حوار: سمر رضوان
قدّم رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين، الزعيم الاجتماعي – الديمقراطي، استقالته بعدما حجب البرلمان الثقة عنه في خطوة غير مسبوقة في هذا البلد، فلقد صوّت 181 نائباً لصالح مقترح حجب الثقة من أصل 349 نائباً، في حين أن العدد المطلوب لحجبها هو 175 نائباً.
عن هذا الموضوع ومآلاته وسط الظروف السياسية المستجّدة التي تعيشها السويد بسبب جائحة “كورونا”، سأل “مركز سيتا” الأستاذ ماهر دبور، الناشط السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي، حول هذا الملف وتداعياته.
لا داعي للانتخابات
بالنسبة إلى الانتخابات المبكّرة، فهناك معايير معينة يجب اتباعها. أما بالنسبة إلى الوضع العام، فهنا لا بد من الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية وهي الظروف التي تعيشها البلاد في ظل جائحة “كوفيد – 19” وتداعياتها، وهو ما سينعكس بالفعل على الأوضاع السياسية، كما الإجتماعية والصحية؛ بالتالي، إن هذه التداعيات ستؤثر حكماً على الانتخابات وهذا أمر طبيعي، هذا من جهة.
من جهة أخرى، إن عملية الانتخابات مكلفة مادياً، إذ قد تصل التكلفة إلى ما يقارب 500 مليون كرونا، وهذا رقم كبير جداً. يُضاف إلى ذلك أن موعد الانتخابات الدورية باتت على الأبواب، سبتمبر/أيلول العام 2022، وهذا يعني أن المدة المتبقة للانتخابات العادية ستكون عاماً واحداً وهي فترة قصيرة.
كل هذه العوامل مجتمعة، دعت برئيس الحكومة إلى الاستقالة بدلاً من تحديد موعد للانتخابات، وبذلك ترك المسألة بعهدة البرلمان، المُناط به اختيار بديل من الكتل النيابية.
تحمّل للمسؤولية
إن استقالة رئيس الحكومة لا تعني تهربه من المسؤولية، بل على العكس من ذلك. لقد تحمّل لوفين المسؤولية من خلال عدم إجراء الانتخابات، للأسباب التي ذكرتها أعلاه وأهمها تداعيات الجائحة العالمية خصوصاً وأن تخفيف القيود المفروضة بسببها سيتم الخريف المقبل بسبب حملات التلقيح القائمة.
من هنا، لو أراد الحزب الاشتراكي التهرّب من المسؤولية ما كان ليقدم تنازلات لحزبي الوسط والليبراليين لإبعاد اليمين المتطرف، حيث ضحّى وتنازل، وكان براغماتياً في طرحه.
إتفاق “ظاهري – ضمني”
نحن كحزب اشتراكي، في العام 2014، تحالفنا مع حزب البيئة، ولقد حكمنا سوياً. وما تجدر الإشارة إليه هنا أنه وفي شهر يناير/كانون الثاني 2019 وبعد الانتخابات العادية للعام 2018، اتفق الحزب الإشتراكي مع الحزبين الليبرالي (حزب الشعب) والوسط الليبرالي على تمرير خطة من 73 نقطة، من ثم الموافقة على تشكيل حكومة اشتراكية، تضم معهم حزب البيئة.
كان الهدف من الاتفاق هو إبعاد “اليمين المتطرف”، المتمثّل بأحزاب ديمقراطيو السويد – SD والمحافطين والديمقراطي المسيحي – CD. هذا الاتفاق، الذي اطلق عليه إسم “اتفاق يناير”، تم ضمنياً أيضاً بالاتفاق الضمني مع الحزب الشيوعي السويدي، من خلال الامتناع عن التصويت (لا مع ولا ضد)، ما يعني تمرير الحكومة؛ وبناءً على ذلك وفي العام 2019، تم تشكيل الحكومة التي قادت البلاد.
تحرير الإيجارات
بما يتعلق بتحرير الإيجارات – وهي النقطة رقم /44/ من اتفاق الـ 73 نقطة، يمكن القول بأنها كانت “القشة التي قصمت ظهر البعير”، حيث استعملها اليسار لتقديم الطعن بالحكومة، بمساندة الأحزاب التقليدية ضد الحكومة الاشتراكية. ونحن كاشتراكيين – حزباً وقاعدة شعبية – لم نكن موافقين على هذه النقطة. لكن والتزاماً منّا بالاتفاق، قررنا فتح حوار في هذه المسألة ودراسة اقتراح القانون الخاص بها. فيما بعد، لم يتم إقرار الاقتراح، حيث حاول رئيس الحكومة – مع حزب الوسط – لآخر لحظة تقديم تنازلات أخرى لحزب اليسار، مبدين استعدادهم لتقديم حوار ما بين مالكي العقارات وحماية المستأجرين.
في المقابل، رفض الحزب اليساري هذا الأمر، وسار في طريق تقديم الطعن بالحكومة على قاعدة “حماية المستأجرين”، حيث كان يرى بأنهم الطرف الأضعف وقد يتم استغلالهم أو إيقاع اجحاف ما بحقهم.
هذا الأسبوع، كان هناك خيارين أمام خيار رئيس الحكومة؛ إما تنظيم انتخابات مبكرة أو تقديم إستقالته، حيث غلّب الثانية على الأولى.
.
اليوم، تعتبر الأصوات داخل البرلمان متقاربة، فنحن نملك 175 صوتاً، والمحافظين وديمقراطيو السويد والديمقراطي المسيحي يملكون 174 صوتاً (اليمين المتطرف)، من أصل 349 نائباً. لكن اللافت هو أن كلاً من حربي الليبرالي والوسط – اللذين أقاما “اتفاق يناير” – تراجعا عن موقفهما بعد سقوط الحكومة، ولا يريدان العودة للاتفاق بل فيرغبون في العودة إلى كتلة اليمين.
مصدر الصورة: الجريدة.
موضوع ذا صلة: هل بات اليمين السويدي أقرب إلى تشكيل الحكومة والإطاحة باليسار التقليدي؟