في الوادي، محددة هي خيارات الإنسان. فالتفاعل وما يُقدَم من إمكانيات مشروط بالتكيُّف وفقها. أما الإضطراريات، وحتى في حالات إستثنائية، فنادراً ما يسمح بها في ظروف الوديان. ومن المسلم به لمن لا تروق له ظروف الإقامة أن يحزم أمره بالخروج منها، وعادة ما يكون الخروج صعوداً من الوادي بإتجاه القمم، إلا في “وادي السيليكون” حيث تقيم كارتيلات تكنولوجيا منصات “التواصل الإجتماعي” ويقيم فيها “عالم افتراضي” (www) تستبد به “خوارزمياتها” إستبدداً، تُقَيّم تفاعلاته وتضعه أمام أحد خيارين؛ إما الإنصياع لقيم العقل الرأسمالي الأمريكي، أو الإنقطاع عن التفاعل مع العالم الإفتراضي؛ أي عزلة يفرضها “بيت عنكبوت”.

من “وادي السيليكون” أخذت شركات التكنولوجيا العملاقة تتمدد، شابكة بخيوطها العنكبوتية مصالح العالم المادية والروحية، حتى غدت حاجة البشرية الحيوية وشرايينها التي يُنقل عبرها أوكسجين “الحياة الإفتراضية” لمجمل القطاعات، المدنية والرسمية. حتى العلاقات الإجتماعية بتفاعلاتها الإنسانية نمت، وفي أغلب تفاصيلها اليومية، إلا ما ندر. باتت قبلة القلوب.

شركات تجذب العالم بابتكاراتها التكنولوجية مسهّلة لأفرادها الإقامة ضمن مواقعها الإفتراضية بصفة مشتركين؛ فصيغة “الصداقة” الباهرة، تدغدغ من خذلته معايير الواقع الإجتماعي الطبيعي، وبلا قيود، الإشتراك المجاني لكنه مشروط بعبارة “موافق” – (I AGREE) على أحكامه بعد طلب قراءتها، والتي نادراَ ما تُقرأ. هكذا، تقدم للإفراد خدمات “جليلة” لعبور كل الحدود السياسية دون قيود وفي كل الاتجاهات، شرقاً وغرباً شمالاً جنوباً. لا تستوقفهم حدود. أما الحدود الأخلاقية في هذا العالم، فيتم اجتيازها دون عناء يذكر ووفق أجندات معينة، في حين يعاني من تداعيات فوضويتها وسفاهتها عالمنا الطبيعي، وعلى مدار الساعة.

لقد قدمت كل الإمكانات والتسهيلات وباتت “رفيقة الروح”، لا تفارق أصدقاءها، ترافق نبضهم اليومي في كل مساراته، وتسير معها أحوالهم وفق تطبيقاتها المتجددة على أحسن حال ودون مشاكل تذكر، حتى سُلِّم لتوازن مديريها ومشغليها ووثق بغاياتهم. وما إن برزت ملامح ما سمي بـ “الربيع العربي”، حتى بدأت تتضح صورة أخرى للدور والغايات التي أنشئت من أجلها تلك منصات؛ فتطبيقاتها تُظهر تحذيرات ثم تضييقات وصولاً إلى التهديد بمنع مشتركين بل وحتى إلغاء حساباتهم، كما باتت منصاتها منابر تشن عبرها حملات مسعورة وفقاً لسياسات مشبوهة، وأخذت تنم سلوكيات مشغليها عن إنحياز لتيارات سياسية قائدها واحد: الإدارة الأمريكية التي يقودها مشروع هيمنة؛ فانحياز الشركات وأصحابها بسياساتهم لها، يعد إنتهاكاً صارخاً لإلتزاماتها الميثاقية المعلنة ولوظيفتها ودورها واختصاصها.

