حوار: سمر رضوان
بعد انتهاء مؤتمر استانة بتحديد عدد من الأمور، كتحديد موعد لـ “قمة سوتشي” وايجاد آلية لحل مسألة المفقودين والمعتقلين، والمواقف، كالتصريح الروسي لجهة عدم الحديث عن مصير الرئيس السوري بشار الاسد كشرط مسبق للتفاوض، تبرز العديد من الاسئلة حول مفاعيل مثل هذه التوافقات على الصعيد الاستراتيجي فيما خص انهاء الازمة السورية.
لمعرفة تفاصيل اكثر عن الموضوع، سأل مركز “سيتا” سومر صالح، الكاتب والباحث في العلوم السياسية، عن قيمة التطرق لموضوع المفقودين من الناحية السياسية، لجهة إحلال السلام بشكل عام وإلقاء السلاح وتخلي الدول الداعمة عن سياستها العدائية تجاه سوريا، يرى الباحث صالح بأن “عملية إحلال السلام إن صح التعبير هي عملية معقدة ومركبة وطويلة الأمد، تبدأ بإجراءات بناء الثقة بين الأطراف المتفقة في استانة. اما ملف المفقودين والمختطفين والمعتقلين، فهو ملف حساس لسببين؛ السبب الأول، الناحية الإنسانية للموضوع، اما السبب الثاني فهو إجراءات بناء الثقة.”
وعن اجراءات بناء الثقة تلك، يقول الباحث صالح “حتى هذه اللحظة لا توجد ادنى مقومات الثقة المؤهلة لحوارات مباشرة، وهذا يعود الى أسباب عدة اهمها ارتباط التنظيمات المسلحة بأجندات إقليمية ودولية. لذلك، يعتبر ملف المفقودين ملفاً حساساً اذ لم يتم اقراره بعد، بل تم إقرار وثيقة تشكيل مجموعة عمل حول هذا الملف، وهو ما يعكس حالة التوتر الشديد بعد ثمان جولات من استانة.”
وعن القيمة السياسية لمثل هذا القرارات، يشير الباحث صالح بأن “الناتج النهائي لأي ملف ومفاوضات وحوار لا يفضي إلى تسليم الميليشيات سلاحها إلى الدولة هي نتائج سلبية لا تخدم إحلال السلام. لذلك، من المبكر الكلام عن سلام أو حل في سورية. ان الأولوية اليوم لأمرين؛ الامر الأول، تثبيت مناطق تخفيف التصعيد التي تشهد نكوصاً في الغوطة والمنطقة الجنوبية بعد هجمات المسلحين والنصرة هناك. اما الامر الثاني، فهو مكافحة الإرهاب بشقيه “الاخواني” و”القاعدي”. صحيح أن تنظيم داعش قد هزم، ولكن ما يزال الإرهاب قائماً في مناطق سيطرة المسلحين، وطالما لم تتعهد المجموعات المنضمة إلى عملية استانة بمحاربة النصرة والقاعدة، فهذا يعني أن هذا السياق غير مكتمل ولم يبلغ أهدافه لأنه قام على أساس محاربة التنظيمات الإرهابية كهدف رئيسي.”
وعن التصريحات المهمة والقوية لرئيس وفد الحكومة السورية الدكتور بشار الجعفري وما اذا كانت رسالة الى المجتمع الدولي ام رداً على بيان المعارضة “الرياض 2″، يرى الباحث صالح بأن القضية مرتبطة بـ “الحسم والحزم أمام مماطلات وتفشيل معارضة الرياض لكل جهود التسوية في سوريا. فبيان “الرياض 2” اتى خارج المنطق والمعطيات الميدانية والمتغيرات الإقليمية، اذ كان المطلوب سلفاً نسف جولة “جنيف 8”. وبالتالي ما حدث في “جينف 8″، كان رسالة للمجتمع الدولي بأن الحكومة السورية تشارك في جولات جنيف من منطلق عدم تفويت أي فرصة للتسوية السياسية، وان الأولويات السورية هي لمكافحة الإرهاب والمشاركة بأي جهود دولية صديقة للتسوية السورية واقصد هنا سوتشي. فعقم مسار جنيف والفيتو الأميركي بالوكالة الذي مثله بيان “الرياض 2″، امر لم يعد مقبولاً ويفهم منه وجود محاولة أميركية لإطالة أمد احتلال قواتها لأجزاء من الاراضي السورية، وهو امر لن تقبل به دمشق.”
وعن اولويات مؤتمر “سوتشي”، يقول الباحث صالح “اعتقد أن أولوية الأولويات هو تحقيق اجماع وطني شامل على وحدة واستقلال وسيادة أراضي الجمهورية العربية السورية، في ظل وجود اكثر من مكون معارض يتماهى مع الأجندات الأميركية ويعمل لتنفيذها، لا سيما في الجنوب السوري، وهي مجموعات غرفة الموك، والشرق والشمال الشرقي السوريين، أي قوات “قسد” إضافة إلى ما يسمى بـ “قوات درع الفرات” التي تكرس احتلالاً تركياً ايضاً. واذا ما انطلق سوتشي، كما هو مقرر له نهاية كانون ثاني 2018، فإن أي تعطيل في جنيف سينعكس على الطرف المعطل فقط، لأن القطار سيكمل مساره في سوتشي.”
وعن مسألة الحسم الروسي في موضوع مصير الرئيس بشار الاسد وحضور وربطه بحضور مؤتمر “سوتشي”، يقول الباحث صالح “بكل تأكيد هذا شرط روسي -سوري له أسبابه. فالمطالبة برحيل الرئيس الأسد وحتى الحكومة هي شروط مسبقة تهدف إلى نسف مسعى سوتشي، كما جنيف، وهذا امر لن تسمح به روسيا بإعتبارها طرفاً منظماً وضامناً، والجميع تعلم الدرس من جنيف. ان أي شرط مسبق للحوار هو مرفوض لأنه ينسف مبدأ الحوار والمفاوضات سلفاً، هذا من جهة. من جهة أخرى، ان روسيا تتعامل مع سوريا من منطق دولة لدولة، فسوريا دولة ذات سيادة، لها دستور ساري المفعول ينص على مدة الولاية الرئاسية، وهو امر واضح لا يقبل النقاش.”
أما عن مسألة الإصلاحات الدستورية، يعتبر الباحث صالح بأنها “تحت الأصول الدستورية المتبعة. من هنا، ان “فلسفة” روسيا للحل تبدأ بتحقيق اجماع وطني حول وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها، وأولوية مكافحة الإرهاب، ومن ثم بحث العملية السياسية وفقاً للقرار “2254” والتي تتضمن حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات. كل المساعي دون ذلك، يمكن وضعها في خانة تعطيل مسارات التسوية، ومنها مطالب بيان “الرياض 2″ التي لا تعني سوى شيء واحد وهو التعطيل خدمة لأجندات واشنطن.”
مصدر الصور: الشرق الاوسط – روسيا اليوم