مركز سيتا

أتت زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى العاصمة الروسية – موسكو بعد إتمام التسوية في ملف الجنوب السوري بوساطة روسية، وبعد مداولات عديدة تتعلق بمد الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، لتخرج الكثير من المعطيات التي تقول إن لهذه الزيارة مدلولات خرجت عن إطار سوريا كتسوية سياسية ليرتبط بها الجانب الاقتصاي أيضاً.

توقيت الزيارة

اتسمت زيارة الرئيس الأسد بسرية تامة، إذ تفاجأ المتابعون بوصوله وإجراء محادثات امتدت لساعات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد أن إنهاء ملف الجنوب السوري بوساطة روسية، وهذا يعني أن مشروع الغاز المصري بات جاهزاً من الناحية اللوجستية بعيداً عن حسابات حصة سوريا منه. لكن هنا، تكمن إشارة واضحة تدل على أن الولايات المتحدة لو أرادت تعطيل هذا الأمر لاستطاعت، فهي التي سمحت بالالتفاف على نصوص “قانون قيصر” – لغايات في نفسها – بعد أن أخذت إحدى الجهات السياسية اللبنانية – وبالتحديد حزب الله – المبادرة نحو إيران طاقوياً، حيث دخلت الصهاريج المحملة بالمازوت، 16 سبتمبر/أيلول 2021، إلى لبنان عبر الأراضي السورية.

الأمر الآخر، توجد معلومات متقاطعة تتحدث عن نوايا أمريكية للانسحاب من سوريا قريباً، على غرار ما حدث في أفغانستان؛ رغم عدم وجود تأكيدات حول ذلك، لكن من المتوقع أن يحدث ذلك خصوصاً وأن المحادثات بدأت تتناول مصير الوجود التركي إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية – “قسد”، وحتى “مسد” أيضاً، حيت وصل وفد برئاسة إلهام أحمد إلى موسكو عقب زيارة الرئيس السوري، مع وجود انفتاح كردي بطلب منه للحوار مجدداً مع دمشق.

الوجود الإيراني

مما لا شك فيه أن روسيا تدير اللعبة جيداً في سوريا، وهي تعي تماماً أنها تستطع التخفيف من حدّة الظروف الاقتصادية التي تعيشها دمشق؛ لكن مع وجود مصالح مشتركة بين موسكو وتل أبيب، يمكن القول بأن هناك “قطبة مخفية” تمكن في الضغط على دمشق بطريقة غير مباشرة لجهة التواجد العسكري الإيراني في سوريا – وهذا الأمر محسوم بالنسبة لأخيرة – فيما تسعى موسكو للتخفيف من حدته جنوباً – على الأول – وذلك لطمأنة حليفتها إسرائيل، مقابل تقديم دعم معين يساعد في تجاوز سوريا للظروف الاقتصادية القاهرة التي تعاني منها.

من هنا، حملت الزيارة في طياتها الكثير من الإشارات بأن زمن التسويات قد حان وحان معه موعد القطاف، فقد تُقدم دمشق على تقديم بعض التنازلات مقابل حل ملفي الشرق والشمال مقابل إنهاء التواجد العسكري الدولي والإرهابي على أرضيها، إذ أن الاعتقاد المتداول عن تقديم القيادة السورية لتنازلات معين يبدو أمراً خاطئ خصوصاً وأنها استطاعت الصعود 10 أعوام؛ بالتالي، يمكن القول بأن سوريا لن تشكل ممراً لمساعدة أية دولة ما لم يتم التخفيف من الإجراءات المتبناة ضدها ولو بنسة معينة، إذ يبدو أن هذا ما يحدث فعلاً في إشارة إلى بعض الليونة التي ابدتها واشنطن مؤخراً.

ختاماً، من الواضح بأن التسوية السياسية المرتقبة لحل الأزمة السورية تتعلق بتوافق روسي – أمريكي في المقام الأول، يليه تقديم تطمينات للجانب الإسرائيلي عبر موسكو؛ حينها، يمكن القول إن التسوية باتت جاهزة، وأن الأوضاع أصبحت فعلاً في الربع ساعة الأخيرة.

مصدر الصورة: موسكو تايمز.

موضوع ذا صلة: كيف يجب أن يرد جو بايدن على إستراتيجية روسيا في الشرق الأوسط؟