شهدت المسألة الإيرانية خلال الأيام الأخيرة ازدحاماً في المواقف الصادرة عن الأطراف ذات العلاقة، إلى جانب بعض مبادرات الوساطة على الصعيد الدبلوماسي (المبادرة القطرية، والمبادرة الأوروبية)؛ ما يشير إلى زيادة المساعي لإيجاد حل لهذه المسألة، وفتح الطريق أمام إعادة الحياة إلى الاتفاق النووي.
لكنّ هناك ما يُشير إلى أن المساعي الأوروبية تحديداً بدأت تنحرف عن الهدف الرئيس لها، والمتمثل بحلّ الملف النووي الإيراني، باتجاه تطبيق أجندة سياسية، تتمثل في دعم التيار الإيراني المعتدل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المُقرر عقدها في 18 مايو/أيار 2021.
اهتمام أوروبي متزايد بالملف الإيراني
مؤخراً، بدأت التحركات الدولية حول الملف الإيراني تتزايد على نحو ملفت. كانت البداية حين دعا وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى استخدام موقعه من أجل وضع حلول مرحلية، وإيجاد ضمانات مشتركة تريح الجانبين الإيراني والأمريكي. تلا ذلك تحركات فرنسية، تمثلت باقتراح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن يكون هو الوسيط المحايد بين واشنطن وطهران. وترافقت هذه المحاولات مع صمت روسي – صيني واضح إزاء التطورات، ما ينبغي تفسيره في مكان آخر.
وعلى الرغم من تزايد الانتقادات الأوروبية لإيران خلال الفترة الماضية بسبب تصعيد طهران لهجتها وسلوكها، إلا أن مجموع التحرك على الجبهة الأوروبية كان باتجاه وضع حل مرحلي ووسطي يمكّن الأطراف من العودة إلى طاولة الحوار النووي، لتكون النتيجة مجموعة من الحلول الوسطية، من بينها “مشاركة واشنطن بشكل غير رسمي في اجتماعات 1+4″؛ وهو ما واجه قبولاً من طهران، التي ترفض إلى الآن عودة واشنطن إلى الاتفاق من دون إنهاء العقوبات، وموافقة الحكومة الإيرانية على استمرار تفتيش المواقع النووية على الرغم من قرار البرلمان الإيراني إنهاء تطبيق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية – NPT، وقرار الإدارة الأمريكية بالتنازل عن استخدام آلية فضّ النزاع (Snap Back) المتضمنة في الاتفاق النووي، والتوقف عن محاولة إعادة العقوبات الدولية في مجلس الأمن، ما يعني التلويح بالتهدئة على صعيد العقوبات دون أن يعني ذلك تنازلاً ميدانياً عنها حتى الآن، في إطار ما وصفه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، منح الأطراف فرصة لبدء “مفاوضات سياسية” في غضون ثلاثة أشهر.
مواقف إيرانية تصعيدية
سبقت محاولات الحلّ هذه، مواقف إيرانية ساعدت في دفع الجانب الغربي باتجاه تكثيف جهوده لإيجاد حل وسط للأزمة مع إيران، إذ في حين دعا الوزير ظريف الجانب الأوروبي إلى العمل على وضع حلول لفتح القنوات الدبلوماسية، فإن مواقف من داخل الحكومة الإيرانية التي تقدم نفسها بأنها معتدلة، حاولت تصعيد اللهجة. وفي المقابل، جاءت المواقف من معسكر المحافظين أكثر اعتدالاً، وانتقدت تلك المواقف التصعيدية الصادرة عن الحكومة، ما يجعلنا أمام فوضى اختلاط الأوراق والمواقف في الساحة الإيرانية.
