تنطلق قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، في سوتشي وسط تغيرات تشهدها الساحة السورية بشكل عام وإدلب بشكل خاص، ما يجعلها على قائمة المباحثات المرتقبة بين الرئيسين قبل انطلاق الجولة الـ 6 من مباحثات جنيف بشأن صياغة الدستور السوري في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل (2021).
أزمة محتملة
صعّد الرئيس أردوغان مؤخراً، خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ضد روسيا عندما جاء على ذكر عدم أحقية روسيا في ضم شبه جزيرة القرم، في رسالة تحمل الكثير من الدلالات، لكن ما لبث أن جاء الرد الروسي مزلزلاً حيث أغار بأكثر من 20 غارة جوية على معاقل الفصائل الإرهابية المسلحة في الشمال السوري، بعد هذه التصريحات.
ولضمان التهدئة سارع الرئيس التركي إلى الحديث عن أحقية بلاده في إكمال صفقة “S-400” الروسية متحدياً بذلك إرادة الولايات المتحدة الأمريكية في رسالة تطمينية للروسي الذي يبدو أنه لم يعد يكترث للتصريحات والوعود أو الاتفاقات التركية خاصة وأن تركيا شهير بالالتفاف ونقض أي اتفاق لا يخدم مصالحها.
قمة مهمة
القمة من حيث الشكل مهمة، لكن من حيث المضمون إن لم تُترجم بتنفيذ عاجل لن تتهاون موسكو في مساعدة سوريا في معركة إدلب بالتعاون مع باقي الحلفاء خاصة بعدما تعرضت قاعدة حميميم بالأمس لقصف صاروخي، وإن كانت الجهة المنفذة هي الفصائل الإرهابية لكنها محسوبة على الطرف الضامن، أي تركيا.
بالتالي، وربطاً مع زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو مؤحراً، واستعادة السيطرة على مدينة درعا، تعلم أنقرة جيداً أن ادلب هي الوجهة المقبلة فإن لم يتم الحل سياسياً من المؤكد أن الميدان هو الفيصل، ولن يكون هذه المرة أي مجال لأي نوع من أنواع التهدئة.
ونستنتج مما سبق أن مؤشرات هذه القمة تبين أن روسيا ماضية في مخطط إحداث تسوية وحراك سياسي في المناطق المشتعلة مثل إدلب وعفرين بالشمال السوري، بهدف إعادة بناء الدولة السورية التي تضررت على مدار أكثر من 10 أعوام؛ بالتالي، يجب حل هذه المعضلة لأن موسكو نفسها تضررت وحان الوقت لقطاف نتائج هذا التدخل، فكل المشاريع معطلة إن لم يتم حسم ملف الشمال حالياً، يتم التركيز على ملف الشرق السوري لاحقاً.
إنعاش الاقتصاد
إن إنعاش الاقتصاد العالمي مرتبط بطريقة او أخرى بالملفات الساخنة في سوريا وليبيا واليمن حتى أحداث شرق السودان حالياً، وبمسيرة الانتخابات لبعض الدول كالعراق، فاليوم تعمل الإمارات – التي أطلقت أكثر من 50 مشروعاً استثمارياً بعد هبوط في أسعار النفط – إلى تصدُّر المشهد الإقليمي وربما الدولي لكن لتحقيق هذه الغاية تحتاج المنطقة إلى هدوء لنجاح هذه العملية، وربما تستغل روسيا أزمة الطاقة غير المسبوقة في أوروبا، وذلك بمدهم بما يلزم مقابل التخفيف من القيود السياسية الصارمة تجاه بعض الملفات وبالأخص سوريا، ليتأكد للغرب أن الحليف الأمريكي لم يجلب لهم سوى الأزمات، إن كان ما حدث مع فرنسا مؤخراً حول أزمة الغواصات، أو أزمة الطاقة الحالية التي تُعاني منها أغلب الدول الأوروبية.
هذه المستجدات على الساحة الدولية تفرض حلحلة بعض الملفات المعقدة، خاصة وأن قمة “كواد” الأخيرة أيضاً لم تدخر جهداً في مواجهة الصين، فضلاً عن اتهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بمنع دخول مفتشين إلى أماكن المفاعلات النووية، وهي ورقة ضغط أمريكية تمارسها في الخفاء لكسر طهران – التي كسرت الحصار المفروض على لبنان عبر سوريا بإرسالها ناقلات نفط مؤخراً، فضلاً عن اتفاق الشراكة بينها وبين فنزويلا حول النفط أيضاً.
من هنا، كل هذه العوامل، بدأت ترسم ملامح سياسة جديدة للمنطقة بعد فشل الولايات المتحدة في أكثر من ملف، فالجانب التركي بات يعي ذلك جيداً، ولن يستطيع الصمود إن تخلى عن كل هذه الدول في سبيل واشنطن، فإما يرضخ لما ستفرضه موسكو في القمة المرتقبة، أو بانتظاره سيناريو معركة ادلب، أواخر العام 2019.
مصدر الصورة: الديار.
موضوع ذا صلة: إدلب جديدة: الدور التركي في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي