وسيم أبي رافع*

اليوم، يقف مصير الإنسانية على عتبة شركات خاصة تنتج لقاحاً مضاداً لفيروس “كورونا” المستجد، أو “كوفيد – 19”. هذه الشركات، مع العلم أنها متخصصة لكنها، محكومة بفلسفة ملاّكها للحياة ونظرتهم للانسان من ناحية عقائدية . كما انهم مرتبطون، وبشكل عميق، في صياغة السياسات الدولية وبقادتها.

ومع إنتشار رقعة الوباء ووقعه العظيم على الشعوب واجتماعها واقتصادها وعاداتها، تكاثرت الأحاديث حول “نظرية المؤامرة” ومن يقف خلفها والغايات الخيّرة أو الشريرة منها. جاء ذلك على وقع فضائح تلك الشركات ونشاطاتها في دول العالم كافة، لا سيما في دول العالم الثالث، حيث يرى البعض أن هناك ظهور لعوارض نفسية وسلوكية، برزت على شكل مشاكل، أصابت الأطفال والكبار معاً حيث عزوا السبب للقاحات تلك الشركات مشكّكين في اهدافها وارتباطاتها الدولية.

في المقابل، لم تقدم أية جهات مستقلة آراء تنفي أو تؤكد الأمر وذلك لعدم وجود هيئات مستقلة في العالم، أو ما يسمى “مجتمع دولي” ومنظماته ، كونها منظمات تولد من رحم السياسات الدولية، المتشابكة حيناً المشتبكة أحياناً. إذ يحار المرء في غاياتها الأخيرة، غير المنظورة أو الخفية، ما يضع هذه المؤسسات عينها وقادتها ضمن دائرة الشك والتآمر.

ولكن ومهما يكن من الأمر بخصوص هذه الإتهامات، فالهواجس الإنسانية تولدت وتنمو وتنتشر بسرعة اسرع من الوباء نفسه، الذي خلق جدلاً عظيماً إنقسمت آراء الشعوب حوله، سواء لجهة مصدره او لغاياته المريبة .

لقد كان الانقسام حاداً حول وجود الوباء من عدمه في غير دائرة وغير مجال، علمياً كان أم سياسياً، واخذ يشغل الأفكار المشككة والمحذرة فيه ومنه، في اصله كما في تداعياته التي ملئت وسائل الاعلام العالمية التي ترد عبرها أعداد المصابين والموتى، والإرتباك السياسي العالمي للحكومات الذي ترافق وانتشاره بسرعة هائلة كإنتشار “النار في الهشيم” ليؤكد حتمية وجوده وخطره على البشرية واستمرارها والوسائل الناجعة للخروج من جائحة خطيرة لم تشهدها البشرية من قبل.

ما جرى، بدد التشكيك في حقيقته التي شغلت عقولنا جميعا لنقر بوجوده وبخطورته، مسلمين بضرورة البحث عن لقاح يقينا خطر الاصابة منه كما الموت. وما ان اصبح التسليم بوجوده وبضرورة وجود لقاح له، حتى ظهرت تصاريح مختلفة حول اللقاح واخطاره، ومنها علمية، مشككة بنجعاته وبضرورة من الحاجة اليه من عدمها. فإختلطت الأقوال خلطاً لا يمكن الخروج منه ببساطة في هذا العالم المعقد الاتجاهات، والذي تعاني مصادر المعرفة فيه تنوعاً وتبلباً في هذا الوقت.

في هذه الحالة، يبقى هناك سؤال مفيد وضروري يجب الركون اليه والدفع بإتجاهه للحصول على اجابة عملية عليه من أجل تبديد الهواجس وتأمين الإستقرار النفسي للإجتماع البشري المنقسم حول كل شيء، وليس الوباء فقط. فلقد بات من الملِح اليوم، وكعامل أساسي حيوي، عودة الإنسانية إلى تغليب عاداتها لا سيما في مسألتي التواصل والحوار.

أما السؤال المفيد والضروي والملِح فهو: هل هناك من جهة أو جهات مدنية، في العالم الأسير بين الموت بالوباء أو النجاة أو الموت بلقاحه، يمكنها أن تقدم للشعوب حقيقة ناصعة لا جدال فيها حول الوباء وماهيته وما خلفياته وما حوله؟

وإلى أن يصل العالم لجهة تنقذ الإجتماع الإنساني من الهواجس والأوهام الضاغطة عليه، يبقى الرجاء في السلامتين الجسدية والعقلية، ومقولة “العقل السليم في الجسم السليم” الذي يكون بسلامة وحدة أعضائه وظائفها.

*أمين عام تجمع جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا للناطقين بالعربية – فرنسا.

مصدر الصورة: بي.بي.سي عربية.

موضوع ذا صلة: لقاح “كورونا” والسباق المحموم