تُعنى المنظمات الدولية منذ فترة طويلة بدور المنظمات ما بين الحكومية، حيث اُعتبرت هذه المنظمات المؤلفة من الدول جزءاً من حلبة السياسات الدولية أو “السياسات العليا”.
كما أن جذور المجادلات حول دور المنظمات ما بين الحكومية في السياسات الدولية تعود إلى مطلع القرن العشرين، وذلك في نظرية العلاقات الدولية عند المثاليين الذين رأوا دوراً محدداً لها ممثلاً في الحفاظ على علاقات سلمية بين الدول.
وأحد أشهر المفكرين المثالين هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، وودرو ويلسن، الذي طالب – بعد أن شهد مجزرة الحرب العالمية الأولى، – بإنشاء “عصبة الأمم” لتكون ضابطاً كابحاً لنيات الدول العدوانية وقواتها العسكرية، حيث ضم خطابه – الذي ألقاه في 8 يناير/كانون الثاني 1918، 14 نقطة تضمنت وجوب تشكيل جمعية عامة بمواثيق محددة بغرض توفير ضمانات متبادلة بخصوص الاستقلال السياسي ووحدة الأراضي الجغرافية للدول الكبيرة والصغيرى على حد سواء.
كما تضمن الخطاب، الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، وذلك لضمان اتخاذ اجراءات جماعية فعّالة لمنع واستئصال ما من شأنه تهديد السلام، ومنع الأعمال العدوانية المنتهكة للسلام، وإحداث ذلك بالطرق السلمية وفق مبادئ العدالة والقانون الدوليين لتسوية النزاعات الدولية التي قد تؤدي إلى انتهاك السلام.
لقد اعتقد ويلسن أن منظمة تمثل مصالح كل الدول ستعمل على تشريع الالتزام بالأمن الجماعي (دول تعمل سوية لضمان علاقات سلمية دولية)، وغالباً ما ينظر إلى عصبة الأمم على أنها إخفاق تام، نظراً لعجزها عن الوقوف ضد صعود الفاشية في ثلاثينيات القرن العشرين.
بالتالي، إن الالتزام بالمنظمات الدولية متعددة الأطراف تم تعزيزه بالمؤتمرات التاسيسية للأمم المتحدة، بداية من العام 1944، حيث تأسست الأمم المتحدة، رسمياً في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1945، بوصفها منظمة تساعد على حفظ السلام بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كما صيغ ميثاقها لتضم في عضويتها كل دول العالم.
من هنا، حدث التزام بفكرة تعددية الأطراف عبر عمل كل الدول معاً عبر منظمات دولية تلتزم بقوانين وقواعد السياسات الدولية للتوصل إلى حلول مشتركة. فلقد كانت تعددية الأطراف فكرة قوية ومؤثرة ومحورية لتأسيس كل من عصبة الأمم والأمم المتحدة.
مصدر الصورة: بريتانيكا.
موضوع ذا صلة: الحروب والدبلوماسية والقانون في العلاقات الدولية
مستشار قانوني – الكويت