المدير التنفيذي في مركز سيتا
إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين اللجنة الحكومية السورية والمسلحين في درعا البلد بمحافظة درعا جنوبي البلاد ينص على إقامة نقاط مشتركة بين القوات السورية والروسية، مع بدء تنفيذ اتفاق خروج المسلحين غير الراغبين في التسوية لخارج المنطقة، فهل سيصمد هذا الاتفاق أم سيكون كسابقه مهدد ومعرض للنقض بأية لحظة؟
قرار دولي
تمكن الجيش السوري من استعادة زمام الأمور في مواجهة الفصائل المسلحة، ومنذ ذلك الحين تمكن الجيش من استعادة السيطرة على نحو 70 بالمئة من البلاد، خاصة بعد العام 2015، عام التدخل الروسي الذي ساهم وساعد كثيراً بتخفيف حدة موجة الإرهاب الذي كان منتشراً بكثرة في سنوات سابقة، وفي العام 2018، استعاد الجيش السوري السيطرة على درعا في الجنوب السوري ذات الأهمية الاستراتيجية وتأتي أهميتها كونها تقع على الحدود مع كل من الأردن وفلسطين المحتلة، ومثلت ممراً للجماعات الإرهابية إلى سوريا، وبخاصة عناصر تنظيم النصرة، ومرتكز هام لقادة الإرهابيين من الأردن الذين اتخذوها منطلقاً إلى كافة المناطق السورية، بالإضافة إلى كونها بوابة العاصمة من الجهة الجنوبية، واعتُمدت للهجوم على مدينة دمشق في العام 2012. وفي نفس الوقت، تمتد أراضي حوران في ريفها الغربي، لتصل إلى أراضي الحمّة السورية المحتلة والجولان، ما يجعلها في أولويات الدول الإقليمية.
هذا الموقع الاستراتيجي كان سبباً في إشعال جبهة الجنوب السوري يعد هدوء لأكثر من ثلاث سنوات رغم أن هذه السنوات تخللت هجمات إرهابية متفاوتة بين اغتيالات واستهدافات لحواجز الجيش السوري، فكان لزاماً تأمين الجنوب السوري لجهة أنه مهم بالنسبة للدولة السورية، كذلك لا تريد إسرائيل أي تواجد قريب على حدودها خاصة التواجد الإيراني وعناصر حزب الله اللبناني، في وقت كانت قد ضمنت روسيا تأمين مسافة محددة لحليفتها إسرائيل، لكن يبدو أن الأحلام الإسرائيلية أكبر من ذلك بكثير.
رفع العلم السوري
بعد أكثر من شهر من عمليات أمنية واستهدافات وشهداء من الجانب السوري وتعنت الفصائل الإرهابية المسلحة، أبرم قادة عسكريون روس الاتفاق مع الجانب الآخر، لكن وبحسب وسائل إعلامية أن الفصائل الإرهابية اشترطت بعض الأمور مثل، الشرطة العسكرية الروسية هي التي ستنفذ الدوريات وتحرس نقاط التفتيش لمنع أي اقتراب لقوات إيرانية أو موالين لها، منعاً لأية عمليات انتقامية.
إلا أن هذه التصريحات مجافية للواقع، فكل الشهداء التي قضت هي من الجيش السوري وحاملة للجنسية السورية، وكل الحواجز الموجودة في المنطقة هي حواجز عسكرية سورية، إلا أن هذه التصريحات تثبت مرة جديدة أن كل حالة الفلتان والفوضى الحاصلة هي بأوامر خارجية وتحديداً إسرائيلية حيث تريد إبعاد إيران بأي طريقة وإخراجها من سوريا، لكن في ظل ولاء من يسمون أنفسهم معارضة سورية للخارج لا يمكن على الإطلاق التعويل عليهم من عودة بيع سوريا مجدداً وبأرخص الأثمان كما فعلوا في بداية ومنتصف الأزمة السورية.
إلا أن الحدث الأهم أن العلم السوري ارتفع في منصف درعا البلد التي كانت مهد الاحتجاجات في سوريا العام 2011، قبل تعم الاضطرابات أنحاء البلاد وتتفجر هذه الحرب الكونية
المفاوضات
قال مفاوضون إن الفصائل المسلحة في المنطقة بدأت بموجب الاتفاق تسليم الأسلحة الخفيفة، بناء على تطمينات بأن الشرطة العسكرية الروسية هي التي ستنفذ الدوريات وتحرس نقاط التفتيش، وقال الجيش السوري إن الاتفاق أعاد أخيراً سيطرة الدولة على منطقة لم تنعم بالأمن منذ فترة طويلة، إلا أن وفد المسلحين صرحوا بأنه يجب على روسيا أن تلتزم بتعهداتها الأخيرة لإنجاح الاتفاق، وفي هذا التصريح شيء من اللامنطق، إذ أنه دائماً وأبداً من ينقض الاتفاق هم الجماعات الإرهابية المسلحة ليس في درعا فقط، بل بعموم المناطق السوري التي أبرمت فيها اتفاقات وبخاصة اتفاق خفض التصعيد المبرم بين روسيا وتركيا في الشمال السوري، فقد سجل مركز المصالحة الروسي حتى الآن عشرات الخروقات التي تقوم بها جبهة النصرة ما يعني أن القارئ لتصريحات الوفد المفاوض يعتقد أن الخروقات تتم من جانب الجيش السوري وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق.
أخيراً، إن هذا الاتفاق إن نجح لا شك بأنه نقلة نوعية لسوريا خاصة من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية الأمنية أيضاً هذا الاتفاق مهم جداً لإنعاش الجنوب السوري، لكن من غير المؤكد إذا كانت الفصائل الإرهابية ستلتزم من جانبها بهذا الأمر، خاصة وأن جانب الفلتان الأمني لم يكن بقرار منها بل بموجب أوامر خارجية كما أشرنا أعلاه وتحديداً إسرائيل، لكن وبكل الحالات إنه نصر جديد يسجّل لسوريا سواء أعجب الغرب والمحور المعادي لدمشق أم لا.
مصدر الصور: سبوتنيك.
موضوع ذا صلة: ملامح نهاية اللعبة الروسية في سوريا