في مقالاتٍ سابقة، قلنا إن إنهاء حصار غزة يتطلب جهداً كبيراً وإجراءات متفرقة، وأن إنهاء هذا الحصار لا يتم بعرض مآسي السكان أو مخالفات إسرائيل للقانون الدولي، وإنما يتم إنهاء الحصار بعدد من الإجراءات المحددة اقترحتُ بعضها، ونرجو أن يقترح غيرنا البعض الآخر.
وقد فكرت في 12 مقترحاً في هذا المجال، وهي على الشكل التالي:
1. إنشاء صندوق عربي لإنقاذ غزة يساهم فيه جميع العرب على امتداد المعمورة وكذلك الحكومات والشركات، ويجوز تزويد هذا الصندوق بالزكاة في جميع الدول الإسلامية، فسكان غزة لهم أولوية مطلقة نظراً لظروفهم وتوحّش إسرائيل ونخص في هذا المقام الفلسطينيين خارج فلسطين وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة.
2. تبرعات بعض الحكومات العربية والإسلامية واستثماراتها في غزة وخصوصاً في مجال إعادة الإعمار وبناء قاعدة إنتاجية تضمن تشغيل العاطلين.
3. أن تثير السلطة الفلسطينية مسألة الحصار في جامعة الدول العربية، وأن تصدر الجامعة مجموعة من القرارات وإنهاء الحصار على أساس قانوني وليس إنساني، ثم تتوجه المجموعة العربية والإسلامية في الأمم المتحدة إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن باستصدار مجموعة من القرارات في هذا الشأن بحيث يتكون لدينا تراكمات تصلح كأساس يتم تداوله لكسر صمت المجتمع الدولي على هذه الجريمة.
4. التوجه بخطابات محددة إلى سكان إسرائيل لإطلاعهم على أبعاد الجريمة التي ترتكبها حكوماتهم ورجال الدين الذين ينتسبون ظلماً وبهتاناً إلى التوراة وتراث أنبياء بني إسرائيل.
5. أن تبادر دولة عربية أو إسلامية أو أكثر بالمطالبة بعقد المؤتمر العام للجنة الدولية للصليب الأحمر لبحث التزامات السلطة المحتلة وكذلك التزامات الدول الأطراف الأخرى في اتفاقية جنيف الرابعة وكذلك الضغط على إسرائيل وهي طرف في هذه الاتفاقية لتنفيذ التزاماتها اتجاه غزة المحتلة.
6. إعداد حملة إعلامية رسمية وشعبية وإلكترونية طوال العام القادم للتوعية بالمأساة القانونية والإنسانية في غزة.
7. الاتفاق بين السعودية وإيران في إطار منظمة التعاون الإسلامي على العمل معاً لإنهاء الحصار ووقف العداء للمقاومة والتركيز على الجوانب الإنسانية في المأساة.
8. الضغط الدولي على إسرائيل لفتح المعابر الخمسة مع غزة، وكذلك فتح معبر رفح بشكل دائم.
9. إنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر وغزة يتاح فيها لغزة الحصول على احتياجاتها وكذلك فصل غزة اقتصادياً ونقدياً وحياتياً عن إسرائيل وإنشاء وحدة نقدية فلسطينية مستقلة.
10. أن تفكر المقاومة في إبرام هدنة طويلة الأجل مع الاحتلال بشرط توقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا لا ينال من المقاومة ما دامت متهمة بأنها السبب في تفاقم أوضاع غزة، وكذلك ما دامت المقاومة تقتصر في المرحلة الحالية على دفع العدوان أو الانتقام من هذا العدوان على غزة وليس تحرير الأرض من الاحتلال في هذه المرحلة.
11. إقناع السلطة وحماس بإخراج كل ما يتعلق بغزة من الصراع بينهما والاتفاق على إجراء انتخابات عامة حتى تطالب المجالس المنتخبة بعد ذلك بإنهاء الحصار.
12. إنشاء بنك للأفكار والمقترحات لتلقي المساهمات الفكرية المختلفة في تغذية حملة إنقاذ غزة.
تلك هي بعض المقترحات التي يجب دراستها وتطبيقها وتوليد قوة ضغط ووعي لدى جميع الشعوب لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتذكير بحصار غزة وآثاره المدمرة لعل العام 2022 يشهد معجزة إنهاء الحصار.
هذا هو المقال الرابع ضمن هذه الحملة، ونرجو أن تحرك هذه المقالات عزيمة المواقع العربية والإعلام العربي حتى يقوم بدوره في هذه الحملة والتي تبدأ في فلسطين ومن الفلسطينيين في الخارج، لأن إسرائيل زرعت شعوراً في فلسطين والمنطقة العربية بأن حصار غزة عقاب لأهلها الذين يتعايشون مع المقاومة المتعاونة مع إيران لتدمير إسرائيل.
كما زرعت إسرائيل أيضاً أن غزة – بانقلاب حركة “حماس” بها – تفصل الأراضي الفلسطينية عن بعضها بحيث صار العرب ينظرون إلى أهل غزة على أنهم يستحقون هذا العقاب. كما كرست إسرائيل مقولة أن غزة خارجة ومتمردة على حكم السلطة الوطنية الفلسطينية، وأن إسرائيل هي التي تريد توحيد الأراضي الفلسطينية والسكان تحت حكم السلطة. وفي هذا النطاق، ازدهرت أفكار التعاون بين السلطة وإسرائيل ضد غزة وتردد إسم محمد دحلان – المقيم في دولة الإمارات – كحاكم في غزة وربما رئيس للسلطة. وبالفعل، لاحظنا أن السلطة لم تكن متحمسة في كل مرة لإدانة عدوان إسرائيل، كما أنها لم تشر في الداخل أو في الخارج إلى حصار غزة بل إن السلطة فرضت على القطاع مجموعة من العقوبات، منذ العام 2007، فتضافرت عقوبات السلطة مع حصار إسرائيل الشامل لغزة على رسم خطوط المأساة.
وسوف نوالي نشر الأفكار المختلفة خلال هذا العام وذلك في إطار هذه الحملة التي أقترح أن تتخذ أشكالاً متعددة، ومنها أسبوع رفع الحصار في كل بلد عربي، وإجراء مناظرات مع أجهزة الإعلام العالمية والقيام بمظاهرات، واعتصامات أمام البرلمانات الأوروبية لتنبيه الرأي العام العالمي إلى هذه المأساة.
أخيراً، جدير بالذكر أن الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً ومقاطعة استيراد منتجات المستوطنين يمكن أن تضم في هذه الحملة فرعاً خاصاً بحصار غزة.
مصدر الصورة: العربي الجديد.
موضوع ذا صلة: العوامل السياسية المرتبطة بإعمار غزة.. سلام اقتصادي بديل عن السلام السياسي
د. عبدالله الأشعل
سفير سابق ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ محاضر في القانون الدولي – مصر