رنا العفيف*
إدانات دولية كبيرة لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بوقف تمويل منظمة الصحة العالمية في ظل جائحة “كورونا” الكبيرة، التي لم يسلم منها صغير ولا كبير بغض النظر عن العرق والجنس واللون. فيما يبدو، إستخدمت الولايات المتحدة قرارها “الجائر” كوسيلة للضغط على إخفاق إدارتها في احتواء تفشي الوباء بتجميد التمويل الأميركي للمنظمة، مكرسة بذلك ملامح السياسة الخارجية التي إتسمت بها على الدوام. والسؤال هنا: أين تكاتف المجتمع الدولي لوقف مفاعيل قرارات الرئيس ترامب قبل أن تدمر المنظمات الدولية كون ما يخفيه أعظم من خلال قراره غير الصائب؟
إن سياسة الآحادية القطبية، التي تمارسها الولايات المتحدة على شعوب العالم، خطيرة وكبيرة؛ فمنذ أن قادت العالم بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي، بدأت تمارس سياسة خارجية “متغطرسة” بحيث بدأت بإيجاد بؤر للتوتر هنا وهناك من دون الإكتراث إلى المعاهدات والإتفاقيات والمواثيق الدولية، والهدف من ذلك كان ضرب قواعد القانون الدولي والتوجه العالمي الوحدوي حيث كان آخرها إنسحابها من أتفاققية باريس للمناخ – 2016، والتي هي ثمرة جهود دولية عميقة ومشتركة.
الآن، سمعنا عن قرار الرئيس ترامب بتجميد التمويل للمنظمة. من هنا، يبقى التعويل على المجتمع الدولي بالإستيقاظ من سباته لأن سياسة العصيان والإستهتار، التي تتبعها الولايات المتحدة، ستضرب القانون الدولي وما يعنيه ذلك من تدمير للمنظمات الدولية، هذا من جاني. أما من جانب آخر، تهيمن واشنطن على المنظمات والوكالات الدولية، التابعة للأمم المتحدة، وتعمل على تدميرها في نفس التوقيت حيث لا تخدم مصالحها أو تخضع لإرادتها. والسؤال هنا: ما هي إنعكاسات هذا القرار على أداء مجلس الأمن والمنظمات الدولية؟
اليوم، يجب أن يكون هناك قرارات جماعية، لا فردية، فنحن نرى فشل بالتعاون الدولي في اتخاذ القرارات، خصوصاً في هذا الوقت تجاه “كورونا” أو حتى غيرها، وهذا بإعتقادي سيكون له تداعيات عالمية خطيرة. لذلك، على الكثير الدول العربية وضع خوفها جانباً، هذا الخوف الناتج عن سياسة “الإستثمار” في الإرهاب التي تتبعها واشنطن، لأن الخوف الأكبر والحقيقي الذي يهدد شعوب المنطقة قاطبة هو الإلتجاء إلى سياسة القوة بدلاً من تطبيق المعاهدات وقواعد القانون الدولي بحيث سيكون الجميع تحت “مقصلة” أحكام شريعة الغاب، والذي سينعكس على جوهر وقيم تلك القواعد التي يعتبر فيها الإنسان نقطة البيكار.
ختاماً، ما تريده الولايات المتحدة، عبر إستخفافها بالنصوص القانونية الدولية، هو إعادة جميع الدول إلى المربع الأول، أي ما قبل الحرب العالمية الثانية، لتحقيق أهدافها الخاصة على كافة الصُعد، خصوصاً الإقتصادية منها. وهنا سؤال أخير: هل ستضعف قرارات الرئيس الأميركي المنظمات العالمية؟ وما الهدف من عرقلة التعاون الدولي؟
*كاتبة سورية
مصدر الصورة: RFI.
موضوع ذا صلة: الجولة الأولى من الفوضى “ترامب ضد الاتحاد الأوروبي”