مركز سيتا

شملت جولة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، حتى الآن مصر والمغرب وموريتانيا إضافة إلى لبنان، ويعتزم هنية مواصلتها على “عدد من دول المنطقة”، وفق ما أعلنته حركة “حماس”، في وقت سابق، دون تحديد تلك الدول أو مواعيد زيارتها.

وتندرج زيارة إسماعيل هنية إلى لبنان في سياق جهود يبذلها حزب الله من أجل تكريس الحركة ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، بحسب مراقبين.

ترتيب البيت الفلسطيني من بيروت

يقول رأفت مرة، مسؤول الدائرة الإعلامية في حركة حماس بالخارج، إنّ “زيارة وفد حماس، برئاسة رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، إلى لبنان، تأتي استكمالاً للجولة التي تقوم بها الحركة، وتشمل عدداً من الدول العربية والإسلامية، لاستعراض نتائج معركة سيف القدس على القضية الفلسطينية”.

وبيّنَ مُرة أنه “تمّ وضع الرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة) في لبنان، بأجواء معركة القدس، والانتصار الذي حققته المقاومة والشعب الفلسطيني، وهم أشادوا بهذا الصمود الفلسطيني، والانتصار الذي حققته المقاومة”، موضحاً أن “الوفد بحث مع الرؤساء الثلاثة، مسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي”.

وفد الحركة، دعا الحكومة اللبنانية، إلى إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين، بهدف تحقيق حياة كريمة لهم لحين عودتهم إلى أرضهم، كما طالبها بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، والمساهمة بالتخفيف عنهم وتحسين أوضاعهم الإنسانية في ظلّ الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تعصف بلبنان، وذلك عبر الضغط على وكالة “الأونروا” لتنفيذ برنامج طوارئ وإغاثي عاجل للتخفيف عنهم.

أهداف الزيارة

تُمثل الجولة، وفق محللين سياسيين، حراكاً سياسياً، يسعى إلى دعم “المقاومة الفلسطينية”، والتصدي لعملية “تطبيع العلاقات” بين بعض الدول العربية وإسرائيل، والتي انطلقت العام الماضي (2020)، كما أن دلالات التوقيت، الذي جاء بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، تشير إلى “التأكيد على الالتفاف حول المقاومة وفشل الجهود الإسرائيلية لمحاصرتها”.

يبقى أحد أهم الأهداف لجولة هنية هو “سعي حماس لتعزيز الحاضنة العربية للمقاومة”، إلى جانب أن الزيارة بحد ذاتها وفق مراقبين تمثل ضربة لمسار التطبيع، وهذه الزيارة تأتي انعكاساً لرغبة هنية في الانفتاح والتواصل مع الإقليم العربي والإسلامي، بما يخدم القضية الفلسطينية، كما أنها جاءت “لبناء جسور الثقة مع مكونات المجتمع المغربي رسمياً وشعبياً، خاصة في ظل الدعاية الإسرائيلية التي ترمي لتسويق التطبيع، وتحسين صورة إسرائيل لدى الجمهور العربي، وتقبّلها كصديق”.

ولعل الهدف الرئيسي الآخر لهذه الجولة يأتي في سياق السباق الدبلوماسي بين إسرائيل و”حماس”، إذ تسعى الأخيرة لتحقيق التوازن في العلاقات مع دول المنطقة، وتقليص حجم إنجاز الدبلوماسية الإسرائيلية الذي تحقق مؤخراً عبر التطبيع، إذ أن “حماس” تحاول الموازنة في ذلك من خلال تطوير علاقاتها بالأنظمة التي عقدت اتفاقيات للتطبيع مع إسرائيل؛ وعدم إخلاء الساحة للدبلوماسية الإسرائيلية لتحقيق المزيد من الاختراق، خاصة وأن أبرز ملامح هذه لزيارة يتمثل في “التصدّي لمحاولات التطبيع الشعبي مع إسرائيل، وتجريم المقاومة وحركة حماس، وتصويرها كعدوّ لهذه الشعوب، وذلك عبر عقد لقاءات ومباحثات مع مختلف المكونات؛ لتوضيح مخاطر التطبيع”.

في معقل الحزب

التقى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بهنية والوفد القيادي المرافق له، واستعرض الجانبان تفصيلياً معركة “سيف القدس”، وبحثا تمكين المقاومة في ‏فلسطين من أجل ‏الوصول الى النّصر الحاسم والنّهائي، وأكد اللقاء على عمق العلاقة القائمة بين الحزب والحركة ‏وموقعها الأساسي في محور المقاومة.

لكن اللافت في هذا اللقاء تحديداً أنه تزامن مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيل، يائير لبيد، إلى الإمارات، حيث افتتح سفارة لبلاده في أبو ظبي كما تم افتتاح قنصلية في دبي، وهو ما نددت به حركة “حماس”.

أيضاً، التقى رئيس المكتب السياسي، قيادة الجماعة الإسلامية في لبنان برئاسة الأمين العام للجماعة، عزام الأيوبي، وعبّر الأخير عن تقديره لهذه الزيارة، مؤكداً موقف الجماعة الثابت الداعم للقضية الفلسطينية ورفض التوطين، مشيداً بالدور المميز الذي لعبته المقاومة الفلسطينية خلال المعركة الأخيرة “سيف القدس”، وقال رئيس الحركة  إن نصر “سيف القدس” هو “نصرٌ للأمة”، وتأثيرات المعركة تصل إلى مجمل المنطقة، كما استعرض هنية استراتيجية الحركة خلال المرحلة المقبلة وأولوياتها تجاه مجمل المتغيرات السياسية.

قلق لبناني

عبّر مصدر برلماني لبناني عن خشيته أن تكون لزيارة هنية إلى لبنان انعكاسات سلبية على البلد، خصوصاً أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية تعتبر “حماس” حركة إرهابية، وأشار إلى أن ألمانيا كانت بين الدول الأوروبية التي منعت، منذ فترة، رفع أيّة شعارات لـ “حماس” في تجمع شعبي، خاصة بعد أن التقى هنية رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي استهل اللقاء بالقول “أمام الإعلام أهنئكم بهذا النصر كما أهنئ فلسطين كل فلسطين على الصمود والمقاومة والانتصار”.

كذلك عبّر رئيس الجمهورية اللبناني، ميشال عون، خلال لقائه مع هنية عن تمسّك لبنان بموقفه الثابت الداعم للقضية الفلسطينية ورفض التوطين، مشيداً بالدور المميّز الذي لعبته المقاومة الفلسطينية خلال المعركة الأخيرة.

أخيراً، يبدو إن توقيت الزيارة قد يحمل في طياته تأجيجاً للأوضاع أكثر مما هي عليه، خاصة على الصعيد اللبناني، بالإضافة إلى أن الزيارة بحد ذاتها هي نوع من “الاستفزاز” لإسرائيل، والتي لها بطريقة أو أخرى دور في الأزمة اللبنانية الحالية، بالنظر إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي، في وقت تم فيه افتتاح سفارة لتل أبيب في بلد عربي، بالتزامن مع زيارة للرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، إلى واشنطن ولقائه نظيره الأمريكيـ جو بادين، والحديث عن ترتيب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نيفتالي بينيت، إلى واشنطن.

كل ذلك يقع ضمن مفهوم “الرد المباشر” على إحباط هذه الزيارة ومدلولاتها، أياً كان توجهها، لكن الخوف الأكبر على لبنان هو دفعه ثمن استقبال أحد أهم أقطاب حركة “حماس”، التي ينظر لها المجتمع الدولي على أنها تنظيم إرهابي.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: الميادين + العرب.

 موضوع ذا صلة: رؤية مصر للقضية الفلسطينية