توصل طرفا النزاع الليبيين، في ختام المحادثات البرلمانية التي جرت في مدينة بوزنيقة الساحلية المغربية، إلى “إتفاق شامل حول معايير تولي المناصب السيادية بهدف توحيدها”، كما جاء في البيان الختامي للإجتماع. وكان جل الخلاف يتمحور على هذه المناصب يتمحور حول تعيين حاكم المصرف المركزي، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، وقائد القوات المسلحة. وجمعت المحادثات وفدين يضم كل منهما خمسة نواب من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وبرلمان طبرق، المؤيد لرجل شرق البلاد القوي المشير خليفة حفتر، طبقاً لـ “معلومات”.
وعلى إثر هذه المحادثات، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان لها أنه “بناء على هذه المشاورات (…) وعقب أسابيع مكثفة مع الأطراف الرئيسية الليبية والدولية، ستطلق البعثة الترتيبات اللازمة لإستئناف الحوار السياسي الليبي الشامل”. ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ودعم عملية الحوار السياسي، حيث استضافت مونترو – سويسرا على مدار يومين اجتماعاً تشاورياً بين الأطراف الليبية، بدعوة من مركز الحوار الإنساني وبرعاية الأمم المتحدة، وتوافق المشاركون في الإجتماع التشاوري على إجراء انتخابات خلال 18 شهراً والبدء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي الليبي وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
محاولات إفشال
يعكس إتفاق المغرب رغبة جميع الليبيين إلى إنهاء الحرب التي دمرت البلاد بين أهل ليبيا نفسها، فهو يعبر ضمناً عن وصول الوضع في البلاد إلى حالة مزرية أتعبت جميع الأطراف. لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستعمل حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، على إفشال الإتفاق بضغط من تركيا؟ وهل سيتم نفسه كما إعلان القاهرة وإتفاق الصخيرات؟
أشارت المعلومات الأخيرة بوضوح إلى محاولة الوفاق تعطيل الإتفاق لضمان بقائها في السلطة كقوة شرعية أساسية، بينما الإتفاق الحالي، وأي إتفاق لاحق، يمنح الطرف الآخر أيضاً شرعية دونما رغبة من الحكومة الحالية، إلا أن السراج فشل في ذلك وعمد، في الآونة الأخيرة، إلى تحشيد أمني أكثر من السابق مدخلاً الكثير من الجهاديين في مناصب الحكومة لضمان الحماية وعدم التعرض له، على خلفية محاولة الإطاحة بسلطته مؤخراً، كما ذكرت بعض الأوساط المقربة منه، على خلفية إستقالة وزير الداخلية، فتحي باشاغا، وعودته ما ينذر بخلافات عميقة داخل الحكومة نفسها.
مناورة سياسية
هذا الإتفاق، إن إكتمل، سيحقق الأمن في ليبيا ويرتب بيتها الداخلي. من هنا، عمدت تركيا إلى محاولة إستمالة قوات شرق ليبيا عبر خدعة تخص سرت والجفرة بحجة تأمينهما، فيما أوضح الناطق بإسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، أن الوضع فيهما آمن لا يحتاج إلى إتفاق سياسي هدفه الدخول إليهما ومن ثم الإطباق عليهما، فالقصد معروف من وراء هذا الطلب.
وفي سياقٍ متصل، قال المسماري “إن حكومة الوفاق تحشد عسكرياً لشن هجوم مرتقب”، في وقت أمدت أنقرة فيه حكومة الوفاق بأسلحة وعتاد عبر قاعدة الوطية الجوية، إذ برى العديد من المراقبين بأنه من المحتمل نقض أي إتفاق من شأنه التخفيف عن البلاد، ما يعني أن الأمور لن تسير في الطريق الصحيح خاصة وأن تركيا بدأت بإرسال الشركات النفطية لبدء بالتنقيب عن النفط والغاز، ما يعني أن الإتفاق الآن هو شكلي ليس إلا.
من هنا، يبدو بأن الأوضاع لن تتحسن وسط قلق واضح من قبل حكومة الوفاق على السلطة، إذ من الراجح أن تقوم بالإطاحة بكل من يحاول الإقتراب منها، وهذا ما تترجم من خلال المظاهرات الشعبية الغاضبة حيث لم تلبي أياً من مطالبها، وهذا الاتفاق قد يشكل هدنة محارب قبل إستئناف المعارك.
مصدر الصورة: الجزيرة.
موضوع ذا صلة: ليبيا.. تبادل الأدوار وكشف الأوراق