مركز سيتا

منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي (2021)، يعيش السودان أزمة سياسية كبيرة، إثر قرارات قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، التي قال إنها “لتصحيح مسار الثورة”، أبرزها حلّ مجلسي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ، ثم شكّل لاحقاً مجلس سيادة من مدنيين وعسكريين.

ليكتمل المشهد القاتم للسودان، مع استقالة رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، لتكون بداية العام الجديد على السودان وتزيد الأمور تعقيدا بالدولة التي تشهد اضطرابات تفاقمت خلال الشهرين الماضيين.

خطوة متأخرة

إن استقالة حمدوك في ظل هذا التوقيت، لم تعد تشكل فارقاً لجهة ضبط الأوضاع المتردية، فقد رفضت القوى السياسية والشعبية الاتفاق الماضي الذي تم بين حمدوك والبرهان في 21 نوفبمر/ تشرين الثاني الماضي (2021)، ما عتبرته تلك القوى بأنه (اتفاق خيانة)، وأخرج رئيس الوزراء عن مبادئه بوضعه يده بيد من أوصل البلاد إلى ما تعيشه اليوم.

الشعب حدد مطالبه فهو يريد نقل السلطة إلى المدنيين ولا يريد الحكم العسكري، حتى فيما يتعلق بالأوضاع الأخرى كمحاسبة المسؤولين عن مقتل زهاء 40 متظاهراً في الفترة السابقة، ومسألة التردي الاقتصادي، ما يضع انقلاب البرهان على مفترق طرق، قد يوصل البلاد إلى مرحلة التدخل الدولي، وتقسيم المقسم في السودان، وهذا أمر بات متوقعاً في ظل الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد.

تفاقم الأوضاع

ربطاً مع أحداث السودان، استبعدت الولايات المتحدة اليوم إثيوبيا ومالي وغينيا من برنامج التفضيل التجاري أجوا بسبب الإجراءات التي اتخذتها حكوماتها والتي تمثل انتهاكاً لقانون “النمو والفرص في أفريقيا – أجوا”، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والانقلابات، ما يعني أن هذا السيناريو مرجح بما يتعلق بالخرطوم، في ظل لعب البرهان على أكثر من حبل، سواء مع روسيا أو مع الفرقاء الآخرين، لكن التقدير الحالي يشير إلى أن التوجه السوداني أمريكي بطبيعة الحال، وما يفسر ذلك، هو القبضة الأمنية الشديدة على المتظاهرين مؤخراً من قبل القوى الأمنية.

فالقارة السمراء تعاني اليوم من أوضاع كارثية وأغلبها مشاكل داخلية من الصومال إلى مالي وإثيوبيا وغينيا والسودان وليبيا، في ظاهرة تبدو أن مشروع الربيع العربي قد انتهى، والآن بداية الربيع الإفريقي.

سيناريوهات المرحلة

باستقالة حمدوك وقبوله الاتفاق السياسي مع المكون العسكري، رغم حسن نيته، فإنه خسر الشارع السوداني وتظاهر من أجل وقف اعتقاله، فقد خيّب أمله، فضلاً عن التداعيات الكبيرة لهذه الاستقالة، لأن الأزمة لا تتلخص به، بل بالانتقال السلس للسطلة، ما جعل الوضع أكثر هشاشة عما كان عليه في السابق.

زد على ذلك، سيتعين على البرهان تعيين رئيس جديد للحكومة وبالطبع من جسد المكون العسكري، بالتالي إحكام القبضة العسكرية على السلطة بكل مفاصلها، ما يعني أيضاً اشتداد القبضة الأمنية على المتظاهرين، فإما القبول بالأوضاع الحالية أو تحمل ما يمكن أن تؤول إليه مجريات الأحداث، فضلاً عن الذريعة الجاهزة للقوى الدولية بالتدخل المباشر بشؤون السودان السيادية، فقد دعا مكتب الخارجية الأميركية للشؤون الإفريقية، القادة السودانيين إلى “ضمان استمرار الحكم المدني وتعيين رئيس للوزراء تماشيا مع الوثيقة الدستورية”.

من هنا، إن تدمير السودان احتاج حوالى الشهرين فقط، لكن إعماره سيحتاج إلى سنوات، ولثبات المكون العسكري في اسئثاره بالسلطة، أماه سيناريوهات يقدم فيها تنازلات حتى يأخذ الدعم الغربي له، كإعلانه التطبيع مع إسرائيل وإدخالها في المجال الحيوي السوداني، وهذا أمر متوقع، لأن القوى التي يتمتع بها المكون هذا تبين أن ثمة ما هو متفق عليه تحت الطاولة، وإلى أن تحين تلك اللحظة، الأمور ستبقى فوضوية عنوانها الأبرز، قمع المظاهرات بالآلة العسكرية.

مصدر الصورة: فرانس 24.

موضوع ذا صلة: تطورات الوضع السوداني.. إلى أين؟