اعداد: يارا انبيعة

في ظل الأزمات الإقتصادية والإنسانية والأمنية الصعبة بسبب انعدام الحلول القريبة، تشهد الساحة الليبية تحركات متسارعة في عدة اتجاهات داخلية وخارجية من أجل إرساء أرضية تساعد على تنفيذ خارطة طريق تقدم بها المبعوث الأممي غسان سلامة، والتي تقضي بتعديل الاتفاق السياسي وعقد مؤتمر وطني شامل للحوار، وإجراء استفتاء لاعتماد دستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية. هذه التحركات تتزامن مع حلول الذكرى الثانية لـ “اتفاق الصخيرات” الذي وقع عليه الفرقاء الليبيون، في 17 ديسمبر/كانون الاول 2015 لإنهاء أزمة تعدد الشرعيات، لكن هذا الاتفاق ما زال يواجه الكثير من العوائق التي تحول دون إنفاذه.

اتفاق الصخيرات.. “انتهى”

في خطاب متلفز أعلن قائد “الجيش الوطني الليبي”، المشير خلفية حفتر، المتحالف مع مجلس النواب في مدينة طبرق شرق ليبيا، انتهاء الاتفاق السياسي في البلاد ورفضه أسلوب التهديد من قبل الدول العظمى.

وأكد حفتر على انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات، ومعه ولاية حكومة الوفاق الوطني التي يدعمها المجتمع الدولي، ونص الاتفاق الذي وقّع قبل عامين في منتجع الصخيرات المغربي برعاية الأمم المتحدة القاضي بتشكيل حكومة الوفاق لمدة عام قابلة للتمديد مرة واحدة.

كما أشار المشير حفتر الى أن ولاية الحكومة، التي يترأسها فايز السراج، نظرياً انتهت، بالرغم من انها ما زالت تنال موافقة مجلس الامن الدولي الذي شدد على ان اتفاق الصخيرات “يبقى الاطار الوحيد القابل للاستمرار لوضع حد للازمة السياسية في ليبيا” في انتظار اجراء انتخابات مقررة العام 2018.

وقال حفتر، مخاطباً الشعب الليبي، “إننا نرفض خضوع الجيش لأي جهة مهما كانت شرعيتها، إلا أن تكون منتخبة”، وأضاف “رغم ما يواجهنا من تهديدات، حتى بلغ الأمر بالوعيد إذا ما أقدمنا على أي خطوة خارج المجموعة الدولية، إلا أننا نعلن اليوم انصياعنا إلى الشعب الليبي الحر وسندافع عن قرارته”.

وأكد حفتر أن مطلع يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2017 هو “تاريخ انتهاء الاتفاق السياسي، وانتهاء أي جسم انبثق عنه ورغم كل الشعارات البراقة من الحوارات السياسية من غدامس مروراً بجنيف والصخيرات وانتهاء بتونس، انتهت كلها حبراً على ورق.”

وأشار حفتر إلى تقديم القيادة العامة مبادرات كثيرة للمجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة والدول المهتمة بليبيا للوصول إلى حل شامل قبل تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2017 واتخاذ إجراءات تمهيداً لإجراء انتخابات في أسرع وقت، موضحاً “حاولنا دفع عجلة الحوار قبل 17 ديسمبر/كانون الاول إلا أن السياسيين فضلوا مصالحهم الشخصية.”

السراج.. يرد

في المقابل، أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، إنه لا وجود لتورايخ تنهي الاتفاق السياسي، الا عند التسليم لجسم منتخب من الشعب.

وأكد السراج، في بيان أصدره، أن حكومة الوفاق مستمرة في عملها المعتاد، ولن يثنيها المعرقلين عن أداء واجبها تجاه المواطنين، داعياً جميع الليبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والمناطقية إلى لم الشمل والمصالحة الوطنية.

كما شدد السراج على ضرورة أن يفسح الجميع الطريق للشعب الليبي ليقول كلمته عبر صناديق الاقتراع، وليس القفز على السلطة وعسكرتها، داعياً الجميع إلى التسجيل والمشاركة في العملية الانتخابية للوصول إلى حل للأزمة في البلاد.

الجزائر تجدد رفض التدخل العسكري

أجرى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج زيارة قصيرة الى الجزائر التقى فيها الوزير الأول احمد أبو يحيى، تناولا فيها الوضع السياسي في ليبيا، وعدداً من ملفات التعاون المشترك، حيث اكد الطرفان على عمق العلاقة التي تربط الشعبيين الشقيقين، وعلى توافق وجهات النظر بين البلدين تجاه مجمل القضايا التي تم بحثها.

