تشهد فرنسا مظاهرات مستمرة تخللتها عمليات بوليسية زادت من تعقيد الوضع المتدهور بالأساس لأسباب كثيرة اهمها استفحال مشاهد التطرف البوليسي ضد الاجانب في فرنسا، وكذلك تنامي السياسة العنصرية فيها حيث اصبحت لها خطابات ممنهجة ضد الفرنسيين من أصول عربية وافريقية وضد المهاجرين عموماً.
على غرار خطاب اليمين المتطرف الذي يعد واجهة سياسية مليئة بالعدائية والأفكار غير الأخلاقية تجاه الانسانية، هذه الواجهة المتطرفة تحولت إلى حاضنة للفوضى الموقوتة لتفجير الوضع الاجتماعي الذي قد يفتح باب الحرب الاهلية في فرنسا، ليتكرس مشهد العنف فيها وليتزايد معه الانفلات الأمني بسبب تهور بعض عناصر الامن، المتبوع بتحرشات بوليسية تعكس تراجع حقوق الانسان في دولة تدعي انها بلاد الحريات.
لكن هذه المرة تراكم الاخطاء القاتلة من المنظومة البوليسية ترك تشوهات عنصرية داخل المجتمع الفرنسي، وآخرها مقتل شاب من اصول جزائرية لم يتجاوز عمره 17 سنة برصاص شرطي فرنسي دون ادنى تهديد يستدعي ذلك، ليتحرك الشارع بشكل كبير منددا بالحادثة وبما آلت له حقوق الجاليات العربية والافريقية.
ومن هنا سيتأكد للعالم ان مفهوم السيطرة على المجتمعات بدعم الفوضى الخلاقة وتقديمها كمخرج نحو الديمقراطية المعلبة والمسمومة لغاية ابتزاز الحكومات ونهب الثروات قد فضحتها الأحداث القمعية والتصرفات البوليسية في فرنسا وغيرها من الدول التي تزايد على غيرها باسم الحرية وحقوق الانسان.
وبما ان السحر قد انقلب على الساحر في فرنسا، فمن سيكتب التقارير الحقوقية ضد التجاوزات البوليسية في فرنسا؟ وهل ستتدخل المنظمات غير الحكومية كما عودت المجتمعات الاخرى بتقاريرها السلبية؟ ولماذا تسهل فرنسا لكل المظاهرات التي تنتقد البلدان العربية والافريقية في المقابل لا تتقبل مظاهرات نفس الجاليات حين تطالب بالمساواة والعدل والحقوق الأساسية داخل نفس المجتمع الذي طحنته التجاذبات العنصرية والاحقاد التاريخية خاصة عقلية المستعمر المستغل ناهب الثروات وسارق المجتمعات؟
مصدر الصورة: RPK.
إقرأ أيضاً: فرنسا تتجاوز مجلس الأمة من خلال إصلاح المعاشات
د. عمار إبراهيمية
كاتب وباحث – الجزائر