كان دور الصين في الاقتصاد العالمي موضع جدل بين مَن يرى تصاعده نعمة للدول النامية، بينما تقدر الدول الأخرى أنه سوف يكون أحد أشكال الاستغلال الجديد. وفي هذا الإطار، يعرض كتابان وجهتَي النظر حول هذا الأمر، وهما “اقتصاد التنين في نصف الكرة الغربي.. كيف تعمل أمريكا اللاتينية على تعظيم (أو فقدان مزايا) استراتيجية التنمية الدولية للصين؟” للكاتبة كارول وايز، و”التبعية في القرن الحادي والعشرين؟ الاقتصاد السياسي للعلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية” للمؤلفة باربرا ستالينجز.

وتسعى الكاتبتان لاستكشاف العلاقات المتنامية بين الصين وأمريكا اللاتينية. وتعد كارل وايز متفائلة، إلى حد كبير، بشأن الوجود التجاري للصين في أمريكا اللاتينية، في حين تعتبر باربرا ستالينجز أن علاقة أمريكا اللاتينية بالصين قد تخلق حالة من “التبعية المتزايدة”.

علاقات اقتصادية متصاعدة مع بكين

تعارض وايز الادعاء الذي أعربت عنه إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأن ممارسات التجارة والاستثمار الصينية الاستغلالية تعرض اقتصادات أمريكا اللاتينية إلى الخطر، وتؤكد أن تلك العلاقات التجارية الوثيقة يمكن أن تفيد الصين ودول أمريكا اللاتينية؛ إذ باتت الصين تعتمد بشكل كبير على المواد الخام والغذاء المستورد من دول أمريكا اللاتينية، وتحديداً النحاس والحديد والنفط الخام وفول الصويا والأسماك. وبالنظر إلى ندرة الموارد الطبيعية، وأسلوب التنمية الصيني القائم على التصدير، فقد احتاجت إلى المواد الخام من أمريكا اللاتينية؛ من أجل زيادة صادراتها لمستويات أعلى.

وتشير وايز إلى أن الصين تعد الآن أكبر شريك تجاري واستثماري للعديد من دول أمريكا اللاتينية، وتؤكد أن الصين لا تخدع ولا تضغط على دول أمريكا اللاتينية للاعتماد عليها. ففي العام 2018، بلغ إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول أمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، قرابة 306 مليارات دولار أمريكي، كما بلغ إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين إلى أمريكا اللاتينية والكاريبي في عام 2018 قرابة 129.8 مليار دولار أمريكي.

وتمثل إجمالي قروض التنمية من الصين إلى منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، منذ العام 2005 وحتى العام 2017، قرابة 150 مليار دولار، وهو ما يكشف عن وجود تكامل اقتصادي بين الصين وأمريكا اللاتينية، منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ 21. ولعل ذلك ما دفع ريكاردو باترينيو، وزير خارجية الإكوادور السابق، إلى التأكيد أن الولايات المتحدة لم تعد شريكتهم المميزة الآن، وأن شريكهم التجاري هو الصين.

ومع تصاعد الطلب الصيني على المواد الخام من أمريكا اللاتينية، ارتفعت أسعار النفط والنحاس وخام الحديد وفول الصويا وغيرها في أمريكا الجنوبية؛ خصوصاً في الفترة ما بين العامين 2003 و2013. وكان أحد محركات تصاعد الطلب الصيني على هذه السلع هو احتياجات الصين الملحة لإطعام أكبر دولة من حيث عدد السكان، والحصول على الموارد اللازمة لتغذية نمو أكبر اقتصاد في العالم تقريباً.

كما أنه من جهة ثانية، فإن الطلب الصيني على المواد الخام من دول المنطقة أسهم في دفع متوسط النمو السنوي لدول القارة إلى نحو 4.8% خلال الفترة بين عامي 2003 و2013؛ وهو ما يعادل ضعف النمو الاقتصادي التاريخي لدول القارة. كما أن دول القارة استطاعت أن تتعافى سريعاً من الأزمة المالية العالمية، لعام 2008، وذلك بفضل الحوافز المالية الضخمة التي أنفقتها بكين للخروج من الأزمة. وفي المقابل، فإن اقتصاد المكسيك تضرر بشدة جراء هذه الأزمة بسبب اعتماده التام على الاقتصاد الأمريكي.

واستندت استراتيجية التنمية الصينية، منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، إلى ربط الاقتصاد الصيني باقتصادات غنية بالموارد في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، كما أصبحت بكين المصدر الأول للاستثمار الأجنبي المباشر لأغلب هذه الدول، كما حلَّت الصين محل ألمانيا باعتبارها أكبر مصدر للبضائع إلى بقية دول العالم.

وعلى الرغم مما سبق؛ فإن الولايات المتحدة لا تزال أكبر اقتصاد في العالم، كما تظل دول أمريكا اللاتينية والصين مدينتَين بالفضل للشركات الأمريكية لما لها من أهمية بالغة؛ خصوصاً بالنظر إلى كونها مصدراً رئيسياً للتكنولوجيا المتقدمة. ولا تزال الصين تعتمد على الموردين الخارجيين؛ خصوصاً الشركات الأمريكية على وجه الخصوص، في ما يتعلق باستيراد التكنولوجيا المتقدمة. واتضحت هذه الحقيقة بجلاء عندما فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على شركات صينية لانتهاكها اتفاقاً لوقف صادراتها ذات الاستخدامات المزدوجة التجارية والعسكرية إلى كوريا الشمالية وإيران.

وتشير وايز إلى وجودِ مجموعتَين نشأتا في أمريكا اللاتينية على مدى العقدين الماضيين؛ وهما: الاقتصادات الليبرالية الثلاثة الصغيرة: تشيلي وكوستاريكا وبيرو، والتي انفتحت على التعاون مع الصين اقتصادياً، والتي استطاعت تحقيق عائد اقتصادي يفوق كلًّا من الأرجنتين والبرازيل والمكسيك بهامشٍ كبير، خلال فترة ازدهار الاقتصاد الصيني.

فقد قامت تشيلي وكوستاريكا وبيرو بعملية إصلاحٍ مؤسسي واقتصادي، ولذلك كانت في وضع أفضل عندما تفاوضت على اتفاقات تجارة حرة مع الصين؛ وفي المقابل، فإن أكبر اقتصادات القارة ممثلة في الاقتصاد الأرجنتيني والبرازيلي والمكسيكي، فشلت في الغالب في إقامة المؤسسات الحاكمة التي يمكن أن توجه المصالح التجارية الصينية بشكل مربح للطرفين والحفاظ عليها.

التبعية والعلاقات الصينية مع دول أمريكا اللاتينية

ترفض وايز مقولات مدرسة التبعية، والتي ترى أن هيكل النظام الدولي؛ خصوصاً إقدام الدول النامية على تصدير مواردها الطبيعية بأسعار زهيدة، ثم قيامها باستيراد منتجات مصنعة بأسعار أكبر يبقي على حالة تخلف وتبعية الدول النامية للدول المتقدمة.

وتدلل وايز على جوانب القصور في هذه النظرية بالتأكيد أن تحول دول مثل اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية من دولٍ فقيرة إلى دول غنية منذ السبعينيات من القرن العشرين، يؤكد أن هيكل النظام الاقتصادي الدولي ليس له دور في إقامة علاقات التبعية؛ بل إن المؤسسات المحلية والسياسات الفعلية التي تتبناها الدولة هي التي تحدد ما إذا كانت ستكون الدولة تابعة اقتصادياً في النظام الاقتصادي الدولي أم لا. وتؤكد وايز أن الصين تقدم مثالاً آخر إلى جانب الدول الثلاث سالفة الذكر من حيث قدرتها على التخلص من علاقة التبعية الاقتصادية والنهوض باقتصادها، هذا على جانب.

وعلى الجانب الآخر، وظفت باربرا ستالينجز في كتابها “التبعية في القرن الحادي والعشرين؟ الاقتصاد السياسي للعلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية” مفهوم التبعية لتحليل العلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية، كما تشير ستالينجز إلى أن اقتراب التبعية هو اقتراب مفيد لفهم علاقات أمريكا اللاتينية، ليس فقط مع الصين؛ ولكن أيضاً مع الولايات المتحدة.

ووفقاً لهذا الاقتراب، فإن النظام الرأسمالي نفسه يديم الفروق بين الدول المتقدمة والدول النامية، كما يمنع الدول النامية من الاستفادة من الموارد والفرص اللازمة للتغلب على الصعوبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجهها. ووفقاً لستالينجز، قامت الولايات المتحدة بالهيمنة على نصف الكرة الغربي، وقامت بدمج أمريكا اللاتينية في النظام الاقتصادي الأمريكي، ثم تحولت تلك الهيمنة إلى الصين.

وأكدت ستالينجز أن هناك مجموعتَين من الدول؛ المجموعة الأولى هي البلدان التي كانت “أكثر استعداداً لقبول قواعد الصين”، والأكثر انفتاحاً على النفوذ الاقتصادي والسياسي الصيني، واستخدمت بكين معهم بشكل أساسي النفوذ الاقتصادي لفرض التبعية، كما في حالة إفريقيا أو جنوب شرق آسيا.

أما المجموعة الثانية، فتتكون من الدول التي كانت أقل اعتماداً على الصين سواء من منظور تجاري، أو من حيث الحصول على الديون؛ وبالتالي، تمكنت من التفاوض مع العملاق الآسيوي بمزيدٍ من الانفتاح والشفافية؛ وفي هذه الحالات، كانت الآليات الرئيسية التي وظفتها الصين لتعزيز علاقات التبعية هي الأسواق.

وتشير ستالينجز إلى حدوث تطور لافت في العلاقات الاقتصادية بين بكين ودول أمريكا اللاتينية؛ فمنذ العام 2000، كانت الروابط التجارية والمالية بين الجانبين ضئيلة، ثم بعد أقل من عقدين من الزمان، أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي للعديد من دول أمريكا الجنوبية وثاني أكبر شريك لعددٍ كبير من دول أمريكا الجنوبية، كما أنها واحدة من أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر والقروض في المنطقة. وعلاوة على ذلك، تعد أمريكا اللاتينية وجهة متكررة لكبار القادة الصينيين.

أدوات التبعية الأمريكية

أكدت ستالينجز أنه مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، حلتِ الولايات المتحدة محل بريطانيا باعتبارها القوة السياسية والاقتصادية المهيمنة في العالم، حيث كان الاقتصاد الأمريكي أقوى من اقتصاد أية دولة أخرى، كما تم تعزيز دور الجيش الأمريكي خلال الحرب، وتخلت الولايات المتحدة عن التردد في الانخراط في الشؤون الدولية، والذي أظهرته خلال فترة ما بين الحربين لتصبح هي القوة المهيمنة عالمياً.

وقد كان الشاغل الرئيس لها هو إعادة بناء أوروبا، ثم اليابان، وتأسيس إطار مؤسسي لحقبة ما بعد الحرب. وقد شمل ذلك إنشاء الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة، إلى جانب عددٍ من بنوك التنمية الإقليمية.

وكانت أمريكا اللاتينية موضع هيمنة الولايات المتحدة منذ العام 1898، حين احتفظت بمستعمراتٍ في بورتوريكو والفلبين وبنفوذ هائل على كوبا. وعلاوة على ذلك، بدأ رأس المال الأمريكي يتدفق إلى المنطقة بحلول نهاية القرن التاسع عشر، مصحوباً بمظاهر مختلفة للقوة العسكرية لضمان سداد الديون من خلالها، وهي السياسة المعروفة بدبلوماسية الدولار.

ووفقاً لستالينجز، فإن الدول الأكثر قوة، ممثلة هنا في الولايات المتحدة، تجعل الدول الأضعف تعتمد عليها من خلال ممارسة الأولى 3 أدوات رئيسية؛ وهي:

1. علاقات السوق؛ أي من خلال العلاقات التجارية وتدفق الاستثمارات وسياسة الإقراض.
2. الروابط والعلاقات البينية؛ أي مجموعة العلاقات التي تربط المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والتكنوقراط والمجتمع المدني في الدولة النامية بنظيرتها في الدولة المتقدمة، وتدعمها الأفكار والقيم المشتركة والتعليم.
3. النفوذ.

