أكدت موسكو أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على مسؤولين روس، على خلفية التسميم المزعوم وحبس المعارض الروسي أليكسي نافالني، لن تغير من السياسة الروسية، واصفة تلك العقوبات بالعبثية، ومحذرة واشنطن في نفس الوقت من “اللعب بالنار”.
تجديد القديم
إن العقوبات المستجدة على روسيا من قبل الولايات المتحدة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، فسبق وأن هددت واشنطن بفرض عقوبات على بعض شركات الغاز الأوروبية المنخرطة بمشروع “السيل الشمالي – 2” معللة الأمر بأنه يشكل خطراً على أوكرانيا وأوروبا الوسطى؛ بالتالي، بدأت الاستفزازات الأمريكية تنحو في هذا الاتجاه جراء وقف مد خطوط الغاز الروسي إلى أوروبا، حيث قال المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية نيد برايس “نواصل متابعة الأنشطة لإتمام بناء خط الأنابيب وإصدار الوثائق الخاصة بعمله، العقوبات هي أداة من الأدوات الهامة الكثيرة. ونحن سنعمل بشكل وثيق مع حلفائنا وشركائنا على تعزيز أمن الطاقة في أوروبا واتخاذ إجراءات احترازية لحمايتها من التصرفات العدوانية التي حذرنا منها.”
أيضاً، يبدو أن قضية نافالني ليست أكثر من ذريعة لمنع روسيا من إدارة ملفاتها التي وللأسف تشترك فيها مع واشنطن في أكثر من بقعة جغرافية حول العالم، وهذا مباشرةً يقودنا إلى مسألة الغارة الجوية الأمريكية التي أعلنت فيها أنها أتت في سياق الرد على الهجمات الأخيرة التي طالت مطار أربيل شمال العراق، وكذلك المنطقة الخضراء في بغداد التي تضم البعثات الدبلوماسية الأجنبية، فجاء الرد على الحدود السورية – العراقية.
لكن اللافت فيها أنه، وبحسب بروتوكول منع التصادم، لم تخطر الولايات المتحدة روسيا إلا قبل 4 دقائق من وقوع الغارة، وفق ما صرّح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبالتالي إن ما تمارسه واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، هو اتباع سياسة الضغط القصوى على موسكو، تلك السياسة التي كانت يتهم فيها الرئيس بادين سلفه دونالد ترامب.
السر وراء العقوبات
تقول المعلومات إن هناك مفاوضات غير رسمية بين واشنطن وطهران، فهي “مفاجأة” أعلن عنها سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، حيث قال إن “الغارة الجوية الأمريكية في سوريا تزامنت مع تحضيرات كثيفة لعقد لقاء بين وفود أمريكية وإيرانية”، مضيفاً أنه “لا شك أن قوى مؤثرة في واشنطن اتخذت خطوات لتعطيل هذا اللقاء”.
معلى ما يبدو، إن موقف واشنطن جلي وواضح وهو إخراج موسكو من كل الملفات الحيوية، فهي تريد العودة إلى الإتفاق النووي دون تدخلات من خصومها، وفي مقدمتهم روسيا والصين؛ كذلك الأمر، تريد واشنطن الإستلاء على السوق الأوروبية وإحتكاره لغازها الصخري المرفوض أساساً لدى الأوروبيين لما له من ضرر بيئية، فضلاً عن أنها ستحرك كل الملفات الجامدة بينها وبين روسيا لإدانتها وإخراجها من المعادلة الجديدة التي تحاول الإدارة الأمريكية فرضها على المشهد الدولي.
أخيراً، من الواضح أن مصالح واشنطن قد تفرض عليها، في الكثير من الأحيان، خرق العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية؛ بالتالي، لا يمكن لها أن تحاضر بالآخرين في هذا المجال، فهذه العقوبات ليست إلا البداية لإعادة تثبيت الدور الأمريكي على المستوى الدولي مجدداً، وهو ما قد يعني مزيداً من الفوضى الدولية.
مصدر الصور: Business Insider.
موضوع ذا صلة: “سلاح العقوبات” الأمريكية.. هل يحقق أهدافه؟