اعداد: يارا انبيعة
أوضاع معيشية اقتصادية وسياسية تعد الأسوأ، دفعت بهم لهجرة غير شرعية مجهولة المصير والنهاية. أكثر من 33 ألف شخص غرقوا وهم يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا خلال اقل من عقدين، ما جعل البحر المتوسط “أكبر منطقة حدودية في عدد الوفيات بالعالم وبفارق كبير عما بعدها”.
الحد من تدفق اللاجئين
أشارت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها انه وبعد وصول عدد المهاجرين الى رقم قياسي، خلال الفترة بين عامي 2014 و2016 إلى أوروبا، إلى أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا على وقف عبور المهاجرين للأراضي التركية، حد من تدفق اللاجئين نحو القارة الأوروبية، كما ساعد على ذلك انتشار دوريات قبالة سواحل ليبيا.
وبيَن التقرير أن 33761 مهاجراً على الأقل جرى الإبلاغ عن وفاتهم أو فقدانهم في البحر المتوسط بين عامي 2000 و2017، وقال فيليب فارغيس، من معهد الجامعة الأوروبية الذي أعد تقريراً عن الموضوع، بأن “هناك الكثير من عمليات الهجرة غير الموثقة عبر البحر المتوسط، وإن الأرقام تقلل على الأرجح من الحجم الفعلي للمأساة الإنسانية”، مضيفاً “أن إغلاق الطرق يعتبر الحل الأقصر والأقل خطورة وذلك لأن فتح طرق أطول وأكثر خطورة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة احتمال وقوع حالات وفاة في البحر.”
وعبر البحر المتوسط، يلجأ الأفارقة والمتضررون من الصراع في الشرق الأوسط إلى أوروبا نحو إيطاليا وإسبانيا بشكل خاص، ومن هناك ينطلقون إلى وجهات جديدة في القارة الأوروبية، وقد تحركت إيطاليا مؤخراً وقامت بإرسال عدد من قطعها البحرية إلى سواحل ليبيا وقالت “إن هذا التحرك يهدف لدعم خفر السواحل الليبي للتصدي بفعالية أكبر للاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية”.
ويقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا المتوسط منذ السبعينيات بأكثر من 2.5 مليون مهاجر، ويقول التقرير إن هذه السياسات شجعت أولئك الذين كانوا في أوروبا بشكل مؤقت بالفعل على البقاء، وزيادة الهجرة غير النظامية لأفراد الأسرة للانضمام إلى أقاربهم في أوروبا وتمهيد الطريق لأعمال التهريب.
ضحايا جدد
أعلن المتحدث الرسمي للقوات البحرية الليبية، عن غرق وانقاذ الكثير من المهاجرين غير الشرعيين قبالة السواحل الليبية، وتابع “هؤلاء من قارة أفريقيا المنهوبة دفعوا حياتهم ثمنا لحلم الوصول إلى أوروبا بتشجيع من المنظمات الدولية الأجنبية الحكومية وغير الحكومية.”
ويأتي المهاجرون من دول أفريقية إلى ليبيا عبر الصحراء والحدود لتنطلق بعدها رحلة القوارب هجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
من جهته كشف المستشار الإعلامي بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، ميلاد الساعدي، أن عدد المهاجرين الذين دخلوا إلى البلاد بين عامي 2016 و2017 يزيد عن 20 ألف مهاجر عبر الحدود البرية وأغلبهم من النيجيريين.
وقال الساعدي إن القانون يعتبر هؤلاء المهاجرين مرتكبين لمخالفة بتواجدهم على الأراضي الليبية دون وجه حق ودون الدخول بطرق شرعية، مضيفا أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية يتحمل أعباء مادية ومعنوية وصحية لرعايتهم وإنقاذهم من البر والبحر واستضافتهم وإيوائهم لحين عودتهم طواعية إلى بلدانهم.
وبيَّن الساعدي أن أكبر العقبات التي تواجه هذه الظاهرة هي جرائم الإرهاب، والإتجار وتهريب المخدرات، وتهريب السلاح، ودخول المهاجرين في النزاعات المسلحة بسبب جرائم اقتصادية، وغسل الأموال، وسطو مسلح، وجرائم تزوير وتزييف، وانتشار ظاهرة التسول والسرقة.
فرص النجاة
أكدت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أن “كل المواطنين الجزائريين المحتجزين بمدينة زوارة الليبية والبالغ عددهم 46 مواطناً قد عادوا إلى أرض الوطن وأن حالتهم الصحية “مطمئنة”.
وقال الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف خلال تصريح صحفي، مباشرة بعد تلقي الوزارة معلومات مفادها أن مجموعة من المواطنين الجزائريين محتجزين بمدينة زوارة الليبية غير البعيد عن الحدود الليبية – التونسية من قبل مجموعة تسمى “مركز مباحث جوازات السفر” بمدينة زوارة وذلك بعد فشل محاولتهم الهجرة بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا، قامت وزارة الشؤون الخارجية باتخاذ كل التدابير اللازمة وتعبئة كافة الإمكانات المتاحة للاتصال بالأطراف المسؤولة عن مركز الاحتجاز والتأكد من هوية الأشخاص المحتجزين.
وأوضح المتحدث أن “هذه العملية ليست هي الأولى من نوعها التي تتكفل بها وزارة الخارجية لضمان العودة إلى أرض الوطن لمواطنين جزائريين محتجزين في ليبيا، تمت بالتفاهم والتنسيق التام مع السلطات الليبية المختصة”.
لقاءات وحلول
بدوره أكد رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني على أهمية “التعاون الوثيق” بين تونس وإيطاليا في مجال التصدي للهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب خلال لقائه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بقصر قرطاج في العاصمة التونسية.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي، بحسب ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية، إن التصدي للهجرة غير الشرعية والإرهاب “يتطلب تكاتف كل الجهود وتسخير كل الإمكانيات لإيجاد الحلول الكفيلة بتحصين المجتمع وتعزيز دوره في التصدي لهذه الآفات.”
وتكثفت الاتصالات بين المسؤولين التونسيين والإيطاليين بعدما عرفت عمليات الهجرة غير الشرعية من السواحل التونسية نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية ارتفاعا غير مسبوق، حيث تمكن البعض من الشباب التونسي من الوصول إلى السواحل الإيطالية، فيما أحبطت السلطات الكثير من رحلات الهجرة غير النظامية حيث اعتقلت عددا كبيراً من منظمي هذه الرحلات بالإضافة إلى شباب كانوا يحاولون الإبحار باتجاه إيطاليا سراً.
ويقول مراقبون إن السبب في محاولات الهجرة غير الشرعية من تونس يكمن في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، إلى جانب ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل.
وقال الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إن “علاقات الصداقة العريقة والمتميزة التي تجمع بين تونس وإيطاليا يجب أن تشكل حافزاً لمزيد الارتقاء بالتعاون الثنائي لما فيه مصلحتهما المشتركة.”
وأوضح الرئيس السبسي أن “تونس منكبّة على توظيف كافة إمكانياتها لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي بدأت فيها من أجل تجاوز الصعوبات الظرفية وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود” مؤطداً على أن “تونس تعتبر تحقيق الاستقرار في ليبيا الشقيقة عاملاً حيوياً لضمان أمن واستقرار منطقة شمال أفريقيا والبحر المتوسط.”
هذا وقد تم التوصل الى اتفاق الاتحاد الأوروبي ومجلس الرئاسة اللّيبي المعترف به دولياً، في العام 2017، يحيي من جديد اتفاق عام 2008 بين ليبيا وإيطاليا، الذي عقد حينها للسيطرة على الهجرة غير الشرعية. هذه السياسة، ساعدت كثيراً على إبطاء حركة توجه الأفارقة إلى أوروبا، لاسيما بعد ورود تقارير عن قيام دوريات لخفر السواحل اللّيبية بإطلاق النار على قوارب المهاجرين، وعن ممارسات قاسية حدثت في مراكز الاحتجاز التي تديرها ليبيا، وعن ترك المهاجرين لإعالة أنفسهم في مناطق الحدود الصحراوية القاسية.
مصدرالصور: الجزيرة – سبوتنيك