وفي تصريح صحفي جمعه مع أبو يحيى عقب المحادثات، أعلن السراج تفعيل اللجان الفنية بين البلدين، وعقد اللجنة المشتركة لاجتماعها مطلع العام 2018، وأكد أن زيارته للجزائر تأتي في إطار اللقاءات التشاورية المستمرة مع السلطات الجزائرية، مضيفا بأنه تحدث مع المسؤولين في الجزائر بوضوح حول ما يجري في ليببا، في إشارة إلى التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الليبية والجهود المستمرة لتسوية سياسية للازمة.

وأشار السراج إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن التسوية السياسية للازمة الليبية قائلاً “هناك تطابق في الرؤى بيننا وبين الجزائر حول الوضع في ليبيا”، وتابع “تحدثنا بوضوح حول ما يحدث في ليبيا حول أفاق الاستقرار والأمن في ليبيا، ونحن نثمن دعم الجزائر منذ البدايات لاستقرار ليبيا للاتفاق السياسي.”

من جهته، أكد الوزير الأول أحمد أبو يحيى، خلال اللقاء، دعم الجزائر للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، وشدد على أن الاتفاق السياسي “يمثل الأرضية الوحيدة لتحقيق التوافق، وله من الآليات التي تمكنه من تحقيق ذلك بحل أي انسداد سياسي، وأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة.”

تجديد ثلاثي لاتفاق الصخيرات

عقب الاجتماع الرابع التنسيقي بين وزراء خارجية مصر، وتونس، والجزائر، والذي عقد بمقر وزارة الخارجية التونسية لبحث مستجدات الوضع وأفق الحل السياسي في ليبيا، جدد وزراء الخارجية الثلاث، في بيان صادر عنهم بعد الإجتماع، دعمهم للاتفاق السياسي الليبي بإعتباره إطاراً للحل السياسي في ليبيا، مؤكدين رفضهم أي تدخل خارجي في ليبيا وأي شكل من أشكال التصعيد أو أي محاولة، من أي طرف بهدف تقويض العملية السياسية. كما جددوا تمسكهم بوحدة ليبيا واستقرارها وسلامتها الإقليمية مؤكدين أن الحل السياسي يجب أن يكون نابعاً من إرادة وتوافق كل مكونات الشعب الليبي دون إقصاء أو تهميش لأحد وأهمية توحيد كل المؤسسات الوطنية بما في ذلك مؤسسة الجيش الليبي، مشددين على الدور المركزي والمسؤولية السياسية والقانونية لمنظمة الأمم المتحدة باعتبارها الراعي للحوار السياسي الليبي والمعنية بمتابعة تنفيذ بنوده وتطبيق مخرجاته.

ودعا وزراء خارجية الدول الثلاثة الأطراف الليبية لإعلاء مصلحة الوطن وتغليب لغة الحوار والتوافق بما يسمح بتنفيذ خطة العمل من أجل ليبيا التي اقترحها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، الدكتور غسان سلامة.

وثمن البيان الجهود الليبية لمعالجة أزمة المهاجرين غير الشرعيين، مؤكدين أن معالجة ظاهرة الهجرة تقتضي مقاربة شاملة من كل أطراف المجتمع الدولي والتي تأخذ في الاعتبار الأسباب العميقة لهذه الظاهرة في ترابطها مع التنمية ومعالجة الأزمات.

واتفق الوزراء على مواصلة تشجيع التنسيق الأمني بين الدول الثلاث لتقيم التهديدات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية على أمن واستقرار ليبيا والدول الثلاث، وكذلك بقية دول الجوار وتعزيز تبادل المعلومات، ورصد أي انتقال لعناصر إرهابية إلى المنطقة من بؤر الصراعات الإقليمية والدولية.

كما وحذر الوزراء الثلاثة من تردي الأوضاع المعيشية للشعب الليبي بسبب حالة عدم الاستقرار والإطالة في المسار السياسي، مؤكدين أولوية توفير الخدمات العامة للمواطن الليبي وتحسين ظروف حياته اليومية. ونوه وزراء خارجية، في ختام بيانهم، إلى اتفاقهم على عقد اجتماعهم المقبل في الجزائر على أن يحدد موعدهم بالتشوار في ما بينهم.

