حوار: سمر رضوان

شكّلت الأحداث الأخيرة التي شهدها الأردن مادة دسمة لوسائل الإعلام حول العالم، في حين أن العديد من المراقبين رأى أن ما تمت الإشارة إليه كان مغايراً لما حصل على أرض الواقع. يأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تقلبات كبيرة على أكثر من صعيد، بما فيها الأردن الذي يتأثر – كغيره من دول الشرق الأوسط – بمختلف القضايا التي تعصف بها.

عن الأوضاع الداخلية الأخيرة التي شهدتها عمّان وموقعها ضمن الأحداث والمتغيرات التي تشهدها المنطقة، سأل “مركز سيتا” الدكتور حسن الدعجه، أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة الحسين بن طلال – الأردن، عن تداعيات هذه الوقائع.

خلافات في الرأي

برأيي، إن الأحداث الأخيرة لا ترقى إلى مستوى إنقلاب لأن الأخير يحتاج إلى أدوات عسكرية، خصوصاً وأن جميع من ألقي القبض عليهم هم من الضبّاط المقاعدين أو ما شابه، بالإضافة إلى أن عددهم لم يتجاوز الـ 14 إلى 16 شخصاً، بحسب تصريح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي.

من هنا، يمكن القول بأن فشل هؤلاء كان حتمياً لكون الحكم الأردني – والهاشمي بالتحديد – محبوب من قِبل المواطنين، وهم متفقون على شرعيته. بالنسبة إلى ما حدث، تمت إحالة الموضوع بالكامل إلى القضاء الذي سيقول كلمة الفصل فيه، والجميع هنا لديه ثقة كبيرة بالقضاء الأردني ونزاهته، حيث سيقوم بتوضيح جميع الملابسات.

عوامل ضاغطة

تعتبر المنطقة الإقليمية – التي نعيش فيها – منطقة متحركة سياسياً، وفيها حروب أهلية وتجاذبات طائفية وعرقية ومذهبية؛ بالتالي، من المؤكد أن هناك انعكاس وتأثير على الوضع الأردني بالتأكيد. لكن باعتقادي، إن الدول بدأت تعد العدّة لمثل هذه التغيرات والتقلبات في السياسة الإقليمية، ومن المؤكد أيضاً أن الأردن بات يأخذ الحيطة والحذر خاصة في ظل وجود انعكاسات متعددة عليه، أبرزها تلك الأمنية والإجتماعية.

على سبيل المثال وعلى الصعيد الأمني، نرى بأن تنظيم “داعش” قام بتنفيذ عدة عمليات داخل الأردن. وعلى الصعيد الإجتماعي، توجد مسألة أساسية تكمن في قضية اللجوء، وتحديداً من سوريا، حيث يستضيف الأردن أكثر من 1.6 مليون لاجئ؛ منهم مسجلين كلاجئين، ومنهم من جاؤوا على سبيل الزيارة أو دخلوا بطرق قانونية أخرى؛ وبالتالي، ليسوا موجدين ضمن المخيمات المخصصة للاجئين.

محاولات فاشلة

اليوم، تبدو المرحلة دقيقة جداً خصوصاً مع مد العديد من الدول العربية اليد لإقامة علاقات مع إسرائيل، وهو ما أثّر على الأردن، الذي بات وضعه “حرجاً”. ما أعنيه هنا بعبارة “وضع حرج” هو الضائقة المالية والإقتصادية التي تعيشها البلاد، بحيث تم الضغط على عمّان من هذا الباب، لا سيما بما يخض المساعدات والتقديمات المالية التي كانت تصل إليها من بعض الدول. وأبرز أسباب هذا الضغط جاء نتيجة رفض الملك عبدالله الثاني لـ “صفقة القرن”، وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإقامة الوطن البديل.

كل ذلك أثر – ولا زال يؤثر – على الأردن. لكن ما استطيع تأكيده هنا أن المملكة صامدة بمؤسساتها الراسخة والصلبة وشعبها الواعي، مع وجود مفهوم مشترك بين كافة أطياف الشعب قوامه أن القضية الفلسطينية هي قضية الشعب الأردني بأكمله بما فيهم القيادة الهاشمية ذاتها؛ وبالتالي، لن تؤثر علينا هذه الضغوطات بإذن الله.

تحالف متين

تعتبر علاقة الأردن وطيدة وقوية جداً مع الولايات المتحدة وخصوصاً الإدارة الحالية، حيث تجمع علاقة شخصية وصداقة قوية وحميمة بين الرئيس جو بايدن والملك الأردني؛ وبالتالي، بدأت نظرة الإدارة الحالية تختلف عن سابقتها، أي إدارة الرئيس دونالد ترامب، ما يعني ذلك أن وضع الأردن بات أقوى من ذي قبل. هذا الأمر يعد “رسالة” ليست فقط لإسرائيل، بل للكثير من دول المنطقة، مفادها أن عليها القيام بمراجعة حساباتها باعتبار أن الأردن هو لاعب سياسي قوي جداً.

كل ما سبق، يؤكد على متانة وقوة العلاقة التاريخية بين كل من واشنطن وعمان، وهو ما سينعكس حتماً على تأكيد الإدارة الأمريكية لجهة دعم الأردن حُكماً وشعباً.

مصدر الصورة: موقع نبض.

موضوع ذا صلة: الكيلاني: “صفقة القرن” تضع الأردن بين فكي كماشة