فعلاً ومنذ سنوات، أخذ روّاد هذه “الشبكة العنكبوتية” يشعرون بالتضييق على حرية تعبيرهم إستنسابياً، وباتت تتعالى الأصوات حول إجراءاتها المنحازة، بما فيها الدول. فمؤخراً، غرّد رئيس وزراء أستراليا يقول إن بعض المنصات قامت بـ “بإلغاء الصداقة”، كوصف لطيف يعبّر من خلاله عن إستبداد وديكتاتورية مستغرباً حجب مواقع هذه الشركات خدماتها عن الأستراليين كإجراء “عقابي” ضد دولتهم لا سيما في وجه تشريعات مجلس الأمة الأسترالي الهادفة بإجرائه التشريعي لتوفير إيرادات مالية من الشركات المذكورة عن بدل نشر مضامين ومواد إعلامية وإعلانية لهذه الوسائل الإعلامية الاسترالية، وكتدبير لحماية مصالحها وإستمرارية عملها.

في المقابل، وصَّفَت الشركات إجراءات البرلمان الأسترالي على أنها “فهم خاطئ لطبيعة العلاقة” (أي الصداقة)، طبعا من الوجهة الإستبدادية للوادي وشركاته.

إن ما جرى بحق أستراليا، من إنتهاك، شكّل سابقة عير متوقعة بحق دولة محسوبة على مجتمع السياسة الأمريكية، التي تدور تلك الكارتيلات ضمن فضائها. فمنصات التواصل الإجتماعي (فايسبوك – غوغل – تويتر وأخواتها) دأبت بإجراءاتها هذه تخالف دورها وتتعدى إختصاصاتها، ولحساب جهات واضحة الإرتباطات، ومزدوجة المعايير وإستنسابية جائرة من وجهة المستهدفين ودون وازع. لكن تلك الكارتيلات تبرر إجراءاتها بمخالفة المشتركين للمعايير الموضوعة من قِبلها وعدم إحترام “النماذج” المعمول بها. هذا إدعاء مفضوح فهي، بما قامت وتقوم به، تمارس الرقابة على الحرية وتتهم وتقاضي، وتعلب دور الجهات القضائية التي يحث لها وحدها لقيام بالمساءلة وفق قوانين مرعية في دولها.

إن الرقابة على ممارسة النشر، بحرية ودون خوف والتضييق والحجب الذي تقوم به منصات التواصل وأخواتها، يعد انتهاكاً دكتاتورياً خطيراً ترتكبه تلك الشركات بحق حرية التعبير والنشر المكفولة بموجب القوانين والمواثيق الدولية، التي أسست هذه الشركات مشروعيتها عليها في العالم طراً، مستفيدة من التشريعات الدولية الهادفة لـ “توفير وتعزيز وحماية” الحريات الإنسانية وفي مقدمتها حرية التعبير والنشر.

لقد أتت المواثيق الدولية، الراعية والمنظمة لحريات النشر والتعبير إضافة إلى الموافقات الحكومية ومجالس أمم العالمين، بمثابة “بوابات عريضة” لدخول هذه الشركات إلى قلب الدول ومجتمعاتها من خلال تشجيع حرية التعبير والدفاع عن ممارستها؛ فأخذ المشتركون يدونون، في وقت أخذت تطور وتنشر فيه تطبيقاتها الجديدة وتعممها، إجتماعياً وتربوياً وثقافياً، عبر سياسات دولية، أممية ورسمية، ترغيباً حيناً وترهيباً أحياناً. فتسللت وترسخت وأصبحت حاجة رسمية ومدنية، تجارية وثقافية وتربوية مؤخراً، بالرغم من معارضة متواضعة حذرت من تغلغلها، دون رقيب أو حسيب، حتى أن البعض سبق وأن نبه لإحتكارها وعدم وجود منافس أو إتخاذ إجراءات وقائية من برامجها وأهدافها النهائية (الصين نموذج لكسر احتكار المنصات). فلقد بنى فريق المحذرين آرائهم من خلفية الشك بمنشأ هذه المؤسسات وتاريخه (أمريكا)، ومن خلفيات ثقافية وعقائدية وسياسية إعتبرت إرتباطها بمشاريع الغزو الثقافي مطمعاً للهيمنة والتحكّم والسيطرة. كما في منطقتنا، يؤخذ عليها إنحيازها لدولة الإحتلال الاسرائيلي، ومفردات إيديولوجيته.