وعلى صعيد الحكومة الإيرانية، وفي حين أعلن المتحدث باسمها علي ربيعي، أن حكومة الرئيس حسن روحاني ماضية بتطبيق قرار البرلمان الإيراني القاضي بالتنصل عن التزامات الاتفاق النووي وإنهاء تطبيق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ووقف عمل المفتشين الدوليين؛ فإن علي أكبر صالحي، بصفته مساعد الرئيس الإيراني ورئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، أعلن بشكل واضح أن بلاده تقف على عتبة أن تصبح قوة نووية، في حين أشار مساعده إلى أنه بات بإمكان إيران أن تبدأ في أية لحظة تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% بالتزامن مع تأكيد الحكومة عدة مرات على بدء إنتاج معدن اليورانيوم (الذي يتم استخدامه في صنع القنبلة النووية).
وإلى جانب تلك الخطوات التصعيدية العملية وعلى مستوى الخطاب، فإن الفترة الماضية شهدت تطوراً لافتا، تلقفته الجهات الغربية بقلق، إذ أعلن وزير المخابرات الإيراني أنه وبالرغم من أن خطاب إيران يرفض إنتاج الأسلحة النووية، إلا أن الضغوط المفروضة على أي طرف، يمكن أن تدفعه إلى تغيير خطابه وموقفه في حال تجاوزت الضغوط عتبة معينة.
وعلى الرغم من رفض الحكومة في اجتماعها اللاحق موقف وزير مخابراتها، إلا أن الموقف أدى مفعوله في إخافة الجانب الغربي من مستقبل الملف النووي، باعتبار أن الضغوط يمكن أن تدفع الجهات المعتدلة في إيران إلى التخلي عن اعتدالها بشأن الملف النووي، والاندماج في كتلة المتشددين.
وتُظهر التطورات التي تلت موقف وزير المخابرات أن الحكومة الإيرانية استخدمت موقفه (ومجموع المواقف والخطوات التصعيدية) من أجل دفع عجلة الجهود الأوروبية باتجاه إيجاد حل يخرج الأطراف من أزمة المواقف الحدّية، والطريق المسدودة، إذ شهدت الأيام التالية طلباً من رافايل غروسي، بزيارة إيران لإيجاد حل وسط للأزمة التي يخاف الغربيون من أن تؤدي إلى حصول إيران على الأسلحة النووية، لتكون الحكومة الإيرانية قد نجحت في تغيير المعالم الأصلية للخطاب الغربي، من المطالبة بفتح المفاوضات على ملفات خلافية أخرى، من ضمنها البرنامج الصاروخي والتوسع الإقليمي، إلى التركيز فقط على ضبط سلوك إيران النووي، ووقف الخطوات التصعيدية الإيرانية.
تخويف الأوروبيين بخطاب “تقريب العتبة النووية”
شهدت ساحة المحافظين ردوداً قوية خلال الأيام الماضية على موقف وزير المخابرات محمود علوي (الذي ألمح فيه إلى احتمال تغيير الخطاب الرسمي في إيران، من خطاب يؤكد رفض امتلاك الأسلحة النووية إلى خطاب لا يرفض ذلك بالضرورة)، حيث أكّد وجوه من المحافظين أن موقف علوي يتناقض تماماً مع موقف قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي أفتى بحرمة إنتاج الأسلحة النووية، في حين أكّد عضوٌ في لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أن موقف وزير المخابرات يمثّل خروجاً على المواقف السيادية الإيرانية، وأن عليه أن يفسّر أسباب هذا الموقف، فيما استدعى البرلمان الوزير إلى جلسة استماع لتفسير موقفه.
وعلى الرغم من أن الموقف على الساحة السياسية في إيران يبدو غير منصاع للإطار التقليدي الذي يضع مواقف المتشددين التصعيدية، مقابل مواقف المعتدلين للتهدئة، إلا أن وضعها في إطار اللحظة الراهنة، يمكن أن يشير بوضوح، كيف يمكن للحكومة أن تستفيد من “التصعيد المدروس” لتطبيق أجندتها في الظروف الراهنة، وكيف تعمل “التهدئة المدروسة” على دعم أجندة المتشدّدين.
