إن النقاشات حول العولمة حددت تعريفاً لها، حيث رأى البعض أنها ظاهرة اقتصادية بالكامل تقريباً، إذ أن الطبيعة المتغيرة للإنتاج أحد أكثر أبعاد العولمة الاقتصادية وضوحاً.

وإنتاج البضائع في اقتصاد اليوم المعولم يبدو مختلفاً تماماً مقارنةً بما كان عليه في بداية القرن العشرين، حيث كانت عدة دول في أمريكا الشمالية، وأوروبا، واليابان في آسيا تهمين على الإنتاج الصناعي، ذلك أن نمو وسائل النقل السريعة وخطوط الاتصال الأسرع كان يعني أن العديد من الشركات فتشت عن ترحيل لبعض العناصر الأكثر كلفة في عملية إنتاجها لبلدان أجور العمل فيها أقل بكثير.

كما أن إنتاج البضائع المصنعة أصبح أكثر تعقيداً أيضاً، ففي تصنيع الألبسة على سبيل المثال، هناك شبكات ضخمة من الشركات الصغيرة التي تنتج الملابس للشركات ذات الأسماء العالمية مثل (غاب أو ليفس وغيرهم) وغالباً ليس لدى هذه الشركات التجارية المعروفة أي فكرة حقيقية عن الأماكن التي تصنع فيها هذه الألبسة، كما أن قطاع صناعة الخدمات أصبح معولماً بشكل متزايد، إذ يوجد اليوم إمبراطوريات إعلامية عالمية ومراكز اتصالات تخدم الأسواق الأوروبية والأمريكية بالإضافة إلى شركات عالمية ضخمة للاستشارات الإدارية والتأمين والصيرفة.

وهنا عنصر هام في العملية يرتبط بالعولمة الاقتصادية ألا وهو نمو السوق المالية العالمية، حيث اكتسيت مصارف الاستثمار الكبيرة قوةً وتأثيراً على خلفية قدرتها على جني الأرباح الطائلة من تقلبات العملات، ولم تزد التقنيات الجديدة السرعة فحسب بل أيضاً جعلت التحويل الإلكتروني للأموال ممكناً، بالتالي يمكن للنقود أن تعبر العالم بمجرد الضغط على زر الحاسب، لذلك من الواضح أن التحويل الإلكتروني للمال هو في بعض الجوانب شيء جيد لأنه تقنية مفيدة ساهمت في جعل الحياة أسهل، رغم أن التدقيق السهل للأموال عبر حدود الدولة يمكن أن يكون له أيضاً عواقب مدمرة في أوقات الأزمات المالية.

وهذه هي أهمية الأسواق المالية العالمية اليوم من حيث أن انهيار عملة في جزء من العالم يمكن أن يؤثر على دول أخرى عبر العالم بموجات متعاقبة سريعة.

مصدر الصورة: وكالة أنباء البحرين.

موضوع ذا صلة: نشأة المنظمات غير الحكومية

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت