“إننا دولتان، لدى كل من الدولتيْن سياساتها الخارجية، ورؤيتها لمحيطها والعالم. ولا يجب أن تلزمني إيران بما ألزمت نفسها به. فإذا ما عادتْ السعودية كان عليّ عداؤها…”. بهذه الكلمات الواضحة، أكد السيد عمار الحكيم، رئيس تحالف قوى الدولة وزعيم “تيار الحكمة” الوطني العراقي، أن العراق دولة مستقلة القرار، وأن العلاقات الطيبة مع دولة ما لا تعني التبعية لتلك الدولة.
وأضاف السيد الحكيم في سرده لجزء من تاريخ حياته في كتابه “رحلة وطن”، الذي صدر قبل أيام في بغداد، بالقول “إنّنا نضع المصالح الإيرانية بالاعتبار، لكننا لن ننحاز إلّا إلى شعبنا، ولن ننتمي إلّا لوطننا، ولن تكون هناك كلمة أعلى من كلمة العراق”، مؤكداً أن “ما يحكم سياستنا هو ما أجبتُ به على أحدهم ذات يوم: مع أي محور أنت؟.. وكانت إجابتي: أنا مع محور العراق.”
“رحلة وطن” الذي يسرد صفحات من تاريخ العراق السياسي على لسان السيد الحكيم، حيث كشف اسراراً هامة عن حقبة حكم الرئيسين السابقين للعراق، أحمد حسن البكر وصدام حسين، وكيف واجه المجتمع العراقي نظام البعث وقسوته، كما يسرد الكاتب ما واجهته أسرته من قمع اضطرها في نهاية المطاف لمغادرة العراق بعد اعتقال واعدام أكثر من 60 شخصاً من أسرته.
يستعرض الكتاب كذلك تشكيل المعارضة العراقية في الخارج، كما يوضح الكاتب ما قام به عمه السيد محمد باقر الحكيم من خطوات مع المجتمع الدولي لتوضيح ما يتعرض له الشعب العراقي من ظلم واضطهاد في حقبة الرئيس الراحل صدام حسين.
ومن المعارضة إلى الحكم، يوضح السيد الحكيم مخاض ولادة الدولة العراقية ما بعد العام 2003، كاشفاً العديد من الاسرار الخاصة بالقيادات التي تولت ادارة تلك المرحلة،هذا من جهة.
من جهة أخرى، أكد السيد الحكيم على اهمية التمسك بالدولة الوطنية، مشدداً على مبدأ الاحترام المتبادل بين مختلف شرائح الشعب الواحد، كما تحدث السيد الحكيم عن إحدى القضايا الشائكة في المنطقة العربية وهي قضية الشيعة العرب الذين ينتمي إليهم، حيث كرر موقفه القوي والداعم لاندماج الشيعة في اوطانهم مع وجوب معاملتهم من دولهم كباقي افراد المجتمع دون تفرقة أو تمييز، ودعى السيد الحكيم، في مذكراته، إلى وجوب احترام الوطن، واحترام قوانين الدولة التي يقيم فيها الشيعة، حتى لو كانت إقامتهم في الدول غير المسلمة، مضيفاً “يجب أن يندمج الشيعة في أوطانهم، ويلتزموا بالضوابط والقوانين. الشيعة في بلدهم مواطنون، وهم وطنيون. هم يأخذون من المراجع أمور دينهم، من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويرجعون إليهم في الفتاوى التي تخص العبادات والشعائر. وهم متمسكون بالالتزام الوطني: الولاء للدولة، والانتماء للوطن”، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، تحدث السيد عمار الحكيم عن لقاءاته المتكررة بعدد من القيادات والزعامات العربية والدولية، حيث كشف عن اسرار لقاءه بالرئيس المصري الراحل، حسني مبارك، كما تحدث عن لقاءه بالرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، واصفاً اياه بـ “القائد العسكري الكبير” الذي يمتلك مخافة الله والروح النقية.
كما تحدث السيد الحكيم عن لقاءاته بالعاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبد العزيز، واصفاً إياها بالوديه، كما تحدث عن علاقته بالعاهل الأردني، الملك عبدالله بن الحسين، حيث أكد السيد الحكيم على أن حديث معه هو “حديث أخ إلى أخيه”، كما وصف حديثه مع ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد بـ “العميق”، بالإضافة إلى اشادته بالأزهر واصفاً إياه بـ “المنارة العالية” في كل العالم الإسلامي، مؤكداً أن لقاءاته بشيخ الازهر، فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، ساهمت في توضيح الكثير من الالتباس في مختلف القضايا.
يذكر أن السيد عمار الحكيم قد دعى قبل 4 أعوام إلى عقد طاولة حوار خماسية تضم العراق ومصر والسعودية وتركيا وايران للتصارح و”تصفير” أزمات المنطقة، كما دعى إلى إنهاء حالة الطائفية السياسية في العراق واستبدالها بالحالة العابرة للمكونات، في إشارة إلى انهاء التحالفات السياسية على أسس مذهبية وقومية، كما يقود السيد الحكيم توجهاً سياسياً يدعو إلى انهاء حالة “تفلت السلاح”، التي يعاني منها العراق، وانهاء مظاهر العنف والاحتكام الى القانون والحفاظ على هيبة الدولة.