في خطابه قبل أيام، أعلن الرئيس شي جين بينغ الانتهاء تماماً من تنفيذ خطط الدولة والحزب الشيوعي في القضاء على أخر جيوب الفقر في الصين مع مراعاة كل المعايير الدولية التي تعرف الفقير. ولا يمكن فهم عمق وأهمية هذه المسألة إلا بالعودة الى جذورها.

لقد أعلن الزعيم ماو تسي تونغ جمهورية الصين دولة مستقلة في 1 أكتوبر/تشرين الاول 1949 . ومنذ ذلك التاريخ، أدركت القيادة الصينية أن لا نهضة في البلاد دون الخلاص من ثالوث الفقر والمرض والجهل، حيث أطبق هذا “الثالوث المقيت” على حياة الصينيين لمئات السنين.

لنا أن نتخيل بلداً هو الأول سكانياً في العالم، حيث أشارت الإحصاءات مطلع الثمانينات إلى وجود 770 مليون فقير أي ما نسبته 97% من إجمالي عدد السكان. هذا الرقم كفيل بدب الذعر والخوف في كل مفاصل المجتمع.

لكن القيادة الصينية، مستندة إلى القيادة الخلاّقة للحزب الشيوعي، تمكنت من وضع الخطط قصيرة وطويلة المدى لمواجهة هذه المشكلة. ولقد كان التعليم المفتاح الأساسي للتعاطي مع مشكلة الفقر. وهكذا، تمت صياغة نظام تعليمي مرن يتناول كل جوانب الحياة مع التركيز على عدة مناحي أبرزها:
1. مجانية التعليم.
2. الوصول بالتعليم للقرى والأرياف من خلال المدارس المتنقلة.
3. وضع سياسة واضحة لبرامج اعداد المعلمين وانشاء جامعات خاصة لإعداد المعلمين والمناهج.
4. تعظيم دور المعلم مستلهمين عناصر القوة في فلسفة ” كونفوشيوس”.
5. المزاوجة بين التعليم المهني والأكاديمي.
6. اختيار أفضل خريجي الثانوية لمهنة التعليم.

وها هي الأعوام تمضي وهي بعمر إنسان، أي منذ العام 1949 حتى العام 2021، أي 72 عاماً وإذا بالصين تحتل مراتب قمة الهرم في جودة التعليم.

لقد أصبح التعليم مدخلاً لتطوير القطاع الصحي الذي يؤمن الرعاية ل 1.3 مليار نسمة وهو ما يكافئء خمس سكان الكوكب. كان التركيز على توفير الرعاية الصحية الأولية للمواطنين وذلك بوصول العيادات والأطباء للأرياف والبوادي، وبشهادة المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية التي إمتدحت كفاءة النظام الصحي الصيني.

وحيث يعيش العالم اليوم الأثار المدمرة لجائحة “كورونا”، كانت الصين البلد الأول الذي اكتوى بنارها. ولكن بالصبر والعلم والعزيمة، ها هي الصين الدولة الأولى في العالم التي تعافت من المرض وعادت الحياة فيها إلى طبيعتها. فلقد كانت الصين سبّاقة بإكتشاف أول لقاح ضد المرض، وقدمت خلال شهرين ما يزيد عن 40 مليون جرعة مجانية لشعوب العالم، وكان للأردن منها نصيب، في الوقت الذي تتسابق فيه دول أوروبا والولايات المتحدة على إحتكار اللقاحات.

إذاً، لا عجب ولا غرابة بأن يخطو الاقتصاد الصيني الخطى نحو احتلال المرتبة الأولى في العالم، وهي على مرمى حجر، في الوقت الذي نشهد فيه تضعضع أعتى الإقتصادات في أوروبا وأمريكا.

ختاماً، تمتلك الصين تجربة غنية في القضاء على ثالوث الفقر والمرض والجهل، فيما لا يزال هذا الثالوث يفتك بشعوب منطقتنا منذ قرابة الـ 100 عام، وهذا يتطلب الانفتاح على الصين والكف عن “الركوع” أمام الولايات المتحدة، ومعها دول الناتو التي جلبت لنا الويلات من خلال ما أشعلته من حروب في المنطقة؛ تارة عبر الوكلاء، وتارة أخرى بشكل مباشر.

المصدر: موقع الصين بعيون عربية.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.

موضوع ذا صلة: صعود الصين وتراجع الولايات المتحدة عن قيادة العالم

د. سمير حمدان

باحث وكاتب ومتابع للشأن الصيني – الأردن.