لقد فرضت “روح” العصر الشبكة العنكبوتية فعلياً على كل جوانب الحياة في العالم أجمع، وإنطلقت من دون منافس، علماً أن “السوق” يفرض منافساً منعاً للإحتكار، كما وفُرضت دون منازع متكئة، عند تعثرها، على نفوذ أكبر دولة في العالم، تتمدد معها بخيوطها العنكبوتية مستفيدة من التوجهات الإنفتاحية للمجتمعات التي تحولت أخيراً لأنظمة الإقتصاد الرأسمالي الحر، وعبرها باتت العلاقات الدولية والرقمية حيوية للإجتماع الإنساني، ودينامو يُولِّد للحياة العصرية متطلباتها التي أصبحت نموذجاً عالمياً يُحتذى به لكل راغب للالتحاق بالمجتمع الدولي المتحضر، مدنياً ورسمياً.

باتت الحياة، من “الوجهة الرأسمالية” العقائدية في مطبخ السياسات الدولية، سوقاً استهلاكياً، وقاعدة “العرض والطلب” باتت أساساً فيه، يحدد أسعار المنتجات كما القيم، ويخْضع فيه “الضمير الجمعي” و”الإرادة العامة” و”الأخلاق الفردية” و”الوعي الجماعي” لتلك “القاعدة السحرية” الضابطة للسوق وتقييماته السعرية دون تدخل لقوى خارجية، حتى لو كان ذلك بدوافع اخلاقية.

لقد أتت إجراءات التضييق، قبل وبُعيد الإنتخابات الأمريكية، بحجب حسابات بليونير ورئيس أمريكي خلال ولايته (أي دونالد ترامب) قوية وغير مسبوقة، مؤكدة إستفحال نفوذ هذه الكارتيلات، وكانت خطيرة بتوقيتها وبنتائجها، كما إجراءات حجب حسابات ملايين من الأمريكيين الذين بفضلهم إزدهرت هذه الشركات، والتي لولاهم – مع غيرهم – لما توفرت لها ظروف وشرعية الإنتشار ووثقوا بحياديتها.

إن ما فعلته تلك الكارتيلات لم يكن محط إنتقاد لقادة رأي وإعلاميين وسياسيين وأفراد يؤمنون بحرية الرأي والتعبير فقط، بل هي إستنفرت “روح” الحرية في إستبداديين في العالم ظنناً أن ضميرهم (كأداة قياس عقلاني) قد إنطفأ، كما لمروحة واسعة من المنظورين والمشهورين والجماعات والمنظمات الحقوقية مستشعرة مرارة الأمر الواقع، وبحجب منصاتها عن دولة ومواطنيها، كأستراليا، “كـ “رد عقابي” سافر أحدث خدشاً في وجدان أمة تُعامل بهذه الهمجية من قِبل شركات تجارية، بالنهاية، وهو ليس بأمر يمكن السكوت عنه. فلاً هي تعتبر مرجعاً دولياً، ولا مرجعاً شرعياً يحاسب ويدعي ويقاضي إفراداً أو جماعات أو دولاً؛ وفي حالة أستراليا، أتت على شكل رد عقابي تصعيدي على مجلس الأمة، أي الإرادة العامة والضمير الجمعي، ليطال هذه المسلمات التي تعد، في أدبيات المجتمع الغربي الأكاديمي والشعبي والأحرار ثم السياسيين، بمثابة مقدسات. فماذا هم فاعلون؟

مثّلت هذه الخطوة التصعيدية، وغير المسبوقة بحجب المواقع عن دولة كأستراليا، “فوقية” أخلاقية و”دونية” إقتصادية وسلوكاً دكتاتوري لكارتيلات تكنولوجية تفرض سياساتها الإستبدادية الإقتصادية الجشعة غير مبالية بمصالح شركائها. فهل يغيب عن عاقل مصدر هذا النفوذ؟

لقد عطّلت تلك الشركات حرية المشتركين، وحقهم بالتعبير الحر ودون خوف، ومصالحهم بإجراءات كهذه فرضت من خلالها على الدول والأمم معاييرها وكأنها مراجع سيادية، وتضعها في مواقف حرجة أمام نفسها وامام مواطنيها. فاليوم أستراليا، وغداً أية دولة أخرى يجرؤ على مساءلتها ستلقى المصير نفسه. فعل هذا يجوز؟

إن هذا الإستبداد السافر أمر لا يجوز السكوت عنه، بل يجب العمل على وقف هذا الإحتكار غير المقبول والمشجوب إنسانياً، واليوم دولياً، ووقف تمادي هذه الشركات بإستغلالها الحاجة الضرورية للعالم. فبالتأكيد، لن يقبل “الضمير الجمعي” للمجتمع الإنساني إستمرار ارتهانه لمزاجية خوارزمية رقابية تابعة لتلك المنصات بخصوص النشر والتدوين، وإحتكارية إقتصادية لا تقبل حسيباً أو رقيباً من شركاء (أصدقاء) يقدمون لها كل ظروف النمو والربح والتطور.