وتتمثل أجندة الحكومة بإيجاد ثغرة في العقوبات المفروضة على طهران، وذلك لتحسين فرص نجاح التيار الحكومي في الاستحقاق الرئاسي المقبل الذي تُظهر الأرقام انخفاضاً في أمل نجاحه، في ظل تراجع شعبيته نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية؛ وبالتالي، فإن أية تطورات إيجابية على الصعيد الاقتصادي، وإن كانت جزئية يمكنها أن تسهم في تحسين فرص فوز التيار الحكومي في الانتخابات المقبلة، طالما أنها قادرة على تحسين الوضع المعيشي، ما يمكن أن تستخدمه الحكومة للتلويح بأنها قادرة على مواصلة تحسين الوضع لو أتيحت لها فرصة من أربع سنوات أخرى.
وفي المقابل، تتمثل أجندة المحافظين في منع إيجاد مثل هذه الثغرة، عبر منع حصول أي اتفاق من شأنه أن يعيد الأطراف إلى إطار الاتفاق النووي، على أمل أن يرجح ذلك كفة المحافظين في الاستحقاق الرئاسي القادم، ويزيد من فرص فوزهم فيها، نتيجة عزوف الشارع عن الحكومة، على غرار ما حدث في الانتخابات البرلمانية الماضية (فبراير/شباط 2020).
ويخدم التصعيد المدروس المبني على “تقريب العتبة النووية”، و”التلويح بالقضاء على الخطاب المعتدل” أجندة الحكومة عبر تخويف الجانب الأوروبي، لدفعه لتفعيل الوساطة، وتشجيع الإدارة الأمريكية على القيام بالتنازل الأول، حتى إذا كان تنازلاً وسطياً ومنقوصاً.
أما المحافظون فإنهم يحاولون تحديد، وضبط سقف هذا الخطاب التصعيدي، وإن كانوا لا يتنازلون عنه، بما يخدم مصالحهم السياسية. ولعل في ذلك ما يفسر بعض التوجهات المتعارضة للتيار المحافظ، مثل مواصلة التصعيد مع الغرب عبر إلزام الحكومة بتطبيق خطوات تقلل من احتمال حصول حلّ في الفترة الراهنة، ومحاولة ضبط التصعيد الحكومي عبر الاعتراض على تصريحات وزير الأمن، ما يعني أن التيار المحافظ يريد أن يبقي الباب مفتوحاً على حظوظ الانفتاح مع الغرب، وجني ثماره، حيث لا يستبعد المحافظون الحوار، لكنهم يريدون تأجيله إلى حين وصولهم للسلطة التنفيذية.
وتنوه وجوه محافظة إلى أن الحوار مع الغرب سيكون أكثر جدوى في حال حدث مع المحافظين، الذين يمثلون مركز النظام السياسي في إيران. ومما يشير إلى ذلك، تأكيد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان مجتبى ذو النوري، المقرب من تيّار الصمود المتشدّد، على أنّ اتفاقاً بين الغرب والحكومة المحافظة سيحمل معه ضمانات أكبر من اتفاقٍ بين الغرب، وحكومة إصلاحية أو معتدلة، لا تتمتع بحظوة لدى مؤسسات الثورة.
الوساطة الأوروبية بين تطبيق الأجندة ومحاولة الحلّ
كانت المواقف الصادرة عن الولايات المتحدة، وحلفائها الإقليميين، وعن الثلاثي الأوروبي نفسه، خلال الشهر الماضي، تتجه نحو ضرورة توسيع الاتفاق النووي. وذلك في إطار حل شامل للأزمة الإيرانية، لكنّ مبادرة الوساطة الأوروبية التي تجري هذه الأيام، وتتمثل في “اتفاق الحكومة والوكالة”، و”مشاركة واشنطن في اجتماع 1+4” إلى جانب حزمة حلول نصفية أخرى، تظهر رغبة أوروبية في دعم أجندة الحكومة المعتدلة في إيران في السباق الانتخابي، وتأجيل الحل الجذري إلى ما بعد فوز الحكومة.
