حوار: سمر رضوان
قرر الأردن حظر استيراد عشرات السلع السورية، وتم الطلب من القطاعين التجاري والصناعي عدم توريد أي من تلك السلع إلى الأسواق الأردنية. وبحسب القرار الذي أصدره وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني طارق الحموري، فقد شمل المنع سلعاً سورية مصنعة وذلك في إطار عملية تنظيم حركة التبادل التجاري بين البلدين.
عن تفاصيل هذا القرار وتداعياته على كلا الجانبين، سأل مركز “سيتا” الأستاذ طارق خوري، عضو مجلس النواب الأردني، عن هذا الموضوع.
قرار غير مدروس
لا أعتقد أن ذلك يسمى قانون “سيزر” لأن الذي حدث أن سوريا أوقفت استيراد بعض المواد لأسبابها الخاصة، كندرة العملة الصعبة والوضع الإقتصادي الصعب والحصار غير المباشر. فالغاية من وقف الإستيراد لعدد من السلع السورية هي عدم وجود مبرر لهذا الإستيراد، وبالتالي الحفاظ على سيولة النقد الأجنبي ضمن الدولة، إلى جانب موضوع الأسعار، إذ تم إيقاف إستيراد الأردن لبعض المواد من كل الدول التي يتعامل معها وليس فقط سوريا.
برأيي أن ردة فعل وزير الصناعة والتجارة الأردني كانت غير مبررة، فهو لم يتعامل مع سوريا على أنها دولة تتعرض لحرب لثمان سنوات ولديها ظروف إقتصادية صعبة، وعليها شبه حصار “بلطجة” وليس حصاراً رسمياً مطبقاً عليها. لذلك، أعتقد أنهم أساؤوا السلوك وتصرفوا بردة فعل غير منطقية وغير مدروسة، ولا تدل على الوعي القومي لما يحصل من حرب على سوريا.
إن تعرض الأردن لضغوطات من دول أجنبية، أو حتى من التجار، هو أمر وارد، إنما باعتقادي أن ردة الفعل الرسمية كانت غير مدروسة ولا تنم عن شخص ذي خبرة ومعرفة ومدرك لما يحدث، مع العلم أن والد الوزير من الناس الوطنيين الأحرار الذين مواقفهم مميزة ومتطورة دائماً.
ولكن للأسف، هذا ما قرره الوزير المختص، وإذا لم يكن القرار من دافع شخصي فهو، برأيي، تم تحت تأثير وضغط بعض التجار المنتفعين أو بعض الغرف التجارية والصناعية وبعض أعضاءها. أما إذا كان هذا القرار نتيجة ضغط من قبل السفير الأمريكي، كما فعل سابقاً، ولكن بشكل شخصي وغير رسمي.
“البديل” العراقي
إن السياسة الأمريكية، بالأخص تجاه سوريا، لم تنفذ بشكل أو بآخر، وأبرز الأمثلة على ذلك بان “الأردن الشعبي”، أكثر من الرسمي، هو الذي فرض بعض الأمور من فتح المعابر، والتنقل، وإنهاء بعض الأمور المعلقة حيث تم السعي بها من خلال “الدبلوماسية البرلمانية” الأردنية، والتي تابعتها لفترة.
بإعتقادي، من الصعب جداً أن يكون هناك ضغوطاً على الأردن لجهة الوضع السوري والدليل على ذلك بأن لا مصلحة للولايات المتحدة بفتح الحدود مع سوريا. فالولايات المتحدة وعلى لسان مسؤوليها وبالتحديد القائم بالأعمال، الذي كان موجوداً في الأردن، قال لي شخصياً خلال اجتماع في مجلس النواب، عندما قدمت احتجاجاً على موضوع وقف تصدير الغاز إلى سوريا، فقال لي “ها نحن فتحنا لكم العراق، الذي هو البديل المتميز”، إذ يعتقد الأمريكي بأن العراق في قبضته، وأنه يعوضنا عن السوق السورية بالعراقية.
فبالرغم من الضغط اليومي، استمر موضوع التنقل بين الدولتين، السورية والأردنية، ولم يستطع هذا الضغط إقفال الحدود مجدداً بالإتجاهين. برأيي، الضغط سيكون في بعض الإتجاهات التي تستجيب لها أو لا تستجيب.
من هنا، يمكن القول بأن الضغط الذي سيطبق لن يكون رسمياً، أي من قبل الحكومة التي لن تستطيع إذا ما أرادت الضغط بسبب الإرادة الشعبية الضخمة لجهة عودة العلاقات مع سوريا وكذلك العلاقة والعمق الإستراتيجي والمصاهرة الموجودة ما بين الدولتين. بالتالي، لن يكون الموضوع سهلاً، علماً أن تعويض أمريكا للأردن بالتقارب مع العراق، فيما يخص فتح الأسواق وتقديم التسهيلات، سيكون من دون جدوى، فهي ليست إلا أمور شكلية لرفع المعنويات والإظهار للناس أننا نعمل كحكومة أردنية على فتح الحدود العراقية بشكل مميز.
إكتفاء ذاتي
فيما يخص ارتفاع نسبة الطلب الأردنية على المنتجات السورية عن نسبة الطلب السورية على المنتجات الأردنية، فهذا أمر صحيح تماما. هنا، سأورد مثالاً. في حديث مع وزير الزراعة الأردني، قال لي إن سوريا كانت تستورد العديد من أصناف الخضار ولحد اللحظة لم تقم بأية عملية استيراد. هذا الحديث، نقلته إلى وزير الزراعة السوري، في آخر زيارة لي إلى دمشق، الذي قال لي أنه قبل الحرب “كان لدينا 10 آلاف بيت بلاستيكي وكنا نحتاج للخضراوات. لكن أثناء الحرب أصبح لدينا 140 ألف بيت بلاستيكي، وأصبح لدينا إكتفاء ذاتياً.”
ما أوردناه سابقاً هو مثال على أن سوريا أصبحت تمتلك بعض الخطوط الإنتاجية التي تؤمن لها نوعاً من الإكتفاء الذاتي، ومن ثم فهي ليست بحاجة إلى الإستيراد. أما فيما يخص الأردن، لقد كان هناك تفاؤل بأن فتح الأسواق السورية سينعش الوضع الإقتصادي، لكن الوضع الداخلي السوري ومسألة الحفاظ على النقد الأجنبي وحصر المستوردات على الأمور الرئيسية والمهمة كلها أثرت في وقف العديد من عمليات الإستيراد للأردن. ومن باب التماثل، هذا الأمر قام به العراق في السابق حيث منع استيراد العديد من البضائع بعد الحرب، وهذا أمر طبيعي في ظل حصار إقتصادي وندرة العملة الأجنبية.
الشعب غير معني
إن الهم الأكبر لدى “الأردن الشعبي” هو الإبقاء على الحدود الأردنية – السورية مفتوحة من أجل التنقل وحتى التبضع، الذي يوفر على المواطن الأردني الكثير بسبب فرق سعر العملة بين البلدين، إذ أن هناك ما نسبته 90% من الشعب الأردني يعاني من وضع اقتصادي غير مريح. وبالتالي، كثير من هذه الفئة يذهب إلى سوريا للتبضع وتأمين استهلاكه الشهري بشكل مناسب.
من هنا، يمكن القول بأن “الأردن الشعبي” غير مهتم أو مكترث كثيراً لموضوع الإستيراد والتصدير بين الدولتين، بل يبحث عن توفير لقمة عيشه، وهو غير معني بهذه الأمور بشكل عام لأنه لن يعود عليه بالنفع.
مصدر الصور: أرشيف سيتا.