العرب هم أضعف الحلقات فى أقاليم العالم المختلفة رغم أنهم يملكون الثروات ولكن الغرب كان محتلاً لهم، ثم زرع إسرائيل وتحالف مع الحكام العرب وأوهمهم بأنهم فى دول ذات سيادة ومستقلة مع احتفاظه بنفوذه على قرارهم.
وعندما نشبت الحرب الباردة انقسم العرب بين موسكو وواشنطن وكانت علاقة الاستتباع أقرب من علاقات التحالف ثم عادت الولايات المتحدة كدولة عظمى وحيدة بعد أحداث 11 سبتمبر وبعد القضاء على الاتحاد السوفيتي فشددت قبضتها على العرب من باب خدمة إسرائيل حتى انهت الصراع العربي الإسرائيلي وحولته إلى مجرد نزاع فلسطينى إسرائيلي ومكنت إسرائيل من كل الدول العربية على خلفية قربها من واشنطن وتمكنت إسرائيل من اختراق العالم العربي وبددت العمل العربي المشترك حتى انقلب العرب إلى قبائل متناحرة كل يحارب لصالح طرف أجنبي فى غياب المصلحة العربية العليا.
فى هذه المراحل ظهر واضحاً الانفصال بين مصالح الأوطان العربية ومصالح النظم العربية وهو أمر مألوف حتى في النظم الديمقراطية. وفي الفترة الأخيرة حدثت تطورات عالمية قوامها الصدام الغربي مع روسيا في أوكرانيا ومع الصين في تايوان.
وكنت منذ فترة طويلة تصورت حلاً لأزمة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بعد فشل الثورات الشعبية وانقضاض القوى المستفيدة عليها بمساعدة أصحاب المصلحة في بقاء الحكام ورفض التغييروأولهم إسرائيل وواشنطن. يكون البديل لطرق التغيير ما دام التغيير مطلوبا وطريق الثورة فشل وتمسك الحاكم بالسلطة ودعمه المنتفعون من نظامه في الداخل والخارج، الطريق البديل هو إصلاح الحضن الشعبي حتى يكون صالحاً لاحتضان الحاكم العائد بعد إفلاته من هيمنة الخارج وإسرائيل عليه علماً بأن فساد الحضن الشعبي ناجم في جزء كبير منه عن تمسك الحاكم بالسلطة ودفاعه عن طريقته المثلى في الحكم وربما بضغط المنتفعون الذين يستفيدون من الوضع الراهن. وأرى أن الظروف العالمية التي تنطوي على تخفيف قبضة الغرب أو إعادة النظر في علاقة الغرب بالحاكم العربى لأن بعض ثرواته الشخصية تحت يد سلطات الدول الغربية. ولكن التحدى الحقيقى هو تطوير الغرب لوسائل السيطرة على الحاكم العربى بما يحقق أهداف الغرب. ولذلك أشك في أن واشنطن عاجزة عن منع السعودية من التقارب من إيرانوسوريا. صحيح أن هذا التقارب لن يصل إلى حد التحالف لدعم مقاومة إسرائيل الذي تتولاه إيران وحدها وسيظل الحكام العرب عقلاء في خطابهم السياسى تجاه فلسطين.
ثلاثة عوائق يحتمل أن تعوق خطة المصالحة التاريخية هي:
الأول: هو تطوير إسرائيل وواشنطن لوسائل شخصية مع الحاكم بحيث يظل خاضعاً لها رغم تراجع مكانتها على المستوى الدولي، مثل توريطه في علاقة مشبوهة أو الاستيلاء على أمواله الشخصية لديها أو اغتياله أورفع حمايتها عنه.
الثاني: أن الحاكم العربي يجد أن الوسط الشعبي قد استخف به وينطلق بعض السفهاء لتسفيهه والتشكيك أو النيل من امتيازاته.
الثالث: أن الحاكم العربي يواجه مشاكل مع أركان نظامه. وللحاكم العربي نظامان، نظام شخصي من المحيطين الأقرب له ونظام رسمي يضم شخصيات ظاهرة معلنة.
والخلاصة أن الأحداث الداخلية في إسرائيل وأمريكا واهتزاز العلاقات الأمريكية الأوروبية بالإضافة إلى تصعيد الغرب ضغوطه على روسيا ودفعها إلى الحائط، كل هذه التطورات تقدم فرصاً نادرة للعرب للتضامن وتفعيل الجامعة العربية ودخول العرب كتلة واحدة مع القوى الدولية الأخرى وكسب احترام العالم.
مصدر الصورة: تويتر.
إقرأ أيضاً: المقاومة ومعاهدات السلام العربية مع إسرائيل
السفير د. عبدالله الأشعل
سفير سابق ومساعد وزير الخارجية الأسبق / أستاذ محاضر في القانون الدولي والعلاقات الدولية – مصر.