إن المجتمع الإنساني الذي تجمعه اليوم ظروف وباء “كورونا”، التي فرضت الشركات نفسها فيه كوسيلة وحيدة للتواصل الإفتراضي مكان التواصل الطبيعي في كافة المجالات، وتجمعته أكثر من ما مضى قيم إنسانية مشتركة وهواجس فرزتها الجائحة زادت من تمسكه بالحريات؛ بالتالي، إنه مطالب بالإنتصار لوحدة القيم والمعايير التي تجمعه، ورفض إستبداد وديكتاتوريات الشركات الكارتيلات واستمرار إحتكارها من خلال إتاحة الفرص لوسائل أخرى منافسة مستقبلية وفرض إتفاقات عادلة على هذه الشركات.

وإلى حين أن يصل الأفراد والجماعات، كما الدول اليوم، لمبتغاهم وخلق جهات منافسة موثوقة ومستقلة عادلة المعايير تمارس صلاحياتها دون تدخل إستنسابي إو إستبدادي، سيبقى رفع الأصوات الحرة ضورة وواجب على كل حر في أي موقع كان، وعلى الإنسانية أن تصحو من إنتكاساتها أيضاً وتتأطر مدنياً كقوة موحدة، ليكون ميلها لتوحيد المعايير أساساً في الحياة الإنسانية لأنه يشكّل مبعثاً للتضامن بدل التفكك ووحدة المعايير أساس لإستقامة العدالة.

إن ما جرى ويجري في غير قضية، أنعش ذاكرة بعض الشعوب التي أخذت تترحم على الأنظمة الشيوعية والديكتاتورية التي كانت تنظّر وتحذر من الغايات الأخيرة لإحتكارات نظام الرأسمال الوحش المنظَّم والمحتَكر والموظَف لمصالح جهات محددة، وأدواته ووسائله الناعمة خطيرة الأهداف التي على ما يبدو تعلب فيه شركات التكنولوجيا والتطبيقات البرمجية ووسائل التواصل الإجتماعي، كما التجاري والثقافي، دوراً تقدمياً؛ بالتالي، إنها الوسيلة الأخطر لخدمة أهداف أصحاب النظام من “المصرفيين” الذين باتت روائح صفقاتهم تفوح مؤخراً، وينفر منها شعوب وقادة رأي وتحرريين عالميين، رافعين صوتهم ضدها.

لقد غدت الشركات التكنولوجية العملاقة، في “وادي السيليكون”، ومنصات التواصل والتفاعل (الفخ) أداة من أدوات النظام الدولي اللا مبالية بأدبياته لخصائص ومميزات وعادات وتقاليد الشعوب، يُفتخر بها كإنتاجات حضارية وصروحها الضخمة التي شيدتها أجيال بالعرق والدماء لقرون من التفاعل الروحي – المادي في بيئاتها المتنوعة فصُنعت ثقافات مدنية عظيمة تقوم المدنية الإنسانية اليوم على أُسسها المادية والروحية في كل المجالات.

