابات مبكرة. إضافة إلى ذلك، يمكن تسجيل رفض كل من روسيا والصين المشاركة بالمؤتمر، حيث اعتبرت موسكو أن واشنطن تحاول فرض رؤية بديلة للتسوية في الشرق الأوسط.

إن العالم يتغير وإمكانية تنفيذ “صفقة القرن” تبدو صعبة. فالمعادلة الدولية التي كانت تتحكم بها الولايات المتحدة لم تعد موجودة، والمعسكر الذي يقف بوجها تتعاظمت قوته وحقق العديد من الإنتصارات العسكرية على حساب المعسكر الأمريكي المقابل الذي لحقت به العديد من الهزائم.

مصدر الصورة: الوقت التحليلي الإخباري.