مركز سيتا

علّق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي، احتجاجاً على الانقلاب العسكري الذي وقع فيها، في خطوة اعتبرها محللون ماليون “انتقائية”، خاصة مع إحجام الاتحاد نفسه عن اتخاذ أي موقف مماثل تجاه ما حصل في الجارة تشاد، رغم تطابق الظروف تقريباً.

التداعيات

بعد تعليق عضوية مالي من قبل الاتحاد الإفريقي، هدّدت المنظمة بفرض عقوبات عليها في حال لم تعود حكومة يقودها مدنيون إلى السلطة، خاصة وأن الكولونيل أسيمي غويتا، نائب الرئيس السابق الذي قاد انقلاب أغسطس/آب 2020 وتمرد الأسبوع الماضي، قد أعلن رئيساً مؤقتاً للبلاد.

فلقد رأت أوساط متابعة أن قرار الاتحاد جاء متأخراً، لأنه كان من المفترض أن يكون – طبقاً لمقررات إعلان لومي 2002 – موقفاً فورياً خصوصاً فيما يتعلق بالانقلابات العسكرية؛ ولكن على الرغم من ذلك، من المحتمل أن يلقى قرار المنظمة ترحيباً من المجتمع الدولي، خصوصاً في إطار التلويح الفرنسي الذي سبق وأن أعلن عنه الرئيس إيمانويل ماكرون، خلال جولته الأخيرة إلى القارة الأفريقية، زد على ذلك، أن الولايات المتحدة أيضاً لم تشرعن أو تقبل بهذا الانقلاب، إضافة إلى دول الإقليم نفسها. بالتالي، سيكون من الصعب على الإنقلابيين إدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة.

مبادرة إيجابية

إن التشديد الإقليمي والدولي سيكون لحين بدر الدول الأفريقية بعملية انتقال السلطة، طبقاً للأساليب والأدوات الديمقراطية، خاصة وأن هناك أكثر من بلد أفريقي يشهد انقلابات، أو في طريقهم لأن ينتهجوا مسار مالي، ما يعني أن هذا الموقف هو “وقائي” كي لا يتكرر المشهد مرة أخرى.

أما مسألة تعيين رئيس وزراء من المعارضة في مالي، فهذا الأمر قد لا يحقق أية فائدة مرجوة خاصة بما يخص مسألة عودة المدنيين إلى الحكم، لأنه من غير المتوقع أن يكون الموكن العسكري الحالي سلساً اهذه الدرجة؛ بل على العكس من ذلك، سيكون ضاغطاً في هذا الاتجاه لجهة الضغط على القرار السياسي والسيطرة عليه، وذلك تحت ذريعة امكانية تعرّض مالي لتهديدات أمنية لا سيما وأن العديد منها واقعاً منذ أعوام حيث تشهد البلاد الكثير من العمليات الإرهابية خاصة ضد الأجانب، والاعتداءات على بعض القرى؛ وبالتالي، قد لا تفيد تلك الورقة الأوضاع التي يبدو أنها باتت تتجه نحو مزيد من التصعيد بدءاً من الآن.

الآثار المترتبة

يرى مراقبون أن قرار الاتحاد الإفريقي بفرض عقوبات سيؤثر على الأوضاع السياسية والاقتصادية، وربما لن تتمكن البلاد من إجراء استحقاقات المرحلة الانتقالية التي تنتهي العام المقبل (2022)، كما أتت هذه التطورات في وقت يخشى فيه جيران مالي والقوى الدولية من أن يؤدي هذا التمرد الأخير إلى تقويض قتال المتطرفين، الذين يتمركز بعضهم في صحراء شمال البلاد.

هذا يعني أن الانتخابات الرئاسية المعلنة عنها، مارس/آذار 2022، قد لا تتم، ما قد يؤدي إلى اندلاع أزمة سياسية. إلى ذلك، ترى بعض الأوساط أن هذا القرار يعتبر من الأدوات الأقل تأثيراً في الضغوط الخارجية، لا سيما وأنها باتت تتميز بالانتقائية لأنها لم تقم بنفس الخطوات مع تشاد، بعد مقتل رئيسها إدريس ديبي.

أخيراً، يبدو أن هناك قراراً دولياً في إدخال النزاع إلى القارة السمراء، إذ سبق وأن قيل في أكثر من مناسبة، إن انتقال المتشددين بعد فشل المشروع في سوريا والعراق، إلى إفريقيا؛ وبالفعل تم نقل الكثير منهم، ولعل تمركز المتشددين من التنظيمات المختلفة في المناطق الحدودية يوضح هذا الأمر، ربطاً مع التوترات الأمنية على حدود تشاد ومالي ونيجيريا وليبيا.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن صراع القوى الدولية قد دخل إلى القارة من بابها الواسع، خصوصاً مع النفوذ الصيني الاستثماري، والتواجد العسكري الروسي، والعامل التركي المستجد، يقابل ذلك كله النفوذ الفرنسي التاريخي – بالتحديد – بالإضافة إلى الدول الأوروبية الأخرى من دون اغفال القوة الأمريكية على مساحة إفريقيا تقريباً.

مصدر الصورة: الجزيرة.

موضوع ذا صلة: تداعيات رحيل الرئيس ديبي على مكافحة الإرهاب في الساحل والصحراء