حوار: سمر رضوان

بعد الإنتهاء من مؤتمر دمشق لعودة اللاجئين وفي هذا الوقت بالذات، يظهر تعافي الدولة السورية رغم كل الأزمات والجراح والمؤامرات التي حيكت ضدها من أمريكا والدول الأوربية وتركيا وبعض الدول العربية.

حول المؤتمر ونتائجه وموقف لبنان، سأل “مركز سيتا” الدكتور عباس رضا، الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية والباحث في الإجتماع السياسي، عن هذا الموضوع.

هل من العوائق؟

ليس لدى الحكومة السورية أي مانع من عودة المواطنين السوريين إلى وطنهم، وليس ثمة عوائق، وكل الحجج التي توردها الدول الغربية هي واهية وغير منطقية.

برأيي، ستحاول الأطراف الخارجية عرقلة العودة الآمنة للاجئين السوريين، لأن عودتهم تفقد تلك الأطراف بعض الأوراق التي يرونها رابحة في ضغطهم على الحكومة السورية الشرعية، فالأطراف الخارجية تريد إطالة أمد الأزمة مستفيدة من اللاجئين كورقة استثمارية ونفعية لبعض الأطراف وأذنابهم.

إحراج تكتيكي

إن إنعاد المؤتمر يعتبر تكتيكاً ذكياً يحرج الدول المعتدية والتي تتخذ من اللاجئين السوريين متراساً تختبئ خلفه لإحراج الحكومة السورية عبر إثارة الكثير من الحجج والأباطيل والمبررات. فصحيح أن الإعمار في سوريا يحتاج إلى بعض الوقت ليستكمل خطواته، إلا أن الأمور مستتبة أمنياً فيها وما يعانيه اللاجئون السوريون في الخارج أصعب من رجوعهم إلى وطنهم الأم.

إن التجاذبات التي يعيشها الروس مع الترك من ناحية ومع الأطراف الغربية وأعوانها من بعض الدول العربية من ناحية أخرى وعلى أكثر من محور، تفرض على الروس التعجيل بحل ملف اللاجئين السوريين الذي أصبح ضرورة وخصوصاً بعد الإنتصارات الكبيرة التي حققتها الحكومة السورية واسترجاع أكثر من 70% من أراضيها، وإستتباب الأمن في غالبيتها، مما يحتم إنهاء هذا الملف للتفرغ لملفات جيو – سياسية أخرى تضغط على الروس في ناغورنو كارباخ والبلقان والمتوسط وغيرها من المناطق.

إن الحرب التي أعلنها الغرب على سوريا الممانعة والمقاومة لم تحقق أهدافها، وخصوصاً مع الإنتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري، وتالياً فإن الغرب خسر الكثير، وبقي لديه ورقة اللاجئين كي يساوم عبرها ويفاوض لتحقيق بعض المكاسب. إن عودة اللاجئين السوريين إلى أوطانهم سالمين يحرج الغربي ويسلبه أوراقاً كان يظنها قوية يستخدمها في الضغط على الحكومة السورية.

تعافي لبنان

فيما يتعلق بلبنان، الغريب أن بعض الأطراف فيه تهلل وتكبر لوديعة تضعها في المصارف اللبنانية بعض الدول الخليجية لا تتجاوز المليار دولار، ولا تعير إهتماماً أو تحرك ساكناً لعشرات مليارات الدولارات من ودائع السوريين، وهي ودائع أسهمت في تأخر أمد الإنهيار الاقتصادي للبنان لبضع سنوات.

إن علاقة التاريخ والجغرافيا التي تحكم البلدين مستمرة رغم أنوف بعض أتباع الإستعمار في لبنان. فسوريا هي الرئة التي يتنفس عبرها لبنان العبور إلى العالم العربي والى الشرق، وعبثاً تحاول بعض القوى أن تجعل منه خنجراً في خاصرة سوريا. وبرأينا، إن تمثيل لبنان في المؤتمر كان مهماً ودليلاً على أن تعافيه يتحقق بعلاقة طيبة مع شقيقته سوريا، رغم كل الأزمات الإقتصادية والبيئية والسياسية والأمنية التي يعانيان منها.

وبرأينا، ستتغير الظروف ومعادلات القوى ولن يطول ذلك، وستنكفئ الأطراف الخارجية التي تحيق مكراً وشراً بسوريا ولبنان. فلا نستطيع الكلام عن لبنان كرأي واحد، بل هناك إنقسام واضح فيه، بين قوى ممانعة وغير ذلك. وتالياً، إنه من الظلم وضع لبنان في محور العداء مع سوريا.

إستثمار الأزمة

ربما نسمع عن إستثمار واضح لبعض الأطراف الغربية وحلفائها، من بعض الدول العربية وتركيا وأتباع تلك الأحلاف في لبنان، لقضية اللاجئين السوريين حيث أصبحت ورقة رابحة لها، يستحوذون على مساعدات من الخارج عبإسم اللاجئين الذي يعانون الأمرين في بلاد اللجوء، ويضغطون بتلك الورقة من أجل تحقيق مآرب خطرة تهدد الإستقرار اللبناني، حيث يشيع أن تلك القوى تحاول توظيف اللاجئين في حروب داخل لبنان بما يخدم الصهيونية وأتباعها وأعوانها، وهذا ما يشكل خطراً على النسيج الفسيفسائي الطائفي في لبنان، ويضع بعض الطوائف أمام مخاطر التهجير أو الإضعاف.

من مصلحة لبنان عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، الذي لم يبخل عليهم ولا على لبنان في عز أزمته إبان حرب أهلية عصفت به والذي حقق السلم الأهلي في لبنان بعد مرور 15 عاماً على ذلك. إن الأطراف التي تريد البقاء على اللاجئين في لبنان هي جهات مشبوهة لها علاقة بالغرب وتحيق مكراً بلبنان وسوريا، وهي جهات توظف اللجوء وتستثمره لمصالح سياسية وإقتصادية وتحقيق مآرب خارجية.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.

موضوع ذا صلة: زهوي: مؤتمر دمشق خطوة في الإتجاه الصحيح