عبد العزيز بدر القطان*

إن بحث الإنسان عن حقيقته قديم قدم الإنسان نفسه، أي مذ أن وجد على أرض الخليقة. وإذا كان الإنسان قد توصل خلال مراحل التطور الطويلة إلى معرفة جذوره التاريخية وأبعاده الإجتماعية ليعرف موقعه من هذا الكون الرحب، فإن تصوراته، كانت ولا تزال، تختلف مع إختلاف المنطلق النظري الذي يتبناه فكرياً حول أصل وجوده وغايته من هذه الحياة.

نظريات وتصورات

يلاحظ من دراسة التاريخ وتطوره تظهر تصورات عديدة للإنسان، ماهيته ودوره، وهو ما نلاحظه في تصورين؛ التصور الأول، ديني قديم تراه مهيمناً على السواد الأعظم من المجتمعات، حتى تلك المجتمعات التي ترفع الصوت في عدائها للدين. أما التصور الثاني، فهو علمي بدأت تتوضح معالمه منتصف القرن التاسع عشر، ولا يزال العلماء يجهدون في إتمام تفاصيله وتوضيح الغامض منه.

للتوضيح أكثر، التصور الديني هو الذي يصدر من الإنسان عن مبدأ إلهي، فقد صنع الإنسان من الأرض، النار والحطب من الأشجار، وأكل مما إصطاد وزرع، لكن في مسألة خلقه هي بفعل مباشر من الله سبحانه وتعالى، لا بنشأة ميكانيكية أسوة بالموجودات الأخرى على البسيطة.

السلوك الإنساني

أما يميز الإنسان في بعض صوره، كأن يكون مثالياً ونموذجياً بفعل العقل الذي يملكه، فما هو إلا جسر بين الألوهية والجنس البشري. في التوراة مثلاً، الإنسان هو مزيج من تراب وروح إلهية، وفي الأورفية من الإله ديونيزوس والتيتان التي إفترسته، وفي القرآن الكريم من صلصالٍ من حمإ مسنون ومن روح الله تبارك وتعالى. وأياً كان إعتقاد الإنسانن فهو بجميع الأحوال يخضع للشرائع الإلهية خاصة في ديانات التوحيد، فلقد خلق الله تعالى الإنسان وأعطاه الرعاية ولم يتركه وحيداً.

أعطى الله سبحانه وتعالى السلوك الإنساني قيمة كبيرة ينال من جراء سلوكه الثواب والأجر أو العقاب، في الدنيا وفي الآخرة. فالإنسان بطبيعته مخلوق ضعيف، ويعلم أن الحياة لا تنحصر في رحلة حياة وموت، بل هناك حياة أخرى مرتبطة بهذا السلوك، إما ثواب أو شقاء.

إذاً، تقع على عاتق الإنسان مسؤوليات كبيرة بعد فهم كل الحقائق وثنائية الخير من الشر، وكل القوانين التي تتحكم بالطبيعة وبالبشر والتي إستطاع العقل البشري تذليلها لما فيه خير للبشرية، كذلك كل القوانين الدولية اليوم والتي يحظى الإنسان فيها بالمرتبة الأولى، بخلاف الأحداث والمتغيرات، لكن بداية كل شيء في هذه الحياة كان الإنسان دعامة رئيسية فيها.

*كاتب ومفكر – الكويت.

مصدر الصورة: موقع حفريات.

موضوع ذا صلة: تخطيط الأمة.. يشيُّد حضارة