النيوليبرالية هي مجموعة من السياسات الاقتصادية التي أصبحت منتشرة كثيراً خلال آخر 25 عاماً الماضية. فعلى الرغم من ندرة سماع كلمة الليبرالية الجديدة بالولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه يمكن رؤية آثارها بشكل واضح في هذا البلد الذي يزداد فيه الأغنياء غنىً والفقراء فقراً.

هذه الظاهرة، تحكم معيشة البشر. فمنذ نهاية الحرب الباردة والنيوليبرالية هي الوجه الاقتصادي للإمبريالية الأميركية الجديدة. وليس أبلغ تعبيراً عن التلازم بين مذهب اقتصادي يُملي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تطبيقاته وقوة الولايات المتحدة العسكرية، من عبارات الصحفي توماس فريدمان “إنّ اليد الخفية للسوق تحتاج إلى القبضة الحديدية للبنتاغون الأميركي وهمبرغر وماكدونالد ليس بديلاً من منتجات ماك دوغال”، أكبر مصانع الأسلحة الأميركية.

الليبرالية الجديدة تعني الحديث عن نوع جديد من الليبرالية. فما هو النوع القديم؟  كانت المدرسة الليبرالية في الاقتصاد مشهورة في أوروبا عند آدم سميث، وهو خبير اقتصادي اسكتلندي، نشر كتاباً العام 1776 بعنوان “ثروة الأمم”، دعى فيه – وغيره – إلى إلغاء تدخل الحكومة في الشؤون الاقتصادية؛ لا قيود على التصنيع، لا حدود للتجارة، لا رسوم جمركية، وقال أن التجارة الحرة هي أفضل وسيلة لتطور اقتصاد أية أمة. هذه الأفكار “ليبرالية” لأنها تستبعد أية ضوابط، كما شجّعت هذه الممارسة الفردية المقاولة الحرة والمنافسة الحرة  التي جاءت لتعني “حرية أصحاب رؤوس الأموال في تحقيق أرباح طائلة” كما يرغبون.

سادت الليبرالية الاقتصادية في الولايات المتحدة منذ العام 1800 وبدايات العام 1900. ثم قاد “الكساد العظيم”، العام 1929 – 1930، خبيراً اقتصادياً يدعى جون ماينارد كينز إلى نظرية تحدت اعتبار الليبرالية أفضل سياسة للرأسماليين. وقال فيها – بشكل جوهري – إن العمالة الكاملة أمر ضروري للرأسمالية لكي تنمو ويمكن تحقيق ذلك فقط في حالة ما إذا تدخلت الحكومات والبنوك المركزية لزيادة فرص العمل. وقد كان لهذه الأفكار تأثير كبير على الخطة الجديدة للرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت، التي حسنت حياة الكثير من الناس، وأصبح الاعتقاد أن على الحكومة أن تقدم على الصالح العام يحظى بقبول واسع النطاق؛ بالتالي، يمكن القول بأن النيوليبرالية هي تحكّم آليات السوق في مصائر البشر، وفرْض الاقتصاد إرادته على المجتمع.

مصدر الصورة: Mint Press.

موضوع ذا صلة: الاشتراكية.. نظرية مساوة بعيدة عن الواقع

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت