يعد كتاب “النواب الأرمن في المجالس النيابية السورية: 1928-2011” للباحثة، عضو مجلس الشعب عام 2016، د. نورا أريسيان دراسة توثيقية للحياة النيابية للأرمن في سورية، من أجل توضيح دور السوريين الأرمن في الحياة السياسية النيابية، وإبراز صورتهم في المجتمع السوري بعد استقرار أسلافهم في سورية.
ويأتي هذا الكتاب التوثيقي ليكون خطوة أولى لدراسة الحياة النيابية للأرمن في سورية، حيث تم التركيز على مشاركة النواب الأرمن في الحياة السياسية من خلال وجودهم في المجالس النيابية والتعرف على إسهاماتهم في المجالات النيابية والسياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية في سورية، بحيث تكون محاولة لتغطية الفترة التي تبدأ من تشكل المجلس التأسيسي عام 1928 وحتى نهاية الدور التشريعي التاسع في نيسان 2011.
كما يتضح أن النواب الأرمن أسهموا في اتخاذ قرارات وتقديم اقتراحات في مسائل عديدة منها إعداد الدستور وقانون الموازنة وضريبة الدخل، والتقاعد والتعليم وتأمين ربح المزارعين وموازنة المصرف الزراعي، والصحة وقانون العقوبات وزيادة الرواتب وجر المياه. وكذلك في أمور خدمية تتعلق بالسيارات وأماكن الاصطياف والمطارات وإصلاح الطرقات وأزمات الغاز والكهرباء وحماية المستهلك والضرائب وغيرها.
إن دراسة تمثيل الأرمن في المجالس النيابية في سورية والتعمق في إسهامات النواب في الحياة النيابية يؤول إلى كشف وفهم مواقف النواب الأرمن من قضايا وطنية تمس سورية والمواطن السوري.
إن هدف هذا الكتاب ـ الذي يقع في 347 صفحة ـ هو توثيق مشاركات النواب الأرمن في كافة المجالس النيابية التي تتالت في سوريا. ومن خلال خطابات النواب واقتراحاتهم الواردة في المحاضر يستشف القارئ كيفية تعاملهم مع أمور تخص البلاد ومصلحة الشعب، ومدى اهتمامهم بالقضايا التي تمس المواطن السوري، ليس فقط في إطارهم الأرمني بل بكل ما يتعلق بقضايا تمس محافظاتهم ومناطقهم، وذلك من خلال نقل هموم الشعب أو شكاويهم إلى المجالس لدراستها وإيجاد الحلول المناسبة واتخاذ القرارات المناسبة وطرحها أمام الوزارات المعنية.
قامت د. أريسيان بتسليط الضوء على الوجود الأرمني في المجالس النيابية في سوريا. لتخلص في نهاية الكتاب الى أن النواب الأرمن في المجالس النيابية في سورية قد واكبوا الحياة الدستورية والنيابية وتفاعلوا مع الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد، مدافعين عن حقوق الشعب، ومعتبرين أن النيابة هي مسؤولية وطنية يجب إتمامها على أكمل وجه، لنجد بعضهم قد وصل إلى عضوية هيئة مكتب المجلس أو أصبح مقرراً في إحدى اللجان الدائمة.
وتبين الباحثة أنه تعاقب على تمثيل الأرمن في البرلمان السوري منذ عام 1928 حتى 2011 واحد وعشرون نائباً أرمنياً. وكان كريكور أبليغاتيان الأكثر تولياً لهذه المهمة مدة ثماني دورات، ويليه فتح الله آسيون لمدة أربع دورات ثم نقولا جانجي وموسيس دير كالوستيان وديكران جيراجيان ثلاث دورات.
وقد ألحق الكتاب بقوائم لأسماء الأعضاء في المجالس النيابية، بالإضافة الى صور للنواب وبطاقاتهم النيابية.
إن توثيق دور النواب الأرمن في المجالس النيابية في سورية يكتسب دلالات متعددة في تاريخ سورية لجهة توضيح صورة التنوع الثقافي في سورية. وبذلك يغطي هذا الكتاب التوثيقي جانباً هاماً من هذه الصورة التي تنفرد بها سورية، ويوضح ممارسة الحياة السياسية للنواب الأرمن، ويضيف صفحة جديدة في مسيرة الحياة النيابية في سورية.