شارك الخبر

أصبح الوضع الذي يواجه أفغانستان في قلب آسيا مع اقتراب الولايات المتحدة من استكمال انسحابها من أفغانستان قلقاً ومعقداً بشكل متزايد، حيث شهدت تصاعد العنف والفوضى، وتصارع القوى الكبرى في ظل الجغرافيا السياسية، والآفاق غير المؤكدة.

هل ستعود “طالبان” إلى السلطة في أفغانستان؟

قال تشيان فنغ، مدير قسم الأبحاث في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية بجامعة تسينغهوا، إن عودة “طالبان” إلى السلطة ما هي إلا إمكانية لتطور الوضع في أفغانستان، أو بمعنى آخر، إنها فرضية تواجه العديد من المتغيرات.

أولاً، زعمت “طالبان” أنها تسيطر على 85% من أراضي أفغانستان، وحتى لو كان هذا الرقم صحيحاً، فإن المناطق التي تسيطر عليها وتتأثر بها “طالبان” تتركز بشكل أساسي في المناطق الريفية الشاسعة ولا توجد مدن رئيسية.

ثانياً، القوات الحكومية الأفغانية ليست ضعيفة مثل ما يعتقده الكثيرون. في الواقع، توقف الجيش الأمريكي في أفغانستان منذ فترة طويلة عن المشاركة في العمليات البرية ضد “طالبان”، والقتال هو أساساً بين القوات الحكومية الأفغانية و”طالبان”. وبالإضافة إلى العدد الهائل للقوات الحكومية، تمتلك أفغانستان بعض القوات الخاصة ذات الفعالية القتالية الجيدة، وقوات جوية لا تمتلكها “طالبان”.

ثالثاً، يعزز المجتمع الدولي جهوده الوساطة في أفغانستان. ويتمثل الفهم المشترك لجميع الدول في ضرورة التزام جميع القوات في أفغانستان بقرار الأمم المتحدة رقم 2513، أي “لا يوجد حل عسكري للقضية الأفغانية”. وسيكون من الصعب الحصول على دعم المجتمع الدولي والدول المجاورة، إذا استولت “طالبان” على السلطة بالقوة بشكل أعمى.

رابعاً، فشلت حركة “طالبان” في توحيد كامل أراضي أفغانستان قبل 25 عاماً، ما يعكس تمثيل الحركة بشكل أساسي مصالح بعض البشتون، كما أن تاريخ المظالم والتظلمات بين مختلف الجماعات العرقية والقبائل في أفغانستان معقد للغاية، ولدى العديد من القبائل قوات مسلحة خاصة، وهذه كلها ستصبح متغيرات للوضع في أفغانستان.

يعتقد تشيان فنغ، أنه من وجهة النظر الحالية، من المرجح أن يتطور الوضع في أفغانستان في اتجاه “التصاعد والتهدئة، و”صراع يتخلله المفاوضات”. من ناحية، فإن القوات الحكومية و”طالبان” على استعداد للتفاوض حيث تدرك “طالبان” جيداً أنه من غير المحتمل إعادة تمثيل مشهد استيلاء الجيش على السلطة. كما تعلم حكومة كابول فإن تواجد الجيش الأمريكي لم يساعدها على القضاء على “طالبان”، وانسحابه سيزيد من صعوبة تحقيق النصر في ساحة المعركة. وتعتبر هذه القوة الدافعة للجانبين للتحرك نحو محادثات السلام. لكن من ناحية أخرى، كانت الفجوة بين مواقف الجانبين شاسعة للغاية، فبعد التوصل إلى اتفاق الدوحة وصل الجانبان إلى طريق مسدود بشأن إطلاق سراح الأسرى، مما أدى إلى صعوبات كثيرة في محادثات السلام.

إن حل القضية الأفغانية في ظل الظروف المذكورة أعلاه، لا يحتاج إلى إظهار الحكومة و”طالبان” حكمة سياسية كبيرة وتقديم التنازلات اللازمة فحسب، ولكن لا يمكن الاستغناء عن الجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع الدولي للوساطة وتعزيز محادثات السلام.

حول موقف “طالبان” تجاه الصين، قال تشيان فنغ “أولاً، ما يجب أن يكون واضحاً، هو أننا نتحدث عن طالبان في أفغانستان، وليس طالبان في باكستان، حيث أنهما منظمتان ذات طبيعة مختلفة وأهداف سياسية مختلفة، ومنظمتان مستقلتان على الرغم من أن الاثنين مرتبطان إلى حد ما… الغرض الرئيسي لطالبان أفغانستان هو استعادة السلطة في أفغانستان، في حين أن الهدف الرئيسي لطالبان باكستان هو مهاجمة الحكومة الباكستانية، ويهاجم عشوائيا دون التمييز بين الجنود والمدنيين.”

إن الصين مثل العديد من الدول الأخرى في المجتمع الدولي لم تصنف “طالبان” في أفغانستان على أنها منظمة إرهابية، لكنها اعتبرتها سلطة كانت تصل الى السلطة السياسية في أفغانستان، ومنظمة راديكالية ذات لون ديني أساسي قوي يمثل المصالح السياسية لبعض البشتون (أكبر قومية في أفغانستان).

لقد اتصلت الصين والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الرئيسية في العالم بحركة “طالبان” علناً في الأعوام القليلة الماضية، بغرض تعزيز السلام والمصالحة الوطنية في أفغانستان، ودفع “طالبان” للعودة إلى المسرح السياسي السائد بطريقة معتدلة. وبناءً على التغيرات التي طرأت على الوضع في العقدين الماضيين، تحولت سياسات “طالبان” الأساسية الراديكالية تدريجياً إلى اتجاه معتدل وعملي من أجل الحصول على مزيد من الاعتراف في الداخل والخارج. ومع ذلك، فإن موقف المجتمع الدولي بشكل عام فيما يتعلق بالتزامات “طالبان”، هو “الاستماع إلى ما تقوله، ومراقبة ما تفعله”.

المصدر: صحيفة الشعب اليومية أونلاين

مصدر الصورة: العربية.

موضوع ذا صلة: بواعث “الهرولة” الأمريكية – الروسية نحو طالبان


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •