قال رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، أن مسؤولين عسكريين كباراً من تركيا موجودون في أذربيجان لتوجيه العمليات العسكرية في إقليم ناغورنو كاراباخ، داعياً المجتمع الدولي إلى إدانة ما سماه “عدوان” أذربيجان وتركيا، قائلاً إن وجود الشعب الأرميني مهدد.
على المقلب الآخر، نفت تركيا تقارير عن إرسالها مقاتلين سوريين لمساعدة حليفتها أذربيجان في قتال القوات الأرمينية في إقليم ناغورنو كاراباخ، قائلة إن هذه التأكيدات ليست سوى جزء من محاولات أرمينيا بث “دعاية خبيثة” مناهضة لتركيا.
أي الروايتين صحيحة؟
إن كثرة المعلومات المنتشرة عن إنتقال مقاتلين من الشمال السوري للقتال إلى جانب أذرببجان أكدها صحفيين عدة من خارج سوريا، حيث أشاروا إلى أنهم يتبعون لـ “هيئة تحرير الشام” الإرهابية ما يجعل هذه الرواية صحيحة. بالنسبة إلى موقف تركيا من الأزمة الحالية بين يريفان وباكو، فلقد أعلنت أنقرة موقفها بشكل صريح بتقديم الدعم الكامل لأذربيجان متهمة أرمينيا بـ “إحتلال” الأراضي الآذرية في إقليم ناغورنو كاراباخ.
أيضاً، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده “تقف إلى جانب أذربيجان على الطاولة وعلى الأرض”؛ بالتالي، فإن التصريحات التركية هي التي جعلت فرضية إدخال مقاتلين إلى حلبة الصراع أمر منطقي بعد عشرات المرات من قيامها إدخال مرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الليبية. يأتي ذلك في وقت يعمد فيه بعض المحللين الأتراك على إبعاد هذه التهمة عن تركيا من خلال بث أخبار حول قيام روسيا بإرسال قوات غير رسمية للقتال في ليبيا إلى جانب المشير خليفة حفتر ومن بينهم سوريين.
من النتحية المنطقية، يبدو أنه من الطبيعي أن تتخذ أرمينيا موقفاً عدائياً من تركيا وأن توجه لها أصابع الإتهام، وهي التي تحيي ذكرى الإبادة للشعب الأرميني في أبريل/نيسان من كل عام.
لماذا الآن؟
هذا الصراع قديم – جديد، لكن مسألة تجديده هي ما يثير التساؤلات. والسؤال هنا: هل جاء هذا الصراع كبديل عن خسارة أنقرة لطرابلس الغرب؟
قد لا يكون هناك يداً تركية عند إندلاع الصراع، لكن من الممكن لها العمل على تأجيجه من باب العلاقة المتينة التي تتمتع بها مع حليفتها باكو، حيث أصدرت الأخيرة، في وقت سابق، بعضاً من التقارير التي تؤكد مد تركيا لها بما لا يقل عن 3000 مقاتل حاربوا في كل من سوريا والعراق سابقاً. بالنسبة لأنقرة، يمكن القول بأنها قد تضررت من ملفي ليبيا وشرق البحر المتوسط أضر؛ بالتالي، كان لا بد من إيجاد بديل تضغط به على الدول الكبار المنقسمين بين داعم لأرمينيا وآخر لأذربيجان.
إن الصراع اليوم هو إعادة ترتيب الملفات خاصة لجهة الوجود التركي في المنطقة، وحساسية هذا الملف تأتي قبيل الإنتخابات الأمريكية، ليكون موقف الولايات المتحدة هادئ ليستطيع ضبط أنقرة، ريثما يتم الإستحقاق الإنتخابي، على أن تنتهج موقفها الفعلي عقب ذلك، اليوم، في هذه الأزمة، اليوم تشكل تركيا اليد الطولى في هذه الأزمة، حيث تتذرع أنقرة بالتحالف مع أذربيجان، بينما هناك دول كثيرة أعلنت الوقوف إلى جانب أرمينيا أيضاً وهو ما يعتبر حرباً مع أنقرة بطريقة غير مباشرة.
من هنا، يمكن القول بأن التهدئة ممكنة، لكنها لن تتحقق ما لم يتم تقديم تنازلات بإتجاهات أخرى تصب في مصلحة أنقرة. وإلى أن يتحقق ذلك، يبقى التصعيد سيد الموقف من دون أن يكون هناك رابح أو منتصر في هذه المعارك الدائرة.
مصدر الصورة: مونتي كارلو.
موضوع ذا صلة: مشروع “طوران العظيم”.. خطة تركية لإستعادة الأراضي العثمانية