ويعد أبرز أشكال النفوذ هو توظيف القوة العسكرية لإجبار دولةٍ معينة على التصرف على نحو معين. وخلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الولايات المتحدة بغزو دول أمريكا اللاتينية، التي كانت ترى أنها تتبنى توجهات اشتراكية أو شيوعية؛ مثل غواتيمالا (1954)، والدومينكان (1965)، وغرينادا (1983)، وبنما (1989). وبالإضافة إلى ما سبق، استخدمت واشنطن العمل السري ضد الحكومات المناوئة، ومن ذلك دعم المخابرات المركزية الأمريكية للمتمردين الكوبيين لغزو كوبا في عملية “خليج الخنازير” (1960)، ودعم واشنطن لمتمردي الكونترا في نيكاراغوا (في الثمانينيات من القرن العشرين).

ويأتي من ضمن أشكال النفوذ كذلك النفوذ الاقتصادي، والذي يتضمن منح الدولة معاملة تفضيلية للدخول إلى السوق، أو إبرام اتفاقات تجارة حرة معها، أو عبر سياسات الإقراض من خلال المنظمات الدولية؛ مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي عادة ما تفرض على الدول المقترضة شروطاً معينة، مثل القيام بإصلاحاتٍ اقتصادية. وبالإضافة إلى ما سبق، تمثل العقوبات الاقتصادية أحد أشكال ممارسة النفوذ الاقتصادي. وتقليدياً، قامت الولايات المتحدة بفرض هيمنتها على دول أمريكا اللاتينية، من خلال الآليات الثلاث سابقة الذكر.

عصر الهيمنة الصيني

أشارت ستالينجز إلى تمكن الصين من مراكمة كميات كبيرة من الاحتياطيات النقدية، بفضل فوائضها التجارية، وكذلك نجاحها في جذب كمياتٍ كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر. ولم يكن لديها فعلياً أي استثمار خاص بها في الخارج؛ وفي العام 1999، أعلنت بكين عن “سياسة الخروج” (أو الاستراتيجية العالمية)؛ الأمر الذي شجع الشركات الصينية الكبيرة على القيام بمشروعات استثمارية خارج البلاد، وتوجهات الاستثمارات الأولية صوب آسيا وإفريقيا؛ وركزت بصورةٍ أساسية على الصناعات الموجهة لاستخراج المواد الخام لدعم احتياجات الاقتصاد الصيني.

كما أدارت الصين برنامج مساعدات أجنبية لمساعدة البلدان التي كانت لبكين مصالح اقتصادية معها. وكان أغلب المتلقين لهذه المساعدات في البداية دولاً من إفريقيا؛ حيث أصبحت الصين المانح الرئيسي لهم بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ونجحت الصين في أن تصبح الشريك التجاري الرئيسي لمعظم الدول في آسيا وإفريقيا؛ حيث تصدر المواد الخام للصين مقابل حصولها على السلع الصناعية، وذلك في إعادة إنتاج للنمط الاستعماري القديم. وكانت النتيجة هي أن الصناعات المحلية في هذه الدول لم تكن قادرة على المنافسة في جنوب شرق آسيا الأكثر تقدماً، كما تم دمج الشركات المحلية في سلاسل التوريد الإقليمية بقيادة الشركات الصينية، وارتبط الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني ومنح القروض لهذه الدول ارتباطاً وثيقاً بأنماط التجارة ومدى توفر موارد طبيعية.

أما عن تأثير العلاقات الاقتصادية مع الصين، تشير ستالينجز إلى أنه من المستحيل إرجاع تطور الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية في أمريكا اللاتينية، على وجه التحديد، للعلاقات مع الصين؛ فعلى الجانب الإيجابي، خلال الفترة من العام 2003 وحتى العام 2013، شهدت المنطقة معدلات نمو وصلت إلى ما يقرب من 4%، كما انتعش الاستثمار الأجنبي بتلك الدول.

وكانت الأساليب الرئيسية التي حفزت بها الصين النمو الاقتصادي هي تعزيز الصادرات وتنفيذ مشروعات البنية التحتية، والتي أسهمت في خفض معدلات الفقر والبطالة؛ فقد خلقت الأنشطة الاقتصادية الصينية 1.8 مليون فرصة عمل. وتعتبر الصين 7 بلدان “شركاء استراتيجيين شاملين”، وهي: الأرجنتين والبرازيل وشيلي والإكوادور والمكسيك وبيرو وفنزويلا، أما كوبا فتعد حالة خاصة؛ نظراً لأن العلاقات بين البلدَين تُدار من قِبل الشيوعيين في كل منهما.

وفي الأعوام الأخيرة، كانت فنزويلا أكثر دولة تلقت أموالاً من الصين؛ ما يعد مؤشراً على تطلع الصين للعب دور في إدارة الثورة النفطية للبلاد مستقبلاً، حيث ربطت الصين سداد القروض الفنزويلية المستحقة لبكين والمقدرة بنحو 20 مليار دولار بحصولها على امتيازات في هذا القطاع شأنها في ذلك شأن الدول الغربية.

أما في ما يتعلق بالعلاقات الأمنية والعسكرية؛ فهي أقل جوانب العلاقات الصينية مع أمريكا اللاتينية شهرة. وأعرب بعض السياسيين الأمريكيين عن قلقهم الشديد حول التداعيات الأمنية للوجود الصيني في نصف الكرة الغربي، وتشمل مجالات التعاون العسكري التدريب، ومن ذلك استضافة الصين ضباطاً من 11 دولة من أمريكا اللاتينية لمدة 10 أيام في منتدى حول اللوجستيات العسكرية. كما تعددت زيارات كبار المسؤولين العسكريين الصينيين لأمريكا اللاتينية على مدار الأعوام الماضية. ولا يقتصر الأمر على تبادل وجهات النظر فحسب؛ بل يشمل أيضاً اتفاقياتٍ لشراء الأسلحة أو القيام بمناورات عسكرية مشتركة.

وزادت صادرات الصين من الأسلحة لدول أمريكا اللاتينية؛ فقد كان 6% من إجمالي تدفقات الأسلحة إلى دول أمريكا اللاتينية خلال الفترة ما بين العامين 2001 و2016 قادماً من الصين. وتمثلت أبرز الدول المستوردة في فنزويلا وبوليفيا والإكوادور. وبدأت العديد من صفقات الأسلحة كتبرعاتٍ أو مشتريات صغيرة؛ لكنها زادت من حيث القيمة والتطور، حيث اشترت فنزويلا المقاتلات وطائرات النقل والمروحيات وأجهزة الرادار، كما اشترت بوليفيا مقاتلات وطائرات شحن من الصين، واشترت الإكوادور معدات الرادار والمراقبة.

وتختتم ستالينجز بالتأكيد أن الدور المتزايد للصين في دول أمريكا اللاتينية يغير كيفية عمل نظام التبعية؛ إذ إنه يوفر الفرصة للبلدان النامية في بعض المناطق، بما في ذلك أمريكا اللاتينية، لتنويع علاقاتها داخل النظام الدولي؛ لكن هذا يعتمد على عدم سيطرة الصين بشكل كامل على هذه العلاقات.

ويتوقف ذلك جزئياً على البلدان النامية نفسها، واتجاهها إلى الإبقاء على خياراتها مفتوحة؛ لكن استعداد الدول الرئيسية، مثل الولايات المتحدة، للبقاء في اللعبة يعد أمراً ضرورياً أيضاً؛ إذ إن الاتجاه الحالي للولايات المتحدة للانسحاب من التزاماتها الدولية، وحتى التزاماتها الإقليمية، يعد مثار قلق، ولذا تؤكد ستالينجز أنه ينبغي للبلدان النامية في كل مكان أن تبحث عن أكبر عددٍ ممكن من الشركاء، لمحاولة تحقيق أكبر استفادة ممكنة من علاقات التبعية، وتقليص تداعياتها السلبية.

المصدر: كيو بوست.

مصدر الصور: تايمز – CGTN.

موضوع ذا صلة: استراتيجية “الحزام والطريق” وتنامي الدور الصيني في الجزائر