ذكرت تقارير صحفية أمريكية أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيعترف رسمياً بجرائم إبادة الأرمن التي جرَت على أيدي العثمانيين، في خطوةٍ تأتي بعد عامَين من إقرار الكونغرس مشروعاً يصف المجازر، التي ارتكبت خلال الفترة من العام 1915 وحتى العام 1917، بأنها ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية، وهي الأحداث التي يقول الأرمن إنها أسفرت عن مقتل 1.5 مليون مواطن، بينما تقول تركيا إن أعدادهم أقل من 500 ألف، وإن عملية القتل جاءت في وقت اقتتال أهلي راح ضحيته أتراك أيضاً.
وحثّ 38 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين الرئيس بايدن على الاعتراف رسمياً بالإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية، داعين بايدن لأن يكون أول رئيس أمريكي يتخذ هذا القرار.
وعلى الرغم من استخدام عدة رؤساء أمريكيين مسألة الاعتراف بمذابح الأرمن كوعود في حملاتهم الانتخابية فإنهم تراجعوا بعد الوصول إلى السلطة، فلماذا يبدو الوضع مختلفاً هذه المرة؟
حسب المحلل السياسي التركي، حسن سيفيري، فإن الرئيس بايدن يستخدم مصطلح الإبادة حتى قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية، فضلاً عن اطلاعه الواسع على هذا الملف، مشيراً إلى أن رسالة أعضاء مجلس الشيوخ تأتي كوسيلة دعم إضافية لموقفه.
يشير سيفيري إلى أن تركيا تنظر دائماً إلى هذا الموضوع بحساسية كبيرة، وترفض استخدام وصف “إبادة”، وهناك أزمة في العلاقات التركية – الأمريكية تعتبر واحدة من أسوأ الأزمات التي مرَّ بها البلدان.
وعود انتخابية
من جهته، يقول الأستاذ المشارك في الجامعة الأمريكية بأرمينيا، الدكتور فرهام تير متيفوسيان “إنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون عن الاعتراف بإبادة الأرمن؛ لكن ما حدث في الماضي هو تراجع في اللحظات الأخيرة عن اتخاذ القرار أو التخلي عن الفكرة بعد الوصول إلى البيت الأبيض، لذلك بقي هذا الوعد الانتخابي دائماً محل شك في القدرة على التنفيذ.”
يتسق موقف إدارة بايدن حيال الاعتراف بإبادة الأرمن مع السياسة الأمريكية المتبعة في الفترة الحالية، حسب رئيس مجلس إدارة المركز التحليلي للعولمة والتعاون الإقليمي، ستيبان غريغوريان، والذي يؤكد أن السياسة التركية، في الوقت الحالي، أصبحت أكثر قرباً إلى روسيا منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن الاهتمام الأمريكي بأوضاع حقوق الإنسان.
يشير فرهام تير متيفوسيان إلى الاختلاف هذه المرة مع بايدن كرئيسٍ ينظر إلى مسألة إبادة الأرمن من عدة أمور، في مقدمتها عدم قوة العلاقات الأمريكية – التركية راهناً، وهو أمر ينعكس على هذا الملف في ظل التسييس الدائم لهذه المسألة، فضلاً عن المصالح المشتركة التي تدفع الإدارة الأمريكية لاتخاذ هذا القرار، مشيراً إلى أن تركيا تتحدث بعداء شديد عن الأرمن بشكل عام، وهو ما ظهر خلال الاشتباكات الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان.
يؤكد تير متيفوسيان أن الاعتراف الأمريكي بمذابح الأرمن، في الوقت الحالي، سيكون متسقاً بشكل كبير مع القيم الأمريكية التي يتحدث عنها بايدن وإدارته، والساعي لاستعادتها بعد الحقبة الشعبوية التي عاشتها الولايات المتحدة إبان حكم (سلفه الرئيس دونالد) ترامب.
لكن المحلل التركي، حسن سيفيري، يرى أن اعتراف واشنطن بمذابح الأرمن سيكون له تأثير سلبي على العلاقات بين البلدين خصوصاً في ظل السياسة الجديدة التي يحاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اتباعها بشأن إعادة إصلاح العلاقات المتوترة مع دول العالم، مؤكداً احتمالية وجود نقاط توافق عديدة بين واشنطن وأنقرة في ظل السياسات التركية الجديدة، خصوصاً في ما يتعلق بسوريا.
يختم ستيبان غريغوريان بالإشارة إلى غياب اعتبار مهم كان يؤجل الاعتراف الأمريكي وهو تطبيع العلاقات بين أرمينيا وتركيا؛ الأمر الذي أصبح مستحيلاً؛ لا سيما بعدما قامت أنقرة بدعم أذربيجان خلال الاشتباكات العسكرية الأخيرة (2020)، لافتاً إلى أن تركيا يمكنها لعب دور فقط في استعادة الأسرى الأرمن الذين لا يزالون محتجزين في أذربيجان بشكلٍ غير قانوني.
المصدر: كيو بوست.
مصدر الصور: الحرة.
موضوع ذا صلة: أريسيان: إدانة مجلس الشعب للإبادة الأرمنية خطوة متقدمة