إعداد: مركز سيتا

قامت الأمم المتحدة، بإرسال فريق متقدم مصغر إلى ليبيا، بناء على توصية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للمساعدة في عملية التخطيط التي تضطلع بها الأمم المتحدة، بالتشاور الوثيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وتوفير الأساس اللازم للدعم الذي يمكن توسيع نطاقه من الأمم المتحدة لآلية مراقبة وقف إطلاق النار التي يقودها الليبيون ويملكون زمامها.

سباق مع الزمن

أكد رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد دبيبة، نزاهة العملية التي جرى فيها اختيار السلطة الجديدة، متحدثاً عن محاولات تشويش على تشكيل الحكومة، وإفساد حالة التوافق الوطني، وتعطيل عملية منح الثقة للحكومة من خلال تبني نهج نشر الإشاعات والأخبار الزائفة وتغيير الحقائق وهو نهج سبق وأن عاناه الشعب الليبي وتسبب في جزء كبير من معاناته نتيجة ما يؤدي إليه من نزاعات وانقسامات وحروب، لكن ذلك في بعض طياته صحيح شكلاً بسبب محاولة اغتيال وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، والتي أتت في وقت حساس جداً، ما يؤكد أن محاولات التشويش والتعطيل قائمة من بعض الجهات، لإعادة وصع البلاد إلى المربع الأول من الفوضى.

إن موعد الانتخابات الليبية، المقرر في ديسمبر/كانون الأول 2021، لا يمنح الحكومة الانتقالية الجديدة الوقت الكافي لتحقيق الغاية المنشودة على الرغم من أنها تحاول، على قدم وساق، كسب الثقة من أعلى سلطة وهي البرلمان الليبي والذي من المتوقع أن تتم بمعدل موافقة أكثر من 100 نائب على الأقل.

الدور الأممي

إن وفد المراقبين الدوليين يضم ممثلين عن أعضاء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وخبراء من مقر الأمم المتحدة في نيويورك. هذا الفريق من المفترض أن يزور مدينة سرت، التي تتخذها اللجنة العسكرية المشتركة مقراً لها، وسيتضمن الاجتماع استيضاح بعض الأمور والمعلومات حول إقامة الفريق وحمايته، وبعض الأمور الأخرى، النقطة الأهم هي أن فريقاً آخر من المراقبين سيصل إلى ليبيا للإشراف على خروج المقاتلين الأجانب، عند بدء الإعلان عن خروجهم، وهذه هي النقطة الحساسة والفاعلة في إطلاق العملية السياسية بشكلها الصحيح، لأن مطالبات اللجنة العسكرية (5+5) واضحة في هذا الخصوص أي إخراج كل القوى الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وعلى ضوء ذلك ستتغير النظرة الليبية عموماً من أداء الأمم المتحدة، وسط كل الشائعات التي طالتها في ملتقى تونس واجتماعات جنيف والغردقة وغيرهم.

وبما يتعلق بالشق الأمني، ستكون مسألة حماية المراقبين الدوليين من مهام القوة المشتركة التابعة للجنة العسكرية 5+5، والتي ستقوم كذلك بتأمين جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية لمجلس النواب في سرت، ومن المفترض أن تستمر مهمة طليعة المراقبين الدوليين في ليبيا خمسة أسابيع، للتحضير لنشر مراقبين لاحقاً في آلية مراقبة وقف إطلاق النار، التي سبق وأن أعلن عنها غويتريش في فبراير/شباط 2021، أن مجلس الأمن يعتزم نشر طليعة وحدة مراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا.

هذا وسبق أن خرجت شائعات تتحدث عن أنه وخلال محادثات تونس عَرض اثنان من المشاركين “رشاوى تتراوح بين 150 – 200 ألف دولار لثلاثة أعضاء على الأقل في منتدى الحوار السياسي الليبي إذا التزموا بالتصويت لدبيبة كرئيس للوزراء”، الأمر الذي دفع البعثة الأممية إلى التصريح بالقول “فيما يتعلق بالتقارير الإعلامية التي يتم تداولها حول مزاعم الرشاوى خلال انعقاد ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، نقلاً عن تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة، تؤكد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن فريق الخبراء – PoE هو كيان مستقل ومنفصل تماماً عن بعثة الأمم المتحدة، يقدم تقاريره إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن”، وأكدت البعثة كذلك أنها “لا تتلقى تقارير فريق الخبراء بما في ذلك التقرير الأخير؛ وبالتالي، لا يمكنها التعليق على محتواه، مشيرة إلى أن يجب توجيه أية استفسارات في هذا الصدد إلى لجنة العقوبات.”

أيضاً، كشف خبراء من الأمم المتحدة، في تقرير رفع إلى مجلس الأمن، أنه تم شراء أصوات ثلاثة مشاركين على الأقل في محادثات السلام الليبية التي ترعاها الهيئة الدولية؛ وبالتالي، تجاهل هذه المنظمة لهذا المحتوى أمر لن يرقَ لليبيين في ضوء أنه سيفسر على أنه تهرب من الاضطلاع بمسؤولياتها بعد أن أصبحت هذه الشائعات منتشرة ليس فقط في ليبيا، بل في كل الأوساط الإعلامية العالمية.

أخيراً، تمر الأزمة الليبية بمرحلة مفصلية ومهمة جداً على الصعيدين الأمني والسياسي، في ضوء التطورات التي حدثت مؤخراً، إذ أن الحكومة الانتقالية تعمل بشكل جدي ومقربة من جميع الأطراف، أي القيادتين الشرقية والغربية، وهي مهتمة بأن تكون الحكومة التي ستتشكل في الانتخابات الليبية المقبلة تضم كافة الشرائح الليبية، لكن الخطورة تكمن في مسألة التعطيل من جهات معينة مرتبطة بأجندات خارجية، خاصة وأن اقتراب الإعلان عن جدول زمني جديد قاب قوسين أو أدنى لإخراج القوى الأجنبية والمرتزقة، وهذا سيدفع ببعض القوى المنخرطة في ليبيا، بمحاولة التعطيل بطرق كثيرة، لعل محاولة إغتيال الوزير باشاغا كانت واحدة منها، إضافة إلى تفجير شائعة تلقي الرشاوى لمنح أصوات لرئيس الحكومة الحالي؛ بالتالي، مرحلة دقيقة تفصل ليبيا، فإما المضي قدماً أو العودة إلى نقطة الصفر عبر نسف كل الجهود الدولية التي تمت خلال الشهور الأخيرة من العام 2020 حتى هذا اليوم.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصورة: الميادين.

موضوع ذا صلة: ليبيا تبدأ مرحلة جديدة.. هل يكتب لها النجاح؟