وتأتي هذه الرغبة الأوروبية من منطلقين، وهما:
أولاً، قناعة الأوروبيين باستحالة أي حل جذري للمسألة الإيرانية في فترة المخاض السياسي الذي تشهده الساحة الإيرانية على أعتاب الاستحقاق الرئاسي.
ثانياً، التفضيل التقليدي للمعتدلين على المحافظين في المخيلة السياسية الغربية، خشية أن تؤدي خسارة المعتدلين في إيران إلى دعم التوجه الأيديولوجي الإسلامي، والقضاء على آمال التسوية، والانفتاح على العالم بشكل نهائي.
وفي إطار هذا التصور للساحة السياسية في إيران، والذي تحاول الترويج له اللوبيات الإيرانية في أوروبا وأمريكا، تُظهر التطورات أن الثلاثي الأوروبي قرّر تأجيل الحلّ النهائي للأزمة مع إيران، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، كما قرّر منح حكومة المعتدلين دعماً من خلال حلول وسطية، تُجنِّب الجانبين التنازل عن مواقفهما، والدخول في جدل مع منافسيهما الداخليين، مقابل منح الجانب الإيراني فرصة لإحياء المسار الدبلوماسي، ومنحه ثمار هذا الإحياء، على أن من المرجح أن تشهد الفترة المقبلة انفتاحاً جزئياً في نظام العقوبات الصارم، تستفيد منه الحكومة الإيرانية في تحسين الوضع المعيشي إذا استطاعت الالتزام بالاتفاق الوسطي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نوايا حُسن نية، ومن خلال جعل النظام السياسي في إيران أمام الأمر الواقع.
عقبات على طريق المبادرة الأوروبية
حشد التيار المحافظ الإيراني أنصاره في طهران، 21 فبراير/شباط 2021، في وقفة احتجاجية مقابل مبنى “منظمة الطاقة النووية الإيرانية” بالتزامن مع زيارة غروسي إلى طهران، على الرغم من الحالة الصحية، وانتشار فيروس “كورونا”، للتعبير عن الاعتراض على الزيارة، وطالب المحتجون بوقف التعاون مع الوكالة، وطرد المفتشين الدوليين، فيما أعلن 226 نائباً في البرلمان الإيراني، في بيان، أن على الحكومة أن توقف تطبيق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ومنع التفتيش، في حال عدم إنهاء العقوبات ما يجعل الاتفاق الجديد بين الحكومة والوكالة قراراً هشاً على ورق.
ويبدو من غير المحتمل أن تؤدي مبادرة الوساطة الأوروبية إلى النتائج المرجوة، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار تأثير ما يمكن وصفه بـ “الدولة العميقة” في إيران، ولم تحاول مخاطبة المؤسسات التي تنتمي إلى هذه الدولة العميقة والوجوه المقربة منها، وذلك لأن سيطرة هذه المؤسسات على المواقع الحساسة في عملية صنع القرار السيادي في طهران ستجعل من أية محاولة للانفتاح السياسي على إيران حالياً، محاولة عقيمة، ومبتورة، إلا إذا اعتبرنا أن الخطوة الأوروبية تأتي لفتح مجال يمكن استخدامه من أجل فتح باب الحوار بين إيران والولايات المتحدة في عهد الحكومة الإيرانية المقبلة، مهما كانت توجهاتها.
السيناريوهات
تتنوع السيناريوهات حول مستقبل المبادرة الأوروبية بين سيناريوهات ترجح أن تستطيع المبادرة رؤية النور، وسيناريوهات أخرى ترجح فشل المبادرة، لأسباب ظرفية واستراتيجية معاً، فيما من شأن افتقاد المحافظين في إيران للبديل، أن يضعهم في موقف ضعيف، أمام محاولات الحكومة لوضع النظام أمام الأمر الواقع.
