اعتبرت حركة “طالبان” الأفغانية، أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان بحلول سبتمبر/أيلول المقبل (2021) يعد “انتهاكاً واضحاً” لـ “اتفاق الدوحة” الذي يحدد موعد الانسحاب في مطلع مايو/أيار (2021).
مناورة أمريكية؟
سبق للرئيس الأمريكي، جو بايدن، الإعلان أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان غير ممكن لأسبابٍ لوجستية، التي تقدر بنحو 7 آلاف جندي. إلا أن الرئيس بايدن – منذ البداية – كان يتملص من تنفيذ بنود “اتفاق الدوحة”، إذ جاء تصريحه متزامناً مع الدعوة التركية لإجراء محادثات في اسطنبول تجمع الأفرقاء الأفغان، من 24 أبريل/نيسان ولغاية 4 مايو/أيار (2021)، أي بعد الموعد المتفق عليه في الاتفاق العام 2020.
من هنا، يأتي الإعلان التركي – بحسب الخارجية التركية – كتتمة لـ “اتفاق الدوحة”؛ لكن من يبحث في التوقيت، يجد أن هذا الموعد يشكّل عاملاً لشراء الوقت زيصب في صالح الولايات المتحدة – المتفقة مع تركيا على هذا الموضوع. فلقد أعلنت أنقرة عن تلك المحادثات من دون أن يُعرف ما إذا كانت حركة “طالبان” ستحضر أم لا خصوصاً بعد اعلانها رفض المقترح، في وقت هددت فيه باستئناف العمليات والضربات العسكرية ضد القوات الأمريكية في حال لم يتم الامتثال للموعد المحدد في الاتفاق.
ماذا يريد بايدن؟
تبدو الولايات المتحدة – في عهد الرئيس بايدن – مختلفة كلياً عما كانت عليه في عهد سلفه دونالد ترامب، الذي كان يملك نية حقيقية بسحب قواته من أفغانستان وحتى من العراق وسوريا. لكن وعلى ما يبدو، لدى الرئيس الأمريكي رؤيته الخاصة، حيث يشير العديد من المراقبين بأنه من “عشّاق” نظام الفدرلة لا بل هو من أقرها عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، حيث طرح تطبيق الفكرة في كل من العراق وأفغانستان؛ بحيث تقسّم الأولى إلى 3 مناطق، والثانية إلى منطقتين.
ومع وصوله إلى سدة الرئاسة، أعاد بايدن إحياء هذا المخطط مجدداً، ما يعني عدم سحب القوات الأمريكية من كابول مطلع سبتمبر/أيلول المقبل (2021)، وهو سيستتبع قيام “طالبان” – كما أعلنت – بتوجيه ضربات للقوات الموجودة هناك؛ بالتالي، العودة إلى المربع الأول، وهو ما سيتيح له التصرف – بحسب مخططه – لتحقيق أمرين؛ الأمر الأول، بقاء قواته في أفغانستان التي تعد نقطة استراتيجية هامة تمنع روسيا من القيام بأي تدخل مستقبلي في آسيا الوسطى، إضافة إلى قربها من إيران (شرقاً)، واشرافها أيضاً على العديد من المشاريع الصينية الموجودة هناك لا سيما خطوط “طريق الحرير” البرية التي تمر على مقربة منها.
والأمر الثاني، نسف “اتفاق الدوحة” وإعادة ادراج حركة “طالبان” على لائحة الإرهاب الدولي؛ وبالتالي، تقسيم أفغانستان.
أخيراً ومن خلال الأحداث، قد يبدو هذا الأمر مستبعد الحدوث في الوقت الحالي، لكن الوقائع والتصريحات الأخيرة تشير إلى امكانية تحقيقه في المستقبل القريب، وهذا يعني عودة السخونة على الجبهة الأفغانية مجدداً، وهو ما قد يصب في مصلحة الحلف الثلاثي (الصين – روسيا – إيران) من خلال الهجمات العسكرية التي ستستنزف القوات الأمريكية خصوصاً وأن روسيا، بالتحديد، لها خبرة قتال طويلة في أفغانستان وتضاريسها، ناهيك عن العلاقات الجيدة التي تنسجها إيران مع بعض القبائل الموجودة هناك وذلك بسبب تقاسم العرقيات معها، وأبرز دليل على ذلك الزيارة التي قام بها عدد من اعضاء الحركة إلى طهران أواخر يناير/كانون الثاني 2021.
تبقى الإشارة هنا إلى دور تركيا ومدى قدرتها على شراء الوقت لحليفتها واشنطن، خصوصاً وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد إما تجنّب المواجهة مع الرئيس بايدن (الذي وصفه بـ “المستبد”) أو “إهدائه” موقفاً يستطيع من خلاله تقليص المسافة معه. فإذا نجحت أنقرة بذلك، ستبقى الأمور معلقة حتى 11 سبتمبر/أيلول المقبل؛ وإن فشلت، ستذهب الأمور إلى الانهيار، وقد يكون هذا ما يريده يريده بايدن.
مصدر الصورة: العربية نت.
موضوع ذا صلة: فرصة إيران للعب دور في حل الأزمة الأفغانية