بعد المؤشرات الكبرى على قرب انتهاء الازمة السورية، يبقى السؤال حول اعادة اعمار ما دمره النزاع في سوريا، وعن كيفية القيام بهذه العملية والقوانين الراعية.

في هذه المواضيع، يقول الدكتور حيان سلمان، معاون وزير الكهرباء السوري والخبير في الاقتصاد السياسي، لمركز “سيتا”، بأن الحكومة السورية تنظر لعملية اعادة الاعمار “بكل تفاؤل حيث حققت سوريا قبل الحرب عليها نتائج إيجابية ممتازة، الى درجة ان قام صندوق النقد الدولي بتصنيفها على أنها من الدول الاقتصادية الناشئة ومن الدول الخمس الأكثر أمنا وأمانا وهذا التصنيف عام 2010. غير ان هذه الحرب قد دمرت الكثير، اذ تشير بعض المصادر بأن الخسائر تقدّر بأكثر من 250 مليار دولار وخاصة صندوق النقد والبنك الدوليين. لذلك، بدأ وضع الخطط وخاصة بعد اندحار الإرهاب بفضل التعاطف الكبير والعلاقة العضوية بين الشعب والدولة والجيش بقيادة الرئيس الأسد وبدعم الحلفاء والأصدقاء وفي مقدمتهم روسيا وإيران.”

ويضيف د. سلمان بأن “خارطة إعادة الإعمار قد تم وضعها بكل دقة وتم الحديث عنها بصراحة في خطاب القسم للرئيس بشار الأسد، في 14 يوليو/تموز 2014، عندما قال أنّ هناك ثلاث جهات ستقوم بعملية إعادة الإعمار: المال والعقل والمفكرين السوريين، أي الجانب السوري ومن ثم الأصدقاء بالدرجة الأولى وفي مقدمتهم روسيا وإيران، من هنا خارجة إعادة الإعمار أصبحت واضحة المعالم والملامح بكل دقة.”

وعن الفصل بين عمليتي الاعمار واعادة العمار، يرى د. سلمان بأنه “لا يمكن الفصل بين الإعمار وإعادة الإعمار لأن حركة الإعمار تتطلب إعادة الإعمار، فالعلاقة بيتنهما هي علاقة عضوية، ونحن نسير في المجالين والاتجاهين. بالفعل، لقد بدأنا بهذه الامور اذ ان هناك مشاريع اقتصادية تم الإعلان عنها وتم تنفيذها ومنها المرفأ العائم في مدينة طرطوس، وهناك شركات إيرانية وروسية تعمل في إعادة الإعمار والبناء، ونحن نتعامل بواقعية أن نعيد الأمور كما كانت عليها في عام 2010، ومن ثم نبدأ بتطويرها لأنها عملية التطور هي عملية دائمة ومستمرة ولا يمكن أن تتوقف وتوقفها يعني الجمود والرجوع إلى الوراء.”

وعن تحديد دفاتر الشروط الخاصة بهذه العملية، وطرق اختيار الشركات التي ستتقدم للمناقصة، والقوانين التي سيتم السير بموجبها، يشير د. سلمان “ما طرحته انا في عدة ندوات اقتصادية وهو عند المرور بظرف غير طبيعي نكون بحاجة إلى إجراءات غير طبيعية. فالدول التي امتزج دم أبنائها مع الدم السوري، يجب أن يكون لهم مزايا بالشكل الطبيعي، وفي مقدمتهم إيران وروسيا، وبالتالي هناك عقود تكون بالتراضي مع هذه الدول ونقولها بصراحها يجب أن تفضّل على غيرها من الشركات لأن هؤلاء لم يتعاملوا مع سوريا تعاملا نقديا واقتصاديا، أو ربح وخسارة، وإنما تعاملوا على مبدأ رابح – رابح وعلى مبدأ انّ ما تحتاجه سوريا يسعون لتأمينه حتى على حساب مواطنيهم. وأكثر من ذلك، لقد قدّموا أكثر مما كنا نتوقع وأحد المسؤولين الإيرانيين قال: نلبس مما تلبسون، ونأكل مما تأكلون. ومثل هذه الوقفة لا يمكن ان تعامل بدفاتر شروط أو غيرها.”