السيناريو الأول: نجاح المبادرة الأوروبية. يفترض تحقق الغاية من الوساطة الأوروبية المتمثلة في إعادة كل من طهران وواشنطن إلى طاولة “المفاوضات النووية” من خلال اقتراح حلول وسطية، وخطوات تمهيدية يقوم بها مختلف الأطراف، ورد بعضها في سياق هذه الورقة. ويفترض السيناريو أن تجنب المبادرة الأوروبية الحكومةَ الإيرانية محاولات إدخالها في مفاوضات شاملة ما يعمل على تجنيبها أزمة مع المؤسسات السيادية في إيران، ويفترض كذلك أن تمنح الوساطة الحكومة الإيرانية شحنة قوية من أجل خوض الاستحقاق الرئاسي، من خلال العمل على تحسين الوضع المعيشي للإيرانيين (وهو ما بدأت بوادره غداة اتفاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحكومة الإيرانية حول الحلول النصفية) على أن يستمر هذا الاتجاه في الفترة المقبلة من خلال خطوات تسهيل أخرى، تتمثل في مساعدات، واستثناءات في نظام العقوبات، لأسباب إنسانية، لا ترتقي لمستوى إنهاء العقوبات، لكنها تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي في إيران، إلا إذا افترضنا تصدي المؤسسات السيادية التي يحكمها المحافظون لمحاولات الحكومة ما من شأنه “وأْد” المبادرة الأوروبية وجعلها عقيمة.
السيناريو الثاني: إخفاق المبادرة الأوروبية. يبدأ من ختام السيناريو الأول، إذ يفترض أن تقوم المؤسسات المحافظة في إيران بالقضاء على محاولات الحكومة الالتفاف على القيود التي وضعتها تلك المؤسسات المحافظة ما يجعل أية محاولة للتقارب بين إيران وواشنطن وأية آمال للعودة إلى الاتفاق النووي مفقودة على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة. وفي حين أن تحركات البرلمان الإيراني غداة اتفاق الحكومة والوكالة، تشير إلى ترجيح مثل هذا السيناريو، فإن الحدود الزمنية الضيقة تجعل من احتمال التوصل إلى اتفاق بعيداً في الفترة الزمنية القصيرة المتبقية. إلا أن حكومة الرئيس روحاني التي تحاول الإسراع في الجلوس إلى طاولة الحوار مع واشنطن، والاستفادة من آثار هذه الخطوة على تحسين المستوى المعيشي، تريد من ذلك حشد الرأي العام من أجل تحييد المؤسسات الثورية، وخفض احتمال حدوث هذا السيناريو. ومع ذلك، وبالنظر إلى اختلال توازن القوة بين الحكومة والمؤسسات السيادية، يبدو هذا السيناريو أكثر ترجيحاً من السيناريو الأول.
السيناريو الثالث: النجاح الجزئي للمبادرة الأوروبي. يفترض أن تفشل المبادرة الأوروبية في دعم التيار المعتدل في الانتخابات المقبلة، لكنها تنجح في إعادة الأطراف إلى طاولة “المفاوضات النووية”؛ ما يفتح الطريق أمام جلوس الحكومة الإيرانية المقبلة، أيا كان انتمائها السياسي، إلى طاولة هذه المفاوضات. وبالنظر إلى حقيقة أن الأوروبيين والأمريكيين يدركون أن أي توافق مع حكومة تصريف أعمال، يبقى هشاً، وعرضة للاندثار، فإن هذا السيناريو سيكون أكثر وفاء للمعطيات الواقعية إذ سيكون المُراد منه استغلال الحكومة المعتدلة من أجل العودة إلى المفاوضات من دون أن يعني ذلك الحصول على توافق. وفي حين تؤكد مجمل المواقف الغربية مثل هذه الرغبة، فإن من شأن ذلك أن يخدم التيار المحافظ في إيران من خلال رفع وزر العودة إلى المفاوضات عن عاتقه.
المصدر: مركز الإمارات للدراسات.
مصدر الصور: المنار – أرشيف سيتا
موضوع ذا صلة: “النووي الإيراني”: بين القوة الصاروخية والدور الإقليمي