د. شاهر إسماعيل الشاهر
يأتي انعقاد القمة بعد التصعيد الأمريكي الأخير ضد إيران، والذي بدأ برفع نبرة الخطاب السياسي والدبلوماسي وانتهى بالتجييش ونقل المعدات العسكرية الأمريكية إلى الخليج. لكن الأمريكي تفاجأ بصمود الموقف الإيراني والإنتقال من مرحلة الدفاع على النفس إلى مرحلة الهجوم إذا اقتضى الأمر ذلك، فإيران تملك الكثير من نقاط القوة، بدءاً من ثرواتها وموقعها المشرف على الخليج وانتهاء بتحالفاتها القوية والثابتة والمبدئية مع دول المنطقة.
إن السياسة الأمريكية اليوم هي أضعف من أن تقوم بحشد وتأمين اصطفاف دولي معها في حرب الثابت الوحيد فيها أنها ستكون كارثية النتائج على الجميع، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الحالية انتقلت في إدارة الملفات السياسية الدولية من الإطار المؤسساتي، كوزارة الخارجية والبنتاغون، إلى مواقع التواصل الإجتماعي. إن تحديد مصير العالم لن يكون بالتأكيد عبر تغريدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على حسابه في موقع “تويتر”، ولعل أقصى ما يطمح له الرئيس ترامب هو الضغط على إيران للوصول إلى اتفاق معها يستثمره في حملته الإنتخابية العام القادم (2020). فالموقف الأمريكي بدأ بتهديد إيران وانتهى بتحذيرها إذا أرادت هي الحرب.
هذا الموقف سبب حالة من الفشل والإنكشاف الإستراتيجي للسياسة السعودية، وخاصة في موضوع التدافع والتنافس مع إيران، فـ “الغباء السياسي” لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في إدارة العديد من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية جعل المملكة تسعى للحرب مع إيران مختبئة خلف الولايات المتحدة، وهو تجسيد حقيقي لفرضية “المهرب الخارجي”.
لقد أصبحت السعودية، ونتيجة لهذا الفشل والتخبط الإستراتيجي، بحاجة للحصول ولو على بيان تأييد لها ولدورها في الخليج واستنكار وشجب لإيران وسياستها ليس أكثر. فتاريخ القمم العربية والإسلامية، والخليجية بالتأكيد، لا يشير إلى أن هذه القمم قادرة على اتخاذ مواقف وقرارات حاسمة خصوصاً أن الوضع الخليجي، كما الوضع العربي بشكل عام، مخلخل ومضطرب وأبرز مثال عليه الخلاف السعودي – القطري الذي هو أعمق من أن يحل بمصافحة، إضافة إلى أن العديد من الدول العربية رافضة بالمطلق لحالة التصعيد مع إيران، وخاصة العراق والجزائر ولبنان، وربما ايضاً مصر والأردن غير متحمستين للتصعيد، على أقل تقدير.
من هنا، تريد السعودية اظهار بأن الدول العربية تؤيد التصعيد مع إيران على طريقتها. وبرأيي، أنها وصلت إلى مرحلة من الفشل، فحتى الصحافة الأمريكية أصبحت ترى أن إسرائيل أقل رغبة وحماسة للحرب مع إيران من السعودية نفسها، ناهيك عن الموقف الصيني – الروسي، وكذلك الإتحاد الأوروبي، الرافض للتجييش والتصعيد ضد طهران لإدراكهم حقيقة نتائجها الكارثية.
إن القمة لم تحصل على أكثر من إدانات لطهران، ولما حصل من تفجيرات في أرامكو وميناء الفجيرة ودعم صوتي للموقف السعودي، فمقرراتها الواهية تضاف إلى ما سبقها من بيانات في قمم سابقة.
مصدر الصورة: وكالة الأنباء الأردنية.