اما عن الطرق التي سيتم العمل بها، يقول د. سلمان “بشكل عام، هناك قواعد وقوانين لأسلوب المناقصات ودفاتر شروط فنية ومالية، وهناك عقود توقّع بعد الاتفاق، وعن رسو المناقصات. لكن باعتقادي سيت التساهل بهذه الشروط مع الدول الصديقة، وسيتم تنفيذ توجيهات القايدة السورية لأن هذه الدول لها الأولوية في كل شيء. وسأقول أمراً وليس سراً أن هذه الدول، وخاصة إيران وروسيا، تقدمان لنا أقل الأسعار بأحسن النوعيات سواء كان لجهة المواد الأولية التي تقوم هي بإنتاجها، او من خلال مساعدة سوريا عبر إيصال متخصصين بهذا المجال.”

كما أوضح د. سلمان “أن هناك قوانين كثيرة وحركة دائمة ومستمرة في تطوير التشريع، كقانون التشاركية، على طريق الـ BOT وBOP وغيرها. وقد تم بالبدء بالتنفيذ وتدشين الكثير من المشاريع الاقتصادية على هذا الأساس. بحسب متابعتي الاقتصادية، هناك قيادات اقتصادية في سوريا توقع عقود كثيرة لتنفيذها. هناك أيضاً مجالات كانت مغلقة أمام القطاع الخاص في سوريا، اذ كانت حكراً على القطاع الحكومي، والآن أصبحت متاحة للاستثمار بها بدليل ان القطاع الخاص له مساهمته في الإنتاج المحلي والإجمالي له أكثر من 65%، وكذلك الامر حول العقود الخارجية. فموضوع التشاركية ينفذ وقد بدأوا بالتنفيذ، ولكن من باب الأمانة العلمية أن هذا القانون كان مقرراً في عام 2009 لكنه تأجل بسبب الحرب التي ترافقت مع عقوبات وحصار اقتصادي فرضا من طرف واحد ومخالفين بذلك ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية. لذلك، توقف العمل بها وبدأت الأولوية للجبهة الميدانية قبل كل شيء. لكن الآن الأمور عادت الى ما كانت عليه، بدأت عملية النهوض تحقق بفضل الأصدقاء، الذين وقفوا مع سوريا، اذ سيكون لهام الحصة الأكبر في عملية الإعمار وإعادة الإعمار في سوريا.”

وعن الخطة التي ستتركز عليها عملية اعادة الاعمار، يقول د. سلمان “لقد قمنا بدراسة كل التجارب الخاصة في هذا المجال، ولاسيما الدولية منها مثال مشروع مارشال الاميركي لاعادة اعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، اضافة الى مشروعي إعمار العراق وغزة. وهنا يمكن الحديث عن الولايات المتحدة، التي انتهجت مع سوريا نهجا تدميرياً من أجل أن تفتح فرص عمل لشركاتها وهذا ما قامت به في كثير من الدول. اما في سوريا، سيكون لعملية إعادة الإعمار طابعاً سورياً وهذا متفق عليه مع الأصدقاء، وستتم الترتيبات والاولويات حسب الخطط السورية وبمساعدة الأصدقاء والحلفاء. لذلك، ان القوانين الخاصة بهذا الشأن سيتم تطويرها بما يتلاءم مع البيئة السورية ومع النهج السوري، وعند دراسة كل هذه التجارب، سيكون من حقنا التوقف عند التجربة الأفضل والاكفأ بتوفر أفضل شرطين أحسن نوعية بأقل تكلفة.”

مصدر الصور: العربي الجديد- روسيا اليوم