تفاقم الأزمة بالبلاد

من جهته حمل المتحدث بإسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري، المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه ليبيا حاليا، لافتاً إلى أن هناك دولاً دعمت جهات غير وطنية وجماعات إرهابية من أجل السيطرة على مقدرات البلاد، وأن التدخل الأجنبي في ليبيا ساهم في تفاقم الأزمة بالبلاد.

وأشار إلى أن القوات المسلحة الليبية تعمل على فرض الأمن ومحاربة التنظيمات الارهابية بجميع المدن الليبية، موضحاً أن هناك تظاهرات عارمة خرجت في جميع أنحاء المدن الشرقية لدعم القوات المسلحة الليبية ولا سيما بعد كلمة المشير خليفة حفتر.

وشدد المسماري على ضرورة أن يدرك المجتمع الدولي أن في ليبيا جماعات إرهابية تهدد الأمن الدولي، وأن ما تقوم به القوات المسلحة هو في صالح الشعب الليبي والمنطقة، وتابع قائلاً “نريد رئيس دولة يتوافق عليه الشعب الليبي، وذلك عن طريق الانتخابات الحرة المباشرة، وسيكون الجيش تحت قيادة هذا الرئيس.”

الحل في اجراء الانتخابات

اعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن خيار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يعد أسرع وأقصر الطرق لإنهاء الأزمة الليبية وما نتج عنها من أزمات اقتصادية وإنسانية وأمنية. ودعت اللجنة المواطنين إلى ضرورة التسجيل في السجل الانتخابي الذي أطلقته المفوضية العليا للانتخابات، وذلك ليتسنى لهم المشاركة، بإعتبار أن خيار الانتخابات أهم الوسائل ليعبر الليبيون عن إرادتهم في تقرير مصيرهم، مؤكدة دعمها لخطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، وخاصة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.

وشددت اللجنة في بيانها، على أنه لا يمكن القبول برفض إجراء الانتخابات في البلاد بذريعة الأوضاع الأمنية، مبينة أن أطرافاً تتخذ هذه الحجة بهدف استمرار بقائهم في السلطة، مطالبة مجلس النواب بأداء استحقاقات قانون الاستفتاء العام للدستور وقانون الانتخابات.

عودة الإرهابيين.. واردة

بعد صدور عدة تقارير محلية ودولية أفادت عن وجود فلول لتنظيم “داعش” في الصحراء والأودية بجنوب سرت، وعودة لملمة صفوفه مجدداً بعد هزيمته من سرت وطرده منها العام 2016 من قبل قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني، حذر خبراء أمريكيون، من عودة “المقاتلين الإرهابيين” من العراق وسوريا إلى ليبيا، وعدد من الدول التي يصنفها بعض الدبلوماسيين على أنها مناطق “رمادية”.

من جهته تساءل مدير المركز الدولي للأمن والدفاع سيث جونز “السؤال هو كم عدد قتلاهم؟.. كم منهم ما زال على قيد الحياة، مستعداً لمواصلة القتال؟ كم منهم تخلوا عن النضال أو ذهبوا لمواصلته في مكان آخر؟ لست على علم بتقديرات جديرة بالثقة.”

من جانبه، أكد الباحث بروس هوفمان، المتخصص في الإرهاب في جامعة جورجتاون أثناء مؤتمر في واشنطن، أنه رغم مقتل عدد منهم فقد نجا الآلاف وتمكنوا من مغادرة سوريا. وأوضح هوفمان “أن عدداً منهم أصبح في جزيرة البلقان حيث يمكثون بعيداً عن الأضواء للعثور على فرصة للتسلل إلى أوروبا.”

فيما أشار بعض الخبراء إلى أن مقاتلي تنظيم “داعش” الذين فروا من العراق وسورية سوف يتوجهون إلى ليبيا ودول الساحل وأفغانستان والمناطق القبلية الباكستانية والصومال واليمن، حسب رأيهم.

وكان رئيس لجنة تفعيل الأجهزة الأمنية بمدينة سرت، الزروق حسين اسويطي، قد أكد في تصريح له، أن تنظيم “داعش” بدأ في التجمع ولملمة صفوفه من جديد في أودية جنوب المدينة، بحسب ما أكدت التحريات والمعلومات الواردة إليهم، وفق قوله.

مصدر الاخبار: وكالات

مصدر الصور: سبوتنيك – قناة 2018 – قناة ليبيا – العربية نت