إعداد: مركز سيتا
أسفرت محادثات التي ترعاها الأمم المتحدة عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة في ليبيا بهدف وضع حد لعقد من الفوضى والانقسام والعنف، على أن تُجرى الإنتخابات في وقت لاحق هذا العام (2021)، وسيرأس محمد المنفي، الدبلوماسي السابق من بنغازي، مجلساً رئاسياً من ثلاثة أعضاء، بينما سيتولى عبد الحميد دبيبة، من مدينة مصراتة غرب البلاد، منصب رئيس الوزراء.
حكومة هشة؟!
في ظل تخوف العديد من الفصائل بالتخلي عن نفوذها ودعم العديد من القوى الأجنبية لحلفاء محليين، فقد تتعرض الحكومة الجديدة سريعاً لضغوطات كبيرة خصوصاً وأن تعيينها قد لا ينتج أي أثر فعّال على تغيير ميزان القوة العسكرية الموجودة على الأرض، حيث تُحكم الشوارع من قِبل تنظيمات مسلحة منقسمة بين الشرق والغرب على طول الجبهات الأمامية.
في هذا الخصوص، رأى الناشط السياسي جمال الفلاح، من بنغازي، أن “هذه الفرصة هي الأخيرة للشعب الليبي والقادة السياسيين لإنهاء الصراع والانقسام في البلاد. ونأمل أن نصل لمرحلة الانتخابات كما وعدوا لتحقيق مطالب الشعب”، هذا من جهة.
من جهة أخرى، يصف محللون الفريق الحكومي الجديد بـ “الفائز غير المتوقع” بالمنافسة على القيادة أمام ثلاث مجموعات أخرى من المرشحين طُرحت أسماؤهم على 75 مشاركاً ليبياً اختارتهم الأمم المتحدة ليكونوا جزءاً من المحادثات السياسية بعد أن كانت التوقعات تنحو باتجاه قائمة ضمت رئيس البرلمان في الشرق، عقيلة صالح، ووزير الداخلية في الغرب، فتحي باشاغا، على أنها الأوفر حظاً للفوز لكنها خسرت في جولة الإعادة بعد أن حصلت على 34 صوتاً مقابل 39 صوتاً للقائمة التي نجحت.
دور أممي
قالت ستيفاني وليامز، القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، إنه “يسعدني أن أشهد هذه اللحظة التاريخية”، حيث اختار منتدى ليبيا بقيادة الأمم المتحدة حكومة مؤقتة عن طريق التصويت.
وانبثقت أحدث عملية تقودها الأمم المتحدة عن “مؤتمر برلين”، العام 2020، واكتسبت زخماً في الخريف بعد أن صدت حكومة “الوفاق” الوطني، الواقعة في الغرب، هجوماً لقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر استمر 14 شهراً على طرابلس، وتضمنت العملية أيضاً وقفاً لإطلاق النار، لكن لم يتم الوفاء ببعض شروطه في مؤشر على استمرار انعدام الثقة بين الطرفين وعلى الانقسامات الداخلية في الجانبين.
من هنا، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها من نسف الجهود المبذولة لإفشال دور الحكومة الجديدة خاصة لجهة الولاءات الخارجية لدى بعض الأطراف، ما يعني إن الحكومة الجديدة قد لا تستطيع ردم الفجوة بين شرق وغرب ليبيا.
رغم ذلك، توجد خشية حقيقية عند الكثير من الليبيين لجهة الدور الأمم المتحدة “المشبوه” الذي لعبته في تشكليها، حيث إنتقد بعض الليبيين هذه العملية التي رؤوا فيها أنها تدار من الخارج، كما عبروا عن خشيتهم من أن تسمح ببقاء نوع من السلطة لدى بعض أصحاب النفوذ.
ترحيب دولي
قال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن “واشنطن ترحب بتشكيل حكومة جديدة مؤقتة في ليبيا وذلك بعد محادثات برعاية الأمم المتحدة كانت تهدف لوضع حد لعشرة أعوام من الفوضى والانقسام والعنف”، مضيفاً “نرحب بهذه الأنباء. وندعم تماماً نتيجة العملية هذه التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي ستقود إلى ليبيا مستقرة وآمنة وإلى انتخابات في ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري 2021”.
من جهتها، قالت الخارجية التركية إنها ترحب باختيار حكومة ليبية مؤقتة جديدة، عبر محادثات ترعاها الأمم المتحدة، وإنها ستواصل تقديم الدعم لحين إجراء انتخابات جديدة في هذا العام (2021)، مضيفة أن اختيار الحكومة المؤقتة “فرصة كبيرة” لإرساء الوحدة السياسية وحماية سيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها.
أيضاً، أثنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان لها، على جهود الأمم المتحدة بشأن تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، مؤكدة تعاونها الكامل مع السلطة الجديدة بما يحقق الأمن والاستقرار والازدهار وتطلعات الشعب الليبي، كما أكدت الوزارة أن الإمارات تتطلع إلى نجاح ما تبقى من مسارات برعاية بعثة الأمم المتحدة، معربة عن أملها في ان يدعم هذا الإنجاز الاستقرار في ربوع ليبيا، بما يحفظ سيادتها الوطنية ويحقق تطلعات شعبها.
أخيراً وعلى الرغم من ترحيب البعض، تكمن المشكلة في مدى قدرة الأمم المتحدة على انجاح جهودها في إخراج القوى الأجنبية والمرتزقة ووقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا؛ بالتالي، إن عدم قدرة المنظمة والأطراف الدوليين تحقيق هذا الأمر فهذا يعني حكماً أن مستقبل الحكومة المنتخبة محكوم عليه بالفشل، لأن الأخيرة عاجزة لوحدها عن ضبط الخلافات بين القيادين، الشرق والغرب.
رغم ذلك، يتمنى الجميع لهذا البلد الاستقرار والأمان بعد عقد كامل من المعاناة والاقتتال والدمار، والقادم من الأيام القادمة سيحدد مساراتها وتوجهاتها ولصالح مَن سيكون ولاءها؛ إن لم يكن للشعب الليبي، فهذا سيعني كتابة “فصل جديد” من السيناريو الليبي المعروف سلفاً.
مصدر الأخبار: مركز سيتا + وكالات.
مصدر الصور: روسيا اليوم – الجزيرة.
موضوع ذا صلة: ليبيا ما بعد إتفاق جنيف.. هل تنعم بسلام سياسي؟