خاص سيتا
جان فان زيبروك*
منذ توقيع اتفاقات مينسك، تتدفق الكثير من المياه تحت الجسور. ببساطة، هذه الاتفاقات قد انتهت. في 25 آب/أغسطس، وقعت هدنة لتهدئة الوضع العسكري على الأرض. لم يتم الاعتماد على الرئيس الاوكراني بوروشينكو وحلفائه الأمريكيين في ذلك، فهم أعادوا على الاعتداءات في نطاق واسع. الى ذلك، ان تقرير منظمة الامن والتعاون في اوروبا، والذي بالفعل “لم يكشف عن شيء”، يقول دائماً بأن مخازن الجيش الاوكراني فارغة من السلاح الثقيل، والحقيقة ان هذه الاسلحة تستخدم ضد السكان في دونيتسك، في مخالفة واضحة لمضمون بنود اتفاقية مينسك.
الجيش الأوكراني، والذي يلقب بجيش “الايادي المكسورة”، تقوم أيديولوجيته على قيم تحاكي عقيدة النازيين الجدد، خصوصاً من خلال تصرفاته “الشاذة” تماماً والتي تمارس تحت تأثير الكحول وربما تحت أية مواد أخرى، مثل إطلاق النار على السكان الأوكرانيين على مقربة من حدود القتال، والاعتقالات التعسفية، والاغتصاب، والقتل، حيث زادت نسبة الانتحار داخله، وارتفع مسوب التصفية بين القادة. هذا الجيش، بما يملكه من أسلحة، قادر على توتير الاجواء مع الدونباس، وبالتالي مع روسيا، وجعل الامور تزداد سوءاً في أي وقت.
اضافة الى ما سبق، اقترح مجلس النواب الاوكراني، الرادا والذي يجمع بين الكثير من النواب المتعصبين والأكثر تطرفاً، عدداً من القوانين التي، وبنظرهم، ستجعل اوكرانيا من بين بما يسمى بالبلدان “الديمقراطية”. احد اقتراحات القوانين هذه يتضمن طلباً بإلغاء اللغات الأخرى غير الأوكرانية، أي الروسية والبولندية والمجرية وهي لغات رسمية، أضافة الى ضم الدونباس إلى أوكرانيا بكافة الوسائل، بما في ذلك الحرب. هذه الاقتراحات ستجعل من روسيا دولة عدوة، او بالاحرى معتدية، اذ ان تلك الاجراءات تتقابل مع اعلان الحرب. ولقد كان اصدق تعبير عن ذلك قول وزير الدفاع الاوكراني السابق بضرورة استعادة الجزء الشرقي حيث يجب “انقاذ” دونيتسك ولوغانسك.
الرئيس بوروشينكو يحاول إنقاذ رأسه، فهو جالس على مقعد الطرد (ejection seat). فبقصفه للمدنيين في جمهورية دونيسك الشعبية، يحرف انظار الاوكرانيين عن المشاكل الاقتصادية الحقيقية لبلادهم، ويجعله اكثر توسلاً للغرب من اجل الحصول على المال والأسلحة.
وبموجب الاتفاقيات المبرمة مع صندوق النقد الدولي ولحصول كييف على جزء من هذه القروض، اضطرت اوكرانيا الى خصخصة العديد من القطاعات، بما في ذلك قطاع الطاقة، ما ادى الى انفجار الاسعار في وجه المواطنين الأوكرانيين الذين لاحظوا ان فواتيرهم ارتفعت بشكل كبير، اضافة الى سكان ماريوبول القابعين دون غاز او مياه ساخنة.
ومع عدم نسيان الضغط الكبير الذي تمارسه جحافل النازيين المستعدون لجباره على الخروج من الحكم في حال عدم قيامه بمهاجمة الدونباس، هناك ضغوط اخرى كبيرة تتمثل في عودة ميخائيل ساكاشفيلي، الرئيس الجورجي السابق والخصم الشرس لروسيا، في ايلول/سبتمبر 2017، الى اوكرانيا. ان عودته في تبدو وكأنها مسرحية لا اكثر. لقد اقام ساكاشفيلي في الولايات المتحدة بعد طرده، وها هو اليوم يقرر العودة إلى أوكرانيا بدعم من الإدارة الأمريكية وبمساعدة من كتيبة النازية جديدة، او كما يطلق عليها لواء دونباس. ان قوة الضغط الاميركي ساهمت في عدم اعتقال ساكاشفيلي أو تسليمه للسلطات الجورجية، بل وايضاً الضغط على فريق بوروشينكو نفسه من اجل حمايته. لقد اطلق، مع يوليا تيموشينكو، قوة في وجه روسيا، انضمت اليها لاحقا الميليشيات النازية الجديدة التي تقاتل على الجبهات. فإذا صحت هذه المعلومات، فإن الامور لا تبشر بالخير.
وبالاضافة الى كل ما سبق، هناك خطر كبير آخر يواجه الدول الأوروبية هو مفاعل زابوريزهيا النووي. للعلم، ان محطة الطاقة النووية هذه تستخدم في تشغيلها الفحم الروسي، وهو الوحيد المخصص لتشغيل محطات الطاقة النووية في أوكرانيا. هذه النوعية من الفحم، لا توجد في مكان آخر غير جنوب أفريقيا، لكن الاخيرة، وفي ظل الظروف المالية الصعبة لكييف، لن تكون مستعجلة في تأمين هذه المواد لبلد مفلس.
لقد أَجبر النازيون الأوكرانيون، بتصرفاتهم غير العقلانية، الحكومة على عدم استعمال هذا الفحم مجدداً، مما قد ينتج عنه مشاكل في اجهزة الامان، وهذا الامر قد يعرض المفاعل للانفجار في أي وقت. ان مفاعل زابوريزهيا هذا، على عكس تشيرنوبيل الذي كان يحوي على 4 مفاعلات نووية، يحتوي على 6 مفاعلات. تخيلوا ماذا قد يحدث.
في الختام، يبدو ان مؤشرات التصعيد ستستمر، في ظل حكومة غير مستقرة بالمطلق. فهل ستتمكن الدول الأخرى من الحفاظ عليها؟
لقد استقبلت أوكرانيا، لأشهر عديد، جحافل من التكفيريين الذين يحملون في داخلهم كرهاً دفيناً لروسيا، اسوة بكتائب النازية الجديدة. بالاضافة الى ان كلاً من “داعش” وهذه الكتائب النازية يعتبران مرتزقة لخدمة مصالح الولايات المتحدة الاميركية، فهما ايضاً على استعداد تام ودائم للبدء بحرب عالمية ثالثة. فبعد فقدان داعش لـ “دولته”، تدفع واشنطن الاوكرانيين الى بدء في اعمال عدائية ضد روسيا.
*خبير وباحث في الشؤون الدولية
مصدر الصور: سبوتنيك