باتت تلك الأداة وسيلة توظّف حتى ضمن أعمال الصناعات الحربية والإعلامية – الحربية ما يدل على أن هذه الشركات ومشغليها ليسوا الا دمى، بهم وعبرهم تُستخدم منصاتها وجيوشها الإلكترونية والإعلامية والسيبرانية لإسقاط أنظمة وحكومات في غير وطن (“الربيع العربي” – “الثورات الملونة” في أوكرانيا وجورجيا مغيرها) لا ينصاع قادته لنفوذ القوى العظمى المهيمنة (الولايات المتحدة وحلفاؤها)، حيث يشن من خلالها “حروب ناعمة” إلكترونية تستغل محتويات ومضامين حسابات مشتركي هذه الشركات منتكهين، بالتكافل والتضامن، أسرارهم وخصوصياتهم بالإضافة إلى نشر التضليل والأكاذيب والتلفيقات والأخبار المفبركة، ومنتهكين أيضاً كل المواثيق ذات الصلة بإحترام مضمون حسابات المشتركين، أكانوا أفراداً مدنيين أو رسميين أو حتى منظمات ودول، مستخدمين معايير مزدوجة تسمح لهم بنشر مواد مقززة للمشاعر الإنسانية لمن يسمَّون “ثواراً” ضد أخصامهم دون حذفها أو منعها أو حتى تجميد حساباتهم، على غرار ما تفعله مع مناهضيهم.

كُثر في عالم اليوم، في الشرق والغرب وفي المجتمعات المدني كما الرسمية، باتوا يعوون إستبداد هذه الشركات العابرة لكل الحدود، وضرورة مواجهتها. فكما يعمل البرلمان الإسترالي على حماية مصالح شعبه، إن لم تقهر إرادته نفوذ القوة العظمى، وما يسير عليه الإتحاد الأوروبي وينم عن يقظته لإستفحال ديكتاتورية هذه الشركات، وقد سبقتهم الصين بالوقاية من الاعيبهم، يجب على الجميع أيضاً أن يحذو حذوهم وينتفضوا في وجه شركات أوليغارشية رأسمالية احتكارية وديكتاتورية – إستبدادية لا شرعية لها ولا قانونية، تفرض من “وادي السيليكون” المحدد الإحداثيات خياراً من إثنين: إما الإنصياع أو الإنقطاع؛ خياران أحلاهما “مر” في هذا العالم الإفتراضي.

على ما يبدو، لا وجود في ظل الإحتكار لمن يؤمنون بحرية التنوع، وبأن الحرية ممارسة مسؤولة لا حدود لها إلا الإلتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية الموجودة في طلب مقومات الأمم العريقة حيث مهدت القوى العلية فيها لظهور الإنسانية، التي نمت وترعرعت في ربوعها المقدسة أمم الشرائع والقانون منذ آلاف. فإذا كانت اليوم مثخنة بجراحها، فلا بد لها من أن تنهض فيه خالعة عنها ثوبها الرث، وبسيف الحق ستُسقط إستبدادهم السياسي وإستعبادهم الكهنوتي مبتدئة بأدواتهم المتقاطعة معهم مصالحها.

العالم اليوم مطالب بمواجهة هذه الكارتيلات التكنولوجية وتوجهاتها، وبرفض لائحة مشاريع الإستبداد والإستعباد الممولة من “عصابة” الرأسمال المصرفي وشركات إحتكار الإقتصاد في كافة مجالاته، ومنها شركات وسائل الإتصال والتواصل والمواصلات، والضغط بإتجاه توفير أنظمة مرنة تؤمن إيجاد تنافس حر وفرص متكافئة وعادلة، وإلتزام الجميع في العالم كله، الذي أصبح إجتماعه الإنساني على المحك، بالقوانين والمواثيق المتوازنة العادلة والشرعية بغاياتها المناقبية، La Moral، لمواجهة إنتهاكها.

إن العمل الأولي يتمثل بالضغط الجماهيري المنظّم والموحد الرؤى، دون تردد أو خوف وبثقة وعزيمة، لفرض الإلتزامات المتوازنة والعادلة التي تُؤَمن كل حق، وإن عُمّمت تنشر كل خير وتصون كل جمال. فبقيم الحق والخير والجمال، معايير “التنمية المستدامة”، وإحترامها تحفظ كرامة الانسان وينمو بفهم غاياته ويرتقي، ويحفظ سلمه وسلامه.

فهل لدينا الإرادة؟ هذا ما ستجيب عليه “الإنسانية مجتمعة”.

مصدر الصور: Fortune – بلومبيرغ

موضوع ذا صلة: الإعلام ما بعد “الربيع”: ما يطلبه المحرِّضون ــ المموّلون

وسيم أبي رافع

أمين عام تجمع جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا للناطقين بالعربية – فرنسا