مركز سيتا

عاد الصراع بين رأسي السلطة في الصومال للظهور من جديد بعد قرار الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فرماجو، تعليق صلاحيات رئيس الوزراء، محمد حسين روبلي، الذي رفض القرار واعتبره “محاولة للانقلاب على الشرعية والدستور ومحاولة لإفشال الانتخابات القادمة”.

ما يحدث في الصومال، يشبه إلى حد كبير الأحداث الجارية في السودان، لجهة الانقلاب على السلطة خصوصاً وأن الدول الإفريقية مشهورة بكثرة الانقلابات والصراعات العسكرية والثورات، فضلاً عن وجود حركات إسلامية مسلحة عديدة الأوجه والولاءات على الصعيدين الإقليمي والدولي.

الاستئثار بالسلطة

الخلافات الحاصلة بين طرفي السلطة في الصومال حصل بسبب الانتخابات، وقد يتطور إلى مديات غير معروفة التأثير في البلاد، حيث أن فشل الانتخابات سيعني – في كثير من الاوقات – تفلتاً في الأمن، وهو ما حدث مباشرةً عقب الموقف الأخير بين رئيسي السلطة التنفيذية حيث استغلت “حركة الشباب الصومالية” الفوضى الحاصلة ونفذت هجوماً على أطراف العاصمة مقديشو أودى بحياة 7 أشخاص على الأقل – وهو ما كان متوقعاً – ما دفع بالمجتمع الدولي إلى التدخل وطلب التهدئة كي لا تنجر البلاد إلى عمق أتون الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تُذر.

عند البحث في خلفيات القرار، ترى بعض المصادر بأن الرئيس الصومالي – وبتعليق صلاحيات غريمه – استند إلى تهم بالفساد وحيازة أراض مملوكة للدولة، مشيراً إلى إنها قيد التحقيق. كما طعن الرئيس فرماجو في أداء روبلي بشأن العملية الانتخابية، متهماً إياه بالفشل في تنظيمها على أساس اتفاق 17 سبتمبر/أيلول 2020، وهي الاتهامات التي قابلها روبلي بالنفي معتبراً أن الرئيس يشكل “حجر عثرة” في طريق العملية الانتخابية.

سيناريو سوداني؟

عند مقاربة الأحداث مع انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (2021) في السودان وإقالة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك من قبل الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، ووضع حمدوك ووزرائه قيد الإقامة الجبرية، يمكن القول بأن هذا السيناريو السوداني مرجح الحصول في الصومال بسبب التشابه الكبير بين ما حصل في الخرطوم. فلقد كاد الوضع أن يتطور لجهة وقوع أعمال عنف كبير بعد أن حاولت قوة من الجيش الصومالي منع رئيس الوزراء من الوصول إلى مكتبه الواقع في المجمع الرئاسي لولا تدخل قيادات الجيش والشرطة، حيث تمكن روبلي بعد ذلك من عقد مؤتمر صحفي متهماً فيه الرئيس بمنعه هو ومنع الوزراء من أداء واجباتهم الدستورية باستخدام القوة العسكرية، وذلك بهدف عرقلة المسار الانتخابي والبقاء في السلطة لفترة أطول.

بحسب روبلي، كل ذلك مرده إلى نوايا الرئيس الحالي للتخلص من خصومه في الانتخابات المقبلة، والتي تسير بصورة بطيئة جداً، ما يبين أن الأمور – إلى الآن – ليس على ما يرام وغير واضحة، لكن الفوضى هي المسيطرة.

وبغض النظر عمن سيكسب الجولة الحالية من الصراع بين الطرفين، فإن التصعيد والخلاف الذي تجدد بينهما قد ينسف – ما لم يتم حله بشكل أسرع – كل الجهود المبذولة لإعادة بناء الدولة التي كانت في طريق التعافي من ويلات حرب أهلية استمرت أكثر من ربع قرن.

من هنا، يبقى الحل الوحيد هو إخراج الصومال من نفق حرب أهلية جديدة، وقطع الطريق على التنظيمات الإسلامية من استغلال الأوضاع فيها، من خلال إجراء الانتخابات بسرعة كبيرة لحسم الجدل الحاصل؛ فتمزيق بلد إفريقي جديد غني بثرواته هو حالة دولية وإقليمية “مغرية” للتدخل والتحكم فيه.

من هنا، يمكن القول بأنه يتعين على القيادات العليا في البلاد تغليب المصلحة العامة والالتزام بالدستور والقوانين، وقطع الطريق على التدخلات الخارجية، خاصة مع بدء التنافس على القرن الإفريقي، الذي يعتبر الصومال أحد أبرز دوله بسبب موقع الإستراتيجي.

مصدر الصورة: العربية.

موضوع ذا صلة: الإنتخابات الصومالية 2021: تداعيات التأجيل ورهاناته