إبراهيم ناصر*

من أجل إعادة الأمن والإستقرار في أفغانستان، تقوم واشنطن بعقد قمم تفاوضية مع الفاعلين الداخلين في المسألة الأفغانية، بالتحديد حركة “طالبان” المسلحة، إذ أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن المبعوث الأمريكي الخاص للسلام في أفغانستان، زلماي خليل زاده، أجرى مؤخراً جولة من المفاوضات في دولة قطر مع وفد من ممثلي الحركة حيث نقلت الوكالة أيضاً، في تقرير نشرته عن مسؤول في “طالبان” ومصدر آخر مقرب من الحركة، قولهما إن المفاوضات استمرت لمدة ثلاثة أيام، مضيفة أن هدفها كان إحياء عملية السلام في البلاد، إضافة إلى مسألة مهمة جداً وهي إنهاء أطول حرب شاركت فيها الولايات المتحدة طيلة تاريخها.

وفي الوقت عينه، تحتضن العاصمة الروسية، موسكو، مؤتمراً هدفه عقد “صفقة سلام” بين حركة طالبان وحكومة كابول وذلك من أجل الهدف نفسه، أي بناء الدولة الأفغانية. وبالتالي، يجوز لنا هنا أن نسأل عن البواعث الحقيقية للتحركات الأمريكية – الروسية.

البواعث الأمريكية

ويكمن أبرزها في:

– الرغبة في تحقيق السلام من خلال رعاية مفاوضات بين حركة طالبان وحكومة كابول من أجل إتمام “المسؤولية الأخلاقية” الملقاة على عاتقها.

– إن نجاح عملية سلام بجهود أمريكية يقوي موقفها في أفغانستان وبذلك تستطيع قطع الطريق عن الصين للتواصل مع منطقة غرب آسيا، وهو ما يصب في مصلحة موسكو استراتيجياً (نوعاً ما).

البواعث الروسية

يمكن حصرها فيما يلي:

– تحقيق السلام في أفغانستان بحيث تظهر للعالم نجاح دبلوماسيتها بعد فشل الولايات المتحدة في إنجاز المهمة.

– سعي موسكو إلى تقوية موقف حركة طالبان من أجل تحقيق توازن قوى بين الفاعلين الأساسيين في الداخل الأفغاني لا سيما في حال انسحبت الجيوش الأجنبية من البلاد.

– الثأر من واشنطن، التي كسرت “كبريائها” في سبعنيات القرن العشرين، عبر استخدام الوسائل والأدوات ذاتها التي استخدمتها ضدها آنذاك.

باعث مشترك

وهذا الباعث يكمن في:

– مجابهة الإرهابيين بالإرهابيين، أي تسعى كلتا الدولتين إلى قتال تنظيم “داعش” من خلال دعم حركة طالبان والتي تناصبه العداء.

بين نجاح المساعي ونفوذ “داعش”

بالتأكيد، إن تظافر الجهود الأمريكية والروسية للتحقيق السلام في أفغانستان قد يؤدي إلى نتائج إيجابية تفضي لإعادة الأمن والإستقرار في هذا البلد الذي أنهكته الحروب الداخلية لعقود عدة، ولكن العائق الأكبر لهذه الجهود يبقى تعارض المصالح والأهداف الأمريكية – الروسية، وبالتالي من الصعب جداً القول إن مساعي الدولتان قد تؤدي إلى تحقيق سلام بين أطراف الصراع.

أما إذا ما افترضنا جدلاً أن تثمر المساعي الأمريكية – الروسية استقراراً في أفغانستان، وتحقق سلام بين طالبان وحكومة كابول التي قد تؤدي إلى توحيد الصف الداخلي وعودة هيبة الدولة، فإن هذا الإستقرار قد قد يستخدم من قبل واشنطن وموسكو لمصالحهم الخاصة.

بالمحصلة، في حال تكاتف الجهود الأمريكية – الروسية في إعادة الإستقرار إلى ذاك البلد، ودعم جيشه وقواته الأمنية لمحاربة تنظيم “داعش”، فإن نتيجة ذلك ستكون زوال أو تراجع قوة التنظيم في أفغانستان، خاصة، ومنطقة وسط آسيا، عامة.

*باحث بمركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات – “أنكاسام”

مصدر الصورة